محاولا استغلال الخلافات بينهم.. نتنياهو ينتقل للهجوم على قادة المظاهرات

بن اليعزر: إسرائيل في أسوأ وضع طوارئ لها منذ سنة 1948

جانب من «ثورة الخيام» في بوبيفارد روتشيلد في تل أبيب أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي يتنبأ فيه الإسرائيليون باستمرار هبة الاحتجاج وزيادة زخمها، بدأ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وقادة حزبه الليكود حملة مضادة تتسم بمهاجمة قادة هذه الهبة وتشويه سمعتهم واستغلال أخطائهم وتأليب قيادة الجيش عليهم. وقد أثارت هذه الحملة استهجانا في وسائل الإعلام الإسرائيلية، ورأى البعض أن نتنياهو يرتكب حماقة عمره بهذا الهجوم. وحذره صديقه ووزير الدفاع الأسبق، بنيامين بن أليعازر، من «خطيئة السير وراء طريقة بشار الأسد».

وكان نتنياهو قد قرر التباطؤ في التجاوب مع مطالب المتظاهرين. ولم يعلن بعد عن أسماء اللجنة الوزارية للحوار معهم، واكتفى بالقول إن وزير المالية هو الذي سيرأسها، مما يعني أنه لا يريد محاورتهم. وهاجم ما يقوله بعضهم إن بالإمكان تقليص ميزانية الجيش، وأنبهم قائلا: «لا تقتربوا من الأمن، فأنتم لا تعرفون شيئا عن التحديات التي نخوضها»، وهو ما اعتبر محاولة لتأليب قيادة الجيش على المتظاهرين. وراح وزراء ونواب آخرون من الليكود يهاجمون هؤلاء الشباب ويصفونهم بأنهم «أولاد النراجيل والسوشي» و«الفوضويون اليساريون». وجاءت هذه الحملة لتنسجم مع الهجوم الذي يشنه على المتظاهرين، قادة المستوطنات في الضفة الغربية، الذين اعتبروا الهبة الشعبية «خدعة من اليسار الذي يمول هذا النشاط ويستهدف به دق أسافين بين المستوطنين والشعب». ورأوا أن المطلب المتصاعد من خيام الاعتصام بأن يتم تقليص ميزانيات المستوطنات وتحويلها إلى ميزانيات الخدمات الاجتماعية والرفاه، «دليل على أن هذه الهبة من صناعة أجنبية»، كما جاء في تصريحات رئيس مجلس المستوطنات في منطقة نابلس، جرشون مسيكا.

وحذر الوزير السابق وعضو الكنيست عن حزب العمل، بنيامين بن أليعزر، من هذه اللهجة قائلا إنها تسير في نفس طريق الرئيس السوري، بشار الأسد، الذي اختار مهاجمة المتظاهرين ضده. وقال: «في الوقت الحاضر لا نرى عنفا في المظاهرات في إسرائيل، ولكنني لا أستبعد ذلك مستقبلا. فمهاجمة المتظاهرين ومناصبتهم العداء على هذا النحو، قد يؤدي إلى أمور لم نتخيل مثلها طيلة 63 سنة».

وحذر بن أليعزر من أن الاحتجاجات في إسرائيل ضد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ستشكل مع اندلاع احتجاجات فلسطينية متوقعة عقب اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية بالأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) القادم، حالة الطوارئ الأكثر تعقيدا منذ قيام إسرائيل في عام 1948. وأوضح بن أليعزر كلامه بالقول: إن «الاحتجاجات الاجتماعية ما زالت في بدايتها فقط، وهي من دون شك متأثرة بموجة الاحتجاجات الكبرى في العالم العربي. وفي سبتمبر ستنفجر احتجاجات لم نشهد مثيلا لها في أماكن وجود الفلسطينيين في كل مكان، وخصوصا في الضفة الغربية وقطاع غزة والدول المجاورة، فطاقات الفلسطينيين لم تتحرر بعد، وهي في الطريق. وقد لا يكونون الوحيدين وينضم إليهم آخرون في العالم العربي».

ووافق بن أليعزر على ما يقال من أن المحتجين الذين نصبوا «مدن الخيام» في المدن الإسرائيلية احتجاجا على أزمة السكن «هم نخب دولة إسرائيل وليسوا من الفقراء». وقال: «لكن هذا ليس عيبا. فهم أولئك الذين يعملون ويدفعون الضرائب للدولة وهم الذين يتجندون لجيش الاحتياط ويدافعون عن الدولة في الحروب. عمليا عليهم تقع أعباء الخدمة (العسكرية)، وأعباء العمل والعطاء والضرائب، وهذا هو الجمهور الذي يدفع الثمن الأغلى، وإذا اضطروا للقتال غدا، فإن ثمة علاقة بين طول نفس هذا الشعب ومناعته الوطنية، ولذلك فإن وصول هذه الشريحة إلى هذا المستوى من الغضب يعتبر أمرا خطيرا يهدد بالانهيار التام لحصانتنا القومية».

ودعا بن أليعازر صديقه نتنياهو أن يتعامل بالجدية والاحترام مع قادة المتظاهرين ولا يسلم الموضوع لوزراء وموظفين صغار. وقال له ناصحا: «لن ينتج شيء عن إقامة اللجان. عليك أن تأخذ الأمور بين يديك، أدر الأمور وحدك مثلما فعل (رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق) رابين في عام 1992... عندما أصدر أمرا بتجميد البناء في المناطق (الفلسطينية المحتلة)، ونقل ميزانية مقدارها مليار شيقل (260 مليون دولار في حينه) من المستوطنات إلى داخل البلاد وعندها ركز على البناء للأزواج الشابة والبنى التحتية». وأكد أن «المليارات تذهب إلى المستوطنات ولا تزال تذهب إلى هناك، وإذا لم يوقفوا هذا الأمر على الأقل حتى يتم التوصل إلى تسوية بيننا وبين الفلسطينيين فإنه ستحدث كارثة هنا». كما دعا إلى تقليص ميزانية الأمن إلى جانب تجميد البناء بالمستوطنات، مشيرا إلى أنه «توجد علاقة متبادلة بين المناعة الوطنية والقدرة على إعالة بيتك، وقد خرجنا دائما إلى الحروب عندما كنا نعرف أن البيت جيد، لكن الوضع اليوم ليس على هذا النحو. فالجيش الإسرائيلي قوي ولا توجد لدي مشكلة مع الجيش، لكنه سيضطر إلى الوقوف أمام اختبار، بينما الوضع الاقتصادي كما هو الآن».