تقرير أميركي يحذر من قتال عربي ـ كردي بعد الانسحاب الأميركي

اتفاق المالكي وبارزاني على تشكيل قوات مشتركة ينتهي بنهاية العام

TT

يعتقد القادة العسكريون الأميركيون أن الخلافات طويلة الأمد بين العرب والأكراد في شمال العراق سوف تؤدي إلى اندلاع أعمال عنف في حال مغادرة جميع القوات الأميركية للعراق بحلول الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، كما هو مخطط له، حسب ما أعلنته إحدى الدراسات الصادرة مؤخرا عن مؤسسة «راند» للأبحاث.

وأضافت الدراسة، التي يتم تمويلها من قبل وزارة الدفاع الأميركية: «بدون دور فعال من جانب الولايات المتحدة الأميركية – وربما حتى مع وجود هذا الدور، مع الوضع في الاعتبار وجود الوقت الكافي – سوف يكون هناك نزاع بين العرب والأكراد في نهاية المطاف وهو ما سيؤدي إلى اندلاع أعمال العنف، الذي سيؤدي بدوره إلى تدهور أو انهيار الآلية الموجودة». وخلصت الدراسة في جزء منها إلى أنه «ما لم ينجح الساسة (العراقيون) في التصدي للتحديات الاستراتيجية التي تزعزع استقرار المنطقة، فستكون هناك حاجة لوجود الجيش الأميركي في شمال العراق لمنع هذا الانهيار».

ووفقا للدراسة، فإن الصراعات التي تقسم العرب والأكراد والتركمان وغيرهم من السكان في شمال العراق تعكس التحديات السياسية المعقدة والمثيرة للجدل التي يواجهها العراق. وتنطوي هذه التحديات على وجود خلافات حول حدود المحافظات التي تعود لنظام الديكتاتور صدام حسين عندما حاول إخضاع المعارضة الكردية من خلال إسكان العرب في هذه المناطق. وقد تعقد الوضع الراهن مع عودة الأكراد مرة أخرى إلى المنطقة بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003.

وهناك أيضا أسئلة كثيرة حول الوضع في مدينة كركوك، حيث كان من المفترض أن يتم إجراء إحصاء رسمي لسكانها حتى يتم تحديد من يمكنه الإدلاء بصوته في استفتاء على مستقبل المدينة، ويتساءل العرب والتركمان حول مشاركة الأكراد الذين وصلوا حديثا للمدينة، ولم تحل هذه القضية حتى الآن.

وتشير الدراسة إلى أن هذه المدينة تحظى بأهمية كبيرة حيث إنها تحتوي على أكبر حقول النفط في المنطقة، وهو ما يجعلها أحد الأصول المربحة للغاية. وبما أن قضايا الحدود لا تزال قائمة، فهناك خلاف حول ما إذا كان النفط المستخرج من هذه الحقول يأتي ضمن اختصاص الحكومة الكردية الإقليمية أم الحكومة المركزية في بغداد.

وربما يكون الشيء الأكثر أهمية اليوم هو مسألة الأمن في المنطقة، وهناك أيضا ما أشارت إليه الدراسة على أنه القضايا «التي تفاقمت بسبب وجود مؤسسات أمنية عراقية كردية موازية». ومن الجدير بالذكر أن الحزبين السياسيين الكرديين لديهما أجهزة الجيش والشرطة والاستخبارات الخاصة بهما، كما أن جنودهما - الذين يشار إليهم باسم قوات البيشمركة وإن كانوا يخضعون ظاهريا لسيطرة الحكومة الكردية - هم في الواقع تابعون للأحزاب السياسية المنفصلة.

ويعترض العرب والتركمان ومجموعات أخرى على محاولة الجنود الأكراد توفير الأمن في المناطق الخاصة بهم. وعلى الرغم من وجود بعض المحاولات التي تهدف إلى دمج قوات البيشمركة في الجيش العراقي - تم دمج نحو 30 ألف جندي - لا يزال الأكراد يحتفظون بجنود آخرين كميليشيات دائمة.

والشيء الذي يربط الأمور ببعضها هو وجود سلسلة من تدابير بناء الثقة التي تقاوم حدوث انهيار لأن مشاركة القوات الأميركية تعد أمرا حيويا في كل مستوى تقريبا، وفقا للدراسة. وبناء على طلب مشترك من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومسعود بارزاني، رئيس المنطقة الكردية شبه المستقلة، تم تشكيل ما يسمى بالتدابير الأميركية العربية الكردية في عام 2009 بهدف توفير الأمن في المنطقة و«إطلاق عملية تقوم بموجبها قوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة ببناء الثقة على مستوى العمليات في المواقع موضع الخلاف».

على سبيل المثال، يعمل المدربون العسكريون الأميركيون مع القوات العراقية والكردية في المنطقة، وتشارك القوات الأميركية في دوريات مشتركة بين الأكراد والعراقيين ونقاط التفتيش في أكثر ثلاث مدن توترا وهي نينوى وكركوك وديالي. وتعتبر القوة الكردية العراقية الأميركية والمعروفة باسم «الأسود الذهبية» واحدة من وحدات النخبة، كما أن أعضاءها لديهم الشارات الخاصة بهم ويقيمون في نفس المقرات ويقومون بعلميات مشتركة. وقال السفير الأميركي لدى العراق جيمس جيفري للكونغرس في فبراير (شباط) الماضي إن القوة كانت «أداة تكتيكية ناجحة للغاية ومهمة في هذا المجال لقمع أعمال العنف أو النزاعات المحتملة».

وبالإضافة إلى القلق الأميركي، فإن الاتفاق الذي مدته عامان بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وبارزاني والذي أدى إلى تشكيل قوة مشتركة سوف ينتهي في شهر ديسمبر (كانون الأول). ومع احتمال عدم وجود جنود أميركيين على الساحة ليكونوا بمثابة حكام، تشير الدراسة إلى وجود شكوك في أن التوسع وربما حتى الاستمرار في البرنامج المشترك سيكون «خيارا قابلا للتطبيق».

* خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»