حضور مفاجئ للنائبة المصابة غيفوردز عزز إنقاذ خطة الدين

ظهورها بعد أشهر على تعرضها لمحاولة اغتيال غلب روح الوحدة على مزاج الانقسام في الكونغرس

غبريال غيفوردز أثناء حضورها المفاجئ إلى الكونغرس مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

في آخر دقيقتين، ومع الحاجة لنحو عشرين صوتا لتمرير مشروع قانون يهدف إلى رفع سقف الدين، دوى التصفيق فجأة من إحدى جنبات قاعة مجلس النواب الأميركي. ثم بعدها بثوان من الارتباك، بدت سترة لامعة وسط عدد كبير من الديمقراطيين، وكانت هذه السترة لعضو مجلس النواب عن أريزونا، غبريال غيفوردز، التي ظهرت بشكل غير متوقع، مساء أول من أمس، للإدلاء بصوتها على مشروع القانون.

كان هناك تصفيق حاد في جميع أنحاء الغرفة، بينما قام النائب كيفن مكارثي (كاليفورنيا) بتحويل نظره من لوحة التصويت إلى غيفوردز، التي حضرت المجلس للمرة الأولى منذ إصابتها بجروح بالغة أثناء تعرضها لمحاولة اغتيال في يناير (كانون الثاني) في مدينة توسون بأريزونا. وبينما كانت غيفوردز تسير نحو مقعدها لتتلقى الأحضان والقبلات من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، بدا المشهد الحزبي الطويل والمرير الذي اجتاح البلاد يتلاشى. بدا وسط المشهد وميض أمل بعد التعنت الآيديولوجي، وهو الأمر الذي كانت غيفوردز ترفض تحمله كمشرعة.

«يبدو مبنى الكابيتول أكثر جمالا هذه الليلة، ويشرفني أن أكون في العمل هذه الليلة»، كان هذا هو نص الرسالة التي نشرتها غيفوردز على موقع «تويتر». وكانت لوحة التصويت، التي ظلت متوقفة لدقائق قليلة عند 200 صوت، قد ارتفعت فجأة وبسرعة إلى 216 صوتا، وهو عدد الأصوات الذي كان مطلوبا لتمرير مشروع القانون حتى يتم تفادي وقوع كارثة اقتصادية.

وقالت النائبة ديبي واسرمان شولتز (فلوريدا)، وهي صديقة مقربة لغيفوردز، إن غيفوردز كانت تتابع المناقشة بشأن الديون من منزلها وقالت لزوجها، مارك كيلي الذي يعمل في البحرية الأميركية، إنها تريد أن تكون في الكابيتول إذا كانت هناك حاجة إلى صوتها. وقالت شولتز إنه لم تكن هناك حاجة لصوت غيفوردز، ولكن في العديد من المحادثات التي أجريت مساء الأحد، أصبح واضحا أن غيفوردز أرادت أن تأتي إلى المجلس على أي حال. وفي الصباح، ذهبت مع زوجها، وهو رجل فضاء، والذي كان يخطط بالفعل للقيام برحلة إلى واشنطن. وقالت شولتز: «لقد قررت الذهاب حتى ولو لم يكن صوتها مؤثرا، فمن المهم لناخبيها أن يروها هناك وهي تصوت. أرادت أن تدلي بصوتها وستصوت بنعم».

وصلت غيفوردز إلى واشنطن قبل وقت قصير من بدء التصويت، ولم يكن يعلم بوجودها سوى عدد قليل من قادة الكونغرس. وقد أشادت زعيمة الأقلية الديمقراطية نانسي بيلوسي، بعودة غيفوردز وقالت: «لا يوجد من هو أفضل منها للتعبير عن المزيد من الحب والإعجاب والاحترام. شكرا لك غبريال». وقامت غيفوردز بتحريك فمها ببطء وكأنها كانت تريد أن تتكلم وكانت أقل ثباتا على الأرض. كانت ترتدي نظارة طبية ولديها شعر بني قصير (كان شعرها أصفر اللون قبل إطلاق النار على رأسها أثناء محاولة الاغتيال)، لكن ابتسامتها ظلت كما هي من دون أي تغيير. وقال النائب ستيني هوير (مريلاند): «ابتسمت لي وقالت: أنا أحبك. ما زال لديها طريق طويل تسير فيه، ولكن من الواضح أنها قد وصلت للقمة من حيث فهمها للأمور».

وقد جاء ظهورها الدراماتيكي بعد يوم بدا فيه الجمهوريون في البداية على ثقة بأن الأمور تسير على ما يرام، ولكن في نحو الساعة الخامسة مساء بدأت الأمور تتحول نحو القتامة بالنسبة لهم، حيث بدأ أعضاء لجنة الخدمات المسلحة، الخائفون من أن يؤدي مشروع القانون إلى تخفيضات في الإنفاق العسكري، في الإشارة بشكل مباشر إلى أنهم لا يستطيعون تأييد مشروع القانون. وقام النائب الجمهوري بوبي شيلينغ (إيلينوي)، بإجراء مكالمة سريعة مع زوجته قبل أن يتوجه إلى المجلس للاستماع إلى آخر ساعة من النقاش الدائر حول مشروع القانون، على أمل أن يقنعه شخص ما في القاعة بكيفية التصويت. وكان شيلينغ، وهو عضو في لجنة الخدمات المسلحة وكان مترددا حتى اللحظة الأخيرة هل يصوت بنعم أو بلا، واحدا من بين عشرات المشاكل التي تواجه فريق الجمهوريين. وكان شيلينغ قد أعد رسميا بيانا يظهر انخفاضا في عدد برامج قاذفات القنابل وغيرها من برامج الأسلحة على مدى السنوات الأخيرة، وقال إن التخفيضات المقترحة للجيش إذا فشلت لجنة جديدة للكونغرس في التوصل إلى خطة لخفض العجز «يخيفني حقا. إننا على الحافة الآن، ويمكننا أن ندافع عن أنفسنا بالكاد». ومع ذلك، أيد شيلينغ مشروع القانون في الأخير.

وحتى يتم إقرار مشروع القانون، قام كل من مكارثي والنائب أريك كانتور (فرجينيا) وزعيم الأغلبية الجمهورية، باستخدام كل الوسائل الممكنة بدءا من الهواتف وحتى السير في الممرات وبين مقاعد الأعضاء. وقال شيلينغ: «الغريب أنهم جميعا كانوا يجلسون هنا، ثم ركضوا مرة أخرى إلى الخلف للتأثير على النواب، وكان من الأفضل لي أن أختبئ».

وقد أثمرت معظم الجهود المبذولة لحشد الأصوات. وقال مكارثي، الذي حصل على أول تقرير له في نحو الساعة الثانية مساء: «دائما ما تكون هناك نهاية للأمر». ويبدو أن العجز الأولي كان قادما من الجمهوريين الذين كانوا يشعرون بالخوف ليس فقط من التوقيع على حل وسط مع الديمقراطيين، حسب ما صرح به مكارثي، ولكن أيضا من أن يكونوا هم أكثر المساندين لمشروع قانون رفع سقف الدين. وخلال الساعات الثلاث التالية، تم تقسيم قائمة بأسماء الأعضاء الذين لم يتخذوا قرارا بعد بالتصويت بنعم أو بلا بين كل من مكارثي وكانتور والنائب بيتر روسكام من ولاية إيلينوي، الذين عزلوا أنفسهم في مكتب كانتور. لقد كانوا يعلمون أنه هناك مجال لارتكاب الأخطاء، ولكن لم يكونوا متأكدين من عدد هذه الأخطاء. وقال مكارثي: «كنا نحاول أن ندفع عملية التصويت». وحتى رئيس المجلس، جون بونير، أدلى بصوته.

وقد انتظر عدد كبير من الديمقراطيين حتى نهاية جلسة التصويت التي استمرت 15 دقيقة، على أمل تشجيع أكبر عدد ممكن من الجمهوريين، وكانت علامات المفاجأة واضحة على وجه مكارثي، الذي وضع يده على شعره ومسح عينيه ووجهه بينما كان يسير بشكل دائري في الجانب المخصص للجمهوريين في القاعة. وعندما دخلت غيفوردز القاعة، سمع مكارثي وغيره ممن حوله شائعة مفادها أن الرئيس باراك أوباما قد جاء إلى المجلس، لكنهم اكتشفوا بعد ثوان أن غيفوردز هي التي حضرت.

* خدمة «نيويورك تايمز»