دعوات بوتين للاندماج لا تجد صدى لدى جيران روسيا

بيلاروسيا تعتبر سيادتها «مقدسة» .. وأوسيتيا الجنوبية لا تريد «تبعية»

بوتين خلال ترؤسه اجتماعا حكوميا في موسكو أمس (أ.ب)
TT

تلقت كل من بيلاروسيا وأوسيتيا الجنوبية (التي أعلنت انفصالها عن جورجيا)، بفتور تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أول من أمس ودعا فيها إلى الاندماج مع روسيا ضمن دولة واحدة على غرار الاتحاد السوفياتي.

وأعلنت وزارة خارجية بيلاروسيا أن لا تعليق لديها حول الموضوع، بينما يعد الرئيس ألكسندر لوكاشنكو من أشد المدافعين عن استقلال بلاده. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أندري سافينخ، أحد المتحدثين باسم وزارة خارجية بيلاروسيا، قوله إن «لوكاشنكو قال بوضوح إن السيادة الوطنية مقدسة لدى سكان بيلاروسيا وهي ليست موضوع تفاوض».

وكان بوتين رد على سؤال لأحد المشاركين في منتدى للشباب المؤيدين للسلطة حول إمكانية إقامة دولة تضم الدولتين كما كان الأمر «خلال وجود الاتحاد السوفياتي»، بقوله: «هذا ممكن ومرغوب جدا فيه، ويعتمد بشكل أساسي على رغبة شعب بيلاروسيا». وأدلى بوتين بتصريحات مشابهة حول أوسيتيا الجنوبية الواقعة في شمال جورجيا التي اعترفت روسيا باستقلالها إثر حرب خاطفة في 2008. واعتبر نائب رئيس البرلمان الجورجي ميخائيل ماتشافرياني أن تصريحات بوتين تظهر أن «هدف روسيا هو ضم الأراضي الجورجية». وحتى أوسيتيا الجنوبية التي لا يتعدى سكانها الخمسين ألف نسمة، لم ترحب بتصريحات بوتين. وصرح سفير أوسيتيا الجنوبية في موسكو في مقابلة مع إذاعة «صدى موسكو» بأن «شعبنا اختار الاستقلال في استفتاء في 2006، ولا خطط لدينا لنصبح تابعين لفيدرالية روسية». إلا أنه أشار إلى أن بلاده مستعدة لتقارب مع موسكو في إطار الاتحاد بين روسيا وبيلاروسيا، وهو عبارة عن تحالف سياسي اقتصادي لم تتضح أطره بعد.

ويرى مراقبون من روسيا وبيلاروسيا أن تصريحات بوتين موجهة أساسا للرأي العام الداخلي وتهدف إلى تلبية التطلعات التوسعية للعديد من الروس بينما تدخل البلاد مرحلة انتخابية. وستشهد بيلاروسيا انتخابات تشريعية في ديسمبر (كانون الأول) 2011 ورئاسية في مارس (آذار) 2012.

وصرح المعارض البيلاروسي أناتولي لبيديكو بأن «التصريح موجه إلى الروس الذين يشعرون بالحنين إلى الماضي» السوفياتي، مضيفا أن «هناك حملة انتخابية في روسيا». وأظهر استطلاع للرأي أجري في يونيو (حزيران) الماضي في بيلاروسيا أن استفتاء بشأن الاندماج مع روسيا كشف عن تأييد 31.4% من الأصوات للفكرة مقابل 47.8%.

واعتبر خبير السياسة الروسي ستانسلاف بلكوفسكي أن دعوة بوتين عبارة عن مناورة سياسية. وقال «لا يوجد مضمون سياسي جدي في تصريحات» رئيس الوزراء الروسي. وأضاف أن «بوتين ليس صادقا أبدا»، معتبرا أن هذا الأخير لا يرغب فعلا في الاندماج مع بيلاروسيا.

وتقيم روسيا علاقات وثيقة لكنها معقدة مع حليفها لوكاشنكو. وهي سارعت في يونيو الماضي لصرف ثلاثة مليارات دولار لمساعدة بيلاروسيا على الخروج من أزمة اقتصادية إلا أن روسيا تريد أيضا الحصول على أفضل الأصول في بيلاروسيا، خصوصا أن الدول الغربية فرضت عقوبات على مينسك بسبب قمعها المعارضة التي أودع عدد كبير من قادتها في السجن منذ الانتخابات الرئاسية في ديسمبر (كانون الأول).