المستشار أحمد رفعت.. يحكم في قضيته الأخيرة

قاضي محاكمة مبارك.. صاحب أحكام رادعة

القاضي أحمد رفعت (أ.ب)
TT

«أنا أحكم من خلال الأسانيد والأوراق والبراهين.. والرأي العام لن يعفيني عند مقابلة رب كريم»، هكذا أعلن المستشار أحمد فهمي رفعت القاضي المكلف بمحاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

كان القاضي رفعت يحلم بدخول كلية الحقوق ليحقق عدالة الدفاع عن المظلومين، ووجد نفسه أخيرا وجها لوجه أمام الرئيس السابق، في واقعة استثنائية يسطرها التاريخ المصري لأول مرة، ليجد اليوم أكبر فرصة ليحقق ما كان يحلم به دائما من تحقيق العدالة لكثير من المصريين.

ويقول كثير من المصريين إنهم عاشوا ثلاثين عاما من الظلم ويريدون القصاص لآلاف الشهداء والمصابين الذين سقطوا في ثورة 25 يناير التي أسقطت مبارك.

ويبدو أن عائلة رفعت على موعد دائم مع الإنجازات، فوالد رفعت من أوائل المهندسين المصريين الذين عملوا في بناء السد العالي، لم يكن يتوقع أن يكون أبنه أحد الذين ينتظر الجميع قراره بشأن رجال نظام مبارك ورمزية جلوس مبارك نفسه في قفص الاتهام ليس فقط بما يحمله من معاني الانتهاء الفعلي لنظام حكم مبارك، ولكن أيضا ما يحمله من معاني أن تكون بدايات ترسيخ لدولة القانون في مصر بعد الثورة بمحاكمة الرئيس السابق.

تاريخ رفعت الذي سيبلغ من العمر سبعين عاما في 17 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل متعدد ومتنوع، فقد أشرف على العديد من الأحكام وحكم في العديد من القضايا التي شغلت الرأي العام المصري طويلا، والتي كان أهمها قضية التنظيم القطبي والتي اتهم فيها قيادات كبرى بجماعة الإخوان من بينهم محمود عزت وعصام العريان. وأكد رفعت في هذه القضية عدم إمكانية إثبات ارتكاب المتهمين لأي جريمة، مما أغضب السلطات الأمنية منه حينذاك حيث أصدر حكمه بإخلاء سبيل 16 من المتهمين في تلك القضية.

رفعت، المتخصص في قضايا الأموال العامة، والذي ينظر قضية التربح واستغلال النفوذ التي يواجهها مبارك، كان قد نظر العديد من قضايا الأموال العامة في السابق وكان أهمها قضية «بنك مصر إكستريور»، المتهم فيها عبد الله طايل، الرئيس السابق لمجلس إدارة البنك، و18 آخرون من كبار موظفي البنك ورجال الأعمال ممن قاموا بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام وغسل الأموال والتزوير، وأصدر رفعت بحقهم أحكاما مشددة على المتهمين في هذه القضية.

ويبدو أن أحكام رفعت كلها من هذا القبيل فأحكامه في قضية الآثار الكبرى وصلت إلى المؤبد وهي القضية التي اعتبرها البعض من أكبر قضايا تهريب الآثار في مصر لما شهدته من تغطية إعلامية مكثفة، بالإضافة إلى العدد الضخم من قطع الآثار المضبوطة والأسماء الشهيرة التي تورطت في هذه القضية والتي كان المتهم الرئيسي فيها هو أحد أعضاء مجلس الشعب عن الوطني المنحل.

القاضي رفعت معروف بمواقفه الصلبة أيضا وعدم انتمائه لأي تيارات سياسية مما زاد مواقفه صلابة فتنحى عن التحقيق مع المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي، نائبي رئيس محكمة النقض، بعد أن أحالهما وزير العدل في نظام مبارك ممدوح مرعي للتحقيق بعد أن أكدا على تزوير الانتخابات البرلمانية في 2005.

وعلى الرغم من مواقفه العديدة وارتباط اسمه بقضايا شائكة فإن رفعت ليس وجها إعلاميا أو معروفا في الأوساط الإعلامية مما جعل الكثيرين يخلطون بينه وبين كل من المستشار أحمد رفعت النجار صاحب حكم أول درجة ببراءة ممدوح إسماعيل في قضية غرق العبارة المصرية السلام 98، وكذلك بينه وبين المستشار أحمد رفعت خفاجي، رئيس محكمة القيم ونائب رئيس محكمة النقض الأسبق.

إلا أن رفعت ابن منطقة الحلمية الجديدة بالقاهرة يبدو عليه الحزم والصرامة. وقال إنه «لن يتحدث للإعلام وعلى الجميع أن يتابع ما سيحدث في جلسات المحاكمة». ربما ظهر حزم وصرامة رفعت أثناء الجلسة الأولى أمس بإصراره على الالتزام بالانضباط والهدوء في القاعة من جانب الجميع ومنعه إدخال الحضور أي نوع من أنواع الكاميرات أو الهواتف المحمولة أو أجهزة الصوت أو التسجيل للقاعة..

وتعد هذه القضية آخر قضايا رفعت التي ينظرها، قبل أن يترك ساحة القضاء لبلوغه السن القانونية للتقاعد عن العمل.