البيت الأبيض: سوريا ستكون أفضل من دون الأسد.. والشعب السوري سيحدد مستقبل بلاده

كلينتون تبحث مع المعارضة السورية في «المرحلة الانتقالية» وتحضها على «توحيد جهودها»

تشييع في دوما بريف دمشق أمس يتحول الى تظاهرة تدعو لرحيل الأسد، في صورة مأخوذة من موقع أوغاريت
TT

شدد البيت الأبيض، أمس، من موقفه ضد الرئيس السوري، بشار الأسد، ونظامه، معتبرا أن سوريا ستكون في حال أفضل من دون الرئيس السوري. وقال الناطق باسم البيت الأبيض، جاي كارني، أمس، إن «سوريا ستكون مكانا أفضل من دون الرئيس السوري»، مضيفا: «نحن نراه مصدر عدم استقرار في سوريا».

وعلى الرغم من أن البيت الأبيض امتنع حتى الآن عن تكرار عبارة «عليه أن يرحل»، مثلما فعلت مع الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، والعقيد الليبي، معمر القذافي، فإن تصريحات كارني الجديدة تعتبر الأشد.

وردا على سؤال حول التعامل الأميركي مع التطورات في سوريا، خلال مؤتمر صحافي، أمس، قال كارني: «نحن ننظر إلى طرق لزيادة الضغوط»، على النظام السوري.

واعتبر أن «الوحشية الشنيعة ضد الشعب، التي تظهر في الصور التي تخرج من سوريا تظهر طبيعة هذا النظام مجددا». وأضاف أن «تصرفات الرئيس السوري ونظامه تضمن بأنه سيُترك في الماضي، بينما الشعب السوري الشجاع سيحدد مستقبل سوريا».

من ناحية أخرى أكدت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أن الولايات المتحدة تدعم طموحات الشعب السوري الساعي إلى «الانتقال إلى الديمقراطية»، مكررة موقفها العلني بأن ليس لدى الولايات المتحدة مصلحة في بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وقالت كلينتون في بيان صدر مساء أول من أمس، بعد لقائها مع عدد من الناشطين السوريين في الولايات المتحدة، إنها التقت بالمجموعة لـ«التعبير عن تعاطفنا الكبير مع جميع الضحايا السوريين من جراء انتهاك نظام الأسد لـ(حقوق) مواطنيه». وأضافت أن «الولايات المتحدة ستواصل دعمها للشعب السوري في جهودهم لبدء انتقال سلمي ومنتظم إلى الديمقراطية في سوريا وتحقيق طموحاتهم»، مؤكدة: «ليس لدينا أي شيء مستثمر في نظام عليه أن يقتل ويعتقل ويعذب شعبه كي يبقى في السلطة».

وحمل بيان كلينتون ملامح دعم واضحة للمعارضة السورية، حيث قالت إن «الناشطين أكدوا رؤية المعارضة الداخلية لخطة انتقال لسوريا شاملة والتعددية في سوريا جديدة ومتحدة مع حكومة تنصاع لسيادة القانون وتحترم كليا مساواة كل السوريين بغض النظر عن الطائفة أو العرق أو الجنس». وشددت كلينتون على أهمية تعاون الناشطين والمعارضين السوريين في الخارج مع الحركة الشعبية داخل سوريا من أجل «رؤية متحدة».

وبحثت كلينتون مع الوفد السوري، المؤلف من 6 معارضين هم: رضوان زيادة، المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، ومحمد العبد الله، ومرح البقاعي، بالإضافة إلى 3 شخصيات رفضوا ذكر أسمائهم لمخاوف أمنية، «المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام»، وتحدثت عن ضرورة قيام المعارضة بـ«توحيد جهودها»، معتبرة أن «تفرقها لا يساعدها كثيرا في الوصول إلى الهدف»، كما أثارت معهم «المخاوف من الخلافات الإثنية وتأثير ذلك على مستقبل سوريا».

ونقل المعارضون الذين التقوا كلينتون، عنها وعدها بدراسة «تطوير العقوبات على النظام السوري، بحيث تشله اقتصاديا وتمنعه من تمويل عمليات القتل»، وقالوا لـ«الشرق الأوسط» إن كلينتون أكدت أن واشنطن «تبحث جديا تمديد عقوباتها لتطال قطاع النفط السوري».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» وصف رضوان زيادة اللقاء مع كلينتون بأنه كان «جيدا وجديا للغاية»، مشيرا إلى أن مدة اللقاء المقررة كانت 45 دقيقة، لكن كلينتون بقيت مع الوفد لأكثر من ساعة. وأوضح زيادة أن «الاهتمام البالغ الذي أولته الإدارة الأميركية للقاء يتبدى من خلال حجم المشاركة في اللقاء، بحيث كان هناك عدد كبير من مساعدي كلينتون معها خلال اللقاء».

وقال زيادة إن «كلينتون كانت مستمعة جيدة، وحرصت على متابعة أدق التفاصيل، وعلى أن تدون الملاحظات بنفسها».

وكشف أن وزيرة الخارجية الأميركية بحثت مع المعارضين في «المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام (السوري) ودور المعارضة في هذه المرحلة والجهود التي تقوم بها من أجل تجميع جهودها». كما أثارت كلينتون «العلاقة بين الإثنيات» في سوريا، فأكد لها الوفد أن المعارضة «عابرة للطوائف، وأن هناك قتلى مسيحيين وعلويين سقطوا على يد النظام، مما يثبت أن الأمر ليس طائفيا، وأن المجازر ترتكب بحق الشعب السوري بكل طوائفه».

من جهته، قال الناشط السوري المعارض محمد العبد الله، إن دعوة الرئيس الأميركي بشار الأسد إلى التنحي عن السلطة سيدفع عددا أكبر من المحتجين إلى النزول إلى الشارع. أما المعارضة مرح البقاعي فقالت إن الولايات المتحدة حثت المعارضة السورية على بلورة برنامجها بنفسها.

وجاء لقاء كلينتون في وقت تزداد التساؤلات الأميركية حول طبيعة المعارضة السورية وإمكانية ظهور حركة معارضة متحدة ومتلائمة مع المتطلبات الشعبية السورية. كما أن هناك خشية في الولايات المتحدة من ظهور جناح إسلامي سياسي يعارض المصالح الأميركية في المنطقة، وهي قضية يتم بحثها في واشنطن في ما يخص الحركات المعارضة العربية بشكل عام، وبخاصة في سوريا.

وهذه من بين القضايا التي يبحثها السفير الأميركي في دمشق، روبرت فورد، في واشنطن في زيارة عمل هذا الأسبوع. ووصل فورد يوم الأحد الماضي إلى واشنطن لإجراء مشاورات مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ووزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، بالإضافة إلى حضور جلسة الاستماع في الكونغرس، أول من أمس. ومن اللافت، أن خلال شهادته، لم يعتبر فورد أن الشعب السوري يريد إسقاط نظام الأسد، بل قال: «إنهم يطالبون ببساطة بأن تحترم الحكومة حقوق الإنسان البسيطة المحددة في ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي وقعته سوريا، يريدون أن تحترم حكومتهم حقوق التعبير والتجمع والحكم العادل والحرية من المخاوف والاحتياجات التي سببتها عقود من الفساد وعدم الكفاءة والوحشية».

وفي وقت أكد فورد أهمية عزل نظام الأسد، طرح 3 سيناتورات أميركيين مشروع قرار لعقوبات جديدة ضد سوريا تطالب الرئيس الأميركي بإصدار قرار يمنع سوريا من التواصل مع النظام المالي الأميركية، بالإضافة إلى منع الشركات الأميركية من الاستثمار في قطاع سوريا النفطي أو قيام أي أعمال تجارية مع قطاع النفط. وقدم السيناتور المستقل جوزيف ليبرمان، والسيناتور الجمهوري مارك كيرك، والسيناتورة الديمقراطية كريستين غيليبراند، مشروع القرار، أول من أمس، ولكن عبر فورد عن معارضته لمثل هذه العقوبات الواسعة النطاق على الاقتصاد السوري، مذكرا في جلسة الاستماع بأن الشركات الأوروبية هي الأكثر تأثيرا في قطاع النفط والغاز السوري. ويذكر أن الشركات الأجنبية في سوريا المستثمرة في قطاع النفط مثل «توتال» و«شيل» هي شركات أوروبية. وقال فورد إن عقوبات أميركية أحادية الجانب «من المرجح أنه لن تكون لديها تأثير كبير.. الشركات الكبرى في قطاع الطاقة السورية هي من أوروبا أو من دول جوار سوريا».

وعلى الرغم من تصريح فورد، فإن الإدارة الأميركية تنظر في عقوبات جديدة ضد النظام السوري من المتوقع أن تصدر خلال الأيام المقبلة.