10 اتهامات لمبارك بقتل المتظاهرين.. و11 بالفساد المالي

الأولى تصل عقوبتها للإعدام.. والسجن المشدد للثانية

لقطة عامة لقاعة محاكمة مبارك بأكاديمية الشرطة بالقاهرة أمس (أ.ب)
TT

بدا واضحا وجليا أن النيابة العامة المصرية أثناء سردها لائحة الاتهامات الموجهة إلى الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، ورجل الأعمال حسين سالم (هارب)، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، و6 من كبار معاونيه ومساعديه، تشير إلى بنود ومواد قانونية في قانون العقوبات تتعلق بجرائم ارتكبها المتهمون. ورغم أن النيابة أشارت إلى تلك الجرائم في أمر الإحالة (موجز الاتهامات المسندة إلى كل متهم) وطالبت بتوقيع أقصى العقوبة المقررة قانونا في ضوء تلك الاتهامات، فإن طبيعة العقوبات التي نص عليها القانون في شأن تلك الاتهامات لا تزال ضبابية.

النيابة العامة وجهت للرئيس المصري السابق مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وقيادات الداخلية الستة الذين يحاكمون معهم، 10 اتهامات تتعلق جميعها بالاشتراك والتحريض على ارتكاب جريمة قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير، عمدا مع سبق الإصرار.. والتسهيل للغير (ضباط الشرطة الذين اضطلعوا بإطلاق الذخيرة الحية صوب المتظاهرين) استخدام السلاح والذخيرة الحية بالمخالفة للقواعد المقررة في شأن استخدام تلك الأسلحة.

ويشير قانون العقوبات إلى أن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار تكون عقوبتها الإعدام.. فضلا عن أن العقوبة ذاتها تطال الذين شاركوا في ارتكاب الجريمة ووقوعها بطرق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة، أو بالسجن المؤبد طبقا للسلطة التقديرية للقاضي الجنائي في شأن ملابسات وقوع الجريمة وظروفها.

وفي هذا الصدد، أبدت مصادر قضائية، طلبت عدم ذكر اسمها، تخوفا من وجود ثغرة قانونية ضمن لائحة الاتهامات ضد مبارك والمتعلقة بإصداره الأوامر والتحريض على قتل المتظاهرين، موضحة وجود إشكالية في شأن الأحكام المزمع صدورها عن محاكم جنايات متعددة على مستوى الجمهورية، والتي تباشر منذ عدة أشهر محاكمة مجموعات من ضباط الشرطة بتهم قتل المتظاهرين بوصفهم الفاعل الأصلي والمباشر للجريمة، وذلك باحتمالية أن يقضى ببراءة بعض هؤلاء الضباط مما هو منسوب إليهم، على نحو يوجب على المحكمة القضاء ببراءة الشركاء.

وأشارت المصادر إلى أن تضارب الأحكام (باعتبار أن جميع قضايا قتل الثوار يتصل بعضها ببعض بصورة أو بأخرى) قد يثير «اللغط القانوني» بين ما يصدر من حكم (بالبراءة أو الإدانة) بحق الفاعل الأصلي، وحكم آخر يتناقض معه يصدر بحق الشريك والمحرض، على نحو سيؤثر في مصير مبارك والعادلي ومعاونيه وطبيعة الأحكام التي ستصدر بحقهما.

وقالت المصادر إن إثبات أن مبارك أصدر تعليمات واضحة بقتل المتظاهرين «أمر ليس بالسهل» في ضوء التوقعات بأن دفاع مبارك سيلقي باللائمة على حبيب العادلي وحده في هذا الشأن.

وذكرت المصادر أن المخرج القانوني لهذه المعضلة يتمثل في تعديل قيد ووصف القضية (طبيعة الاتهامات المسندة في أمر الإحالة) بحيث يصبح مبارك فاعلا أصليا لجريمة قتل المتظاهرين بدلا من الاتهامات الحالية المسندة إليه بكونه شريكا بالتحريض.. وذلك بامتناعه - إبان اضطلاعه بمهام رئاسة الدولة - عن إصدار الأوامر الصريحة والمباشرة للقيادات الأمنية بالتوقف عن قتل المواطنين.

وأضافت أن مبارك في ضوء الالتزامات الدستورية والقانونية كان مسؤولا بصفة رسمية عن حماية المواطنين المصريين والسهر على راحتهم وأمنهم، وأن جرائم القتل التي جرت على مرأى ومسمع من الجميع وسجلتها وسائل الإعلام كافة بالصوت والصورة، فضلا عن أن التقارير الرسمية التي كانت ترفع إليه من جهات رسمية متعددة، كانت تشير إلى أن تلك الجرائم تتم بصورة ممنهجة ومنظمة من جانب جهاز الشرطة، مما يجعل مبارك فاعلا أصليا للجريمة (بالسلب) حيث إنه علم بها ولم يضطلع بمهامه الدستورية والقانونية بإصدار أوامر بإيقافها وتقديم مرتكبيها للمحاكمة.

وبشأن جرائم المال العام والعدوان عليه والإضرار العمدي به، فقد أسندت النيابة العامة إلى مبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم 11 اتهاما تصل العقوبة القصوى فيها - طبقا لقانون العقوبات – إلى السجن المؤبد والسجن المشدد، وذلك في ما يتعلق بالموظف العمومي (في إشارة إلى منصب رئيس الجمهورية) الذي يطلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته.. وهو ما يعد معه مرتشيا، حيث يتهم مبارك بأنه قبل وأخذ لنفسه ولنجليه علاء وجمال مبارك عطايا ومنافع عبارة عن قصر على مساحة كبيرة و4 فيلات وملحقاتها بمدينة شرم الشيخ تصل قيمتها إلى 40 مليون جنيه نظير استغلال النفوذ الرئاسي بتمكين حسين سالم من تملك مساحات من الأراضي بلغت 4 ملايين من الأمتار المملوكة للدولة بمحافظة جنوب سيناء بالمناطق الأكثر تميزا في مدينة شرم الشيخ السياحية بأسعار زهيدة، وأيضا تمكين سالم من أرباح مالية بغير حق تزيد على ملياري دولار بمنحه وحده حق تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار متدنية أقل من تكلفة إنتاجه وبالمخالفة للقواعد القانونية واجبة التطبيق.

وتضمنت لائحة الاتهامات ما يتعلق بعقاب الراشي والوسيط بالعقوبة ذاتها المقررة للمرتشي، ومصادرة أموال الرشوة. وتنص بنود القانون على عقوبات إضافية بالسجن والغرامة في شأن إلحاق الضرر بالمال العام وإساءة استعمال السلطة، علاوة على الحرمان من مزاولة المهنة والنشاط الاقتصادي الذي وقعت الجريمة بمناسبته.

ويشير تعدد الاتهامات وتنوعها إلى احتمالية أن تتعدد العقوبات - حال الإدانة - بحق مبارك، فتصدر بحقه عقوبة في شأن قتل المتظاهرين.. وعقوبات أخرى في شأن جرائم الإضرار بالمال العام، والرشوة، واستغلال النفوذ، وتربيح الغير دون وجه حق.