سياسيون مصريون لـ«الشرق الأوسط»: بعض مرشحي الرئاسة سيعيدون النظر في قرارهم بعد محاكمة مبارك

قالوا إن مشاهدة الملايين لوقائعها بثت الطمأنينة في نفوسهم

أيمن نور وسعد الكتاتني وعصام شيحة
TT

اتفقت ردود فعل معظم القوى السياسية المصرية في تفاؤلها بعد بث أولى جلسات المحاكمة العلنية للرئيس السابق ونجليه ووزير داخليته وعدد من أبرز مساعديه في ما هو منسوب إليهم من تهم تتعلق بالقتل العمد للمتظاهرين في أحداث الثورة المصرية، إضافة إلى استغلال المنصب في التربح وإهدار المال العام. وأكد أغلب السياسيين أن بث المحاكمات أمس كان له أثر إيجابي في توطيد أواصر الثقة بين الشعب والمجلس العسكري (الحاكم حاليا)، كما أنه حمل رسالة قوية لكل من يفكر مستقبلا في حكم مصر أن «تلك مهمة صعبة وأمانة لا يستهان بها».

أوضح الدكتور سعد الكتاتني، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)، أن المحاكمة التي بدأت أمس، تعتبر حدثا فريدا في تاريخ الحياة السياسية المصرية، وانتصارا جديدا لإرادة الشعب المصري بعد ثورة 25 يناير، الذي تأتي محاكمة هذه الشخصيات على رأس مطالبه.

واعتبر الكتاتني، في تصريحات صحافية أمس، أن مثول هذه الشخصيات داخل قفص المحاكمة ومطالعة ملايين المشاهدين لها عبر شاشات التلفزيون، بث الطمأنينة في نفوس الشعب المصري بأن العدالة تأخذ مجراها، وأنه لن يفلت مجرم بجريمته مهما كان منصبه. وأوضح أن الاستمرار في هذا النهج كفيل بمد جسور قوية من الثقة بين الشعب والسلطة الحاكمة في مصر خلال هذه الفترة، وهي ثقة يجب الدفع في اتجاه ترسيخها؛ لأنها ستكون بوابة إلى البدء في مرحلة البناء والتنمية على الصعد كافة وفي جميع المجالات.

وأضاف الكتاتني أنه «إذا كان ما حدث اليوم (أمس) من محاكمات خطوة جيدة في إطار معاقبة قاتلي المتظاهرين خلال أيام الثورة، فإنه من الضروري عدم إفلاتهم من العقاب عن جرائم تزوير الانتخابات وإفساد الحياة السياسية والاقتصادية في مصر خلال العقود الماضية، حيث لا تقل هذه الجرائم في خطورتها عن جرائم القتل أو نهب الأموال».

أما عصام شيحة، عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، فاعتبر أن مشهد المحاكمة رسالة لكل الطغاة بأن هذه هي نهاية الطغيان، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر دولة عظيمة ودولة مؤسسات، ويكفي أنها استطاعت بإرادة أبنائها أن تقوم بثورة ثم تحاكم رئيسها السابق محاكمة علنية عادلة أمام قاضيه الطبيعي.. ولم تنتقم منه كما فعلت ثورات أخرى».

وأوضح شيحة: «أيضا ظهر أن القضاء المصري بخير، حيث تمكن من الموازنة بين حقوق المدعين بالحق المدني وبين حقوق المتهمين ودفاعهم إلى حد بعيد، وهي رسالة لكل من سيحكم مصر مستقبلا مفادها أن مثل هذا المنصب لا يستهان به وأنه أمانة صعبة بحق»، مضيفا: «أعتقد أن بعضا ممن أعلنوا اعتزام الترشح لمنصب الرئاسة في الانتخابات المقبلة بصورة متسرعة، سوف يعاودون النظر مجددا في قرارهم بعد مشهد اليوم».

أما سيد عبد العال، أمين عام حزب التجمع، فقد أشار إلى أن ذلك المشهد يعبر عن بداية لحياة سياسية جديدة في مصر، وقال إنها «رسالة لكل من يريد تولي الحكم لاحقا، مفادها أن الشعب المصري أعدل من حكامه الذين ظلموه طويلا.. وهو قادر على محاسبة حكامه مستقبلا بصورة كاملة».

ويرى عصام الإسلامبولي، عضو الحزب الناصري، أنها خطوة عظيمة في طريق بناء الدولة المصرية الجديدة، وهي الدولة المدنية التي تقوم على الديمقراطية والحرية والعدالة، واحترام القانون الذي يعد أساس الحكم في الدولة.. مضيفا أن «ذلك يتضح تماما بمحاكمة الرئيس السابق، وأن لا أحد فوق المساءلة حتى رئيس الدولة».

وعلق مؤسس حزب الغد أيمن نور، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود مبارك في قفص الاتهام إنما هو تطبيق للقانون، وينفي ما أشيع عن وجود ضغوط خارجية تتحكم في موقف مصر تجاهه. ويعني أن الثورة التي قامت نجحت في أن تقيم قواعد حقيقية للعدالة والقصاص، الذي هو جزء من إقامة العدل على الأرض». مضيفا أن دماء الشهداء التي سالت على الأرض في الثورة، لم تضع هباء.

في حين اعتبر محمد عباس، عضو ائتلاف شباب ثورة 25 يناير، أن محاكمة مبارك تمثل قيمة العدل بشكل عام، كما أن يوم المحاكمة يوم تاريخي في تاريخ العالم أجمع وليس مصر فقط.. موضحا أن ما حدث لمبارك إنما هو عظة وعبرة لمن يأتي بعده، توضح أن من ظلم يأتي حسابه ولو بعد حين. قائلا إن «مبارك تكبر، واعتقد أنه فرعون مصر. ونحن ننتظر محاكمة عادلة مهما كانت نتيجتها».

أما الكنائس المصرية، فقد عبرت عن تفاؤلها ببدء المحاكمة، معلقة بأنها بداية لفترة جديدة في تاريخ مصر لبناء الدولة الحديثة لسيادة القانون وتحقيق العدالة والمواطنة دون تمييز بين المصريين. وأضافوا في بيان لهم أن المحاكمات سوف تكون بادرة لعودة الهدوء للشارع ولمشاعر أسر الشهداء لمشاهدتهم بدء مرحلة تطبيق العدل والقانون.