اجتماع الكتل السياسية يشهد انفراجا في حلحلة معظم الملفات.. بعد بداية متشنجة

فوض المالكي بدء مفاوضات مع الجانب الأميركي حول إبقاء مدربين بعد الانسحاب

TT

طبقا للوصف الذي قدمه لـ«الشرق الأوسط» أحد القياديين المشاركين في اجتماع القوى السياسية العراقية في منزل الرئيس جلال طالباني مساء أول من أمس فإن «بداية الاجتماع كانت متشنجة نسبيا إلا أنه وبعد نحو ساعتين من المناقشات الجادة والحيوية فقد تغيرت الأجواء تماما وهو ما أدى إلى التوصل عقب 4 ساعات من العمل إلى الاتفاقات التي تم الإعلان عنها» وفي مقدمتها تفويض رئيس الوزراء نوري المالكي البدء بمفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن إبقاء مدربين عسكريين بعد الانسحاب النهائي للقوات الأميركية بنهاية العام الحالي.

وطبقا للبيان الصادر عن رئاسة الجمهورية فإن الاجتماع «تمخض عن الاتفاق أولا على مشروع قانون المجلس الوطني للسياسات العليا وإرساله إلى البرلمان من قبل رئيس الجمهورية لإقراره». كما وافقت الكتل السياسية على «تفويض الحكومة ببدء مباحثات مع الولايات المتحدة بخصوص إبقاء عدد من القوات الأميركية لتدريب القوات العراقية حتى ما بعد موعد الانسحاب الكامل نهاية عام 2011». وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قد أعلن عقب الاجتماع أن «قادة الكتل اتفقوا خلال الاجتماع على تفويض الحكومة للبدء بمحادثات مع الجانب الأميركي لتدريب قوات الأمن العراقية حصرا». وأضاف زيباري أنه «ليس هناك تفاصيل بشأن أعداد المدربين أو اتفاقيات جديدة»، مشيرا إلى أن الاتفاق هو «إعلان نوايا حتى تبدأ الحكومة بالمحادثات». كما أكد على أن «مسألة التدريب يجب أن تكون قائمة على تعزيز السيادة العراقية».

من جهته اعتبر نائب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي محسن السعدون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماع «كان ناجحا بكل المقاييس وأن الجميع كانوا يشعرون بضرورة تحمل المسؤولية في هذه المرحلة». وحول طبيعة ما تم التوصل إليه من اتفاقات وسياقات تطبيقها قال السعدون إن «الاتفاقات واضحة وتتضمن تنفيذ ما تبقى من اتفاقية أربيل وتخويل الحكومة مهمة التفاوض مع الأميركان لإبقاء جزء من قواتها الفنية وهنا أؤكد على مفردة الفنية وليس العسكرية وذلك من أجل تحديد مدى حاجة قواتنا لمدربين أجانب بالإضافة إلى إرسال مشروع المجلس الوطني للسياسات العليا إلى البرلمان لإقراره بقانون لأنه لا يعتبر شرعيا ما لم يتم إصدار قانون خاص به، فضلا عن مسألة التوازن في مؤسسات الدولة وحسم قضية الوزارات الأمنية في غضون أسبوعين». وأوضح السعدون أن رؤية التحالف الكردستاني الذي وقع عليه طوال الفترة الماضية عبء تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف السياسية تقوم على أساس «أن ما تحقق كان خارطة طريق حيث إن الاتفاقات الآن أصبحت واضحة وقد وصلنا إلى خارطة طريق للحل حيث انتهينا من الإطار السياسي للاتفاقات ودخلنا في الجانب الإجرائي».

لكن القيادي في التيار الصدري بهاء الأعرجي أبلغ «الشرق الأوسط» بأنه «في وقت كان فيه للتيار الصدري دور كبير فيما تم التوصل إليه من حلول للمشاكل العالقة ليس بين (العراقية) ودولة القانون وحسب بل بين جميع الكتل السياسية إلا أن موقفنا على صعيد تفويض الحكومة التفاوض مع المحتل لإبقاء جزء من قواته أمر مرفوض بالنسبة لنا». وأضاف أن «موقف التيار الصدري واضح من هذا الموضوع ولذلك جاء تحفظنا على هذه الفقرة»، مشيرا إلى أن «هناك مواقف مختلفة من قبل الكتل السياسية بشأن هذه القضية لا سيما هناك بعض الكتل مستفيدة من وجود الأميركيين ولذلك فإنها تريد تبرير وجودهم مرة على شكل اتفاقية جديدة ومرة بروتوكول ومرة مذكرات تفاهم». وحول ما إذا كان خيار المقاومة المسلحة بالنسبة للصدريين سيظل قائما في حال تم الاتفاق على إبقاء مدربين قال الأعرجي إن «الأبواب كلها مفتوحة بمن فيها خيار المقاومة المسلحة لأن بقاء المحتل تحت أي ذريعة أو مسمى يقتضي مقاومته». وحول الاتفاقات الأخرى التي تم التوصل إليها قال الأعرجي إنها «اتفاقات هامة وقد تم تحديد سقوف زمنية للتنفيذ وهو أمر مهم جدا».

أما خالد الأسدي، القيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، فقد أكد في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «المالكي أبدى مرونة كبيرة خلال الاجتماع وهو ما أدى إلى تحقيق هذا التقدم». وأوضح أن «قضية المرشحين للوزارات الأمنية فقد تم الاتفاق على أن يحسم خلال أسبوعين حيث تقدم (العراقية) مرشحين للمالكي في ضوء المواصفات المعروفة وهو المسؤول عن قبول أحدهم أم لا، كما أن مسألة التوازن فقد تم تشكيل لجنة من نواب رئيس الوزراء لحسم هذه المسألة».

وبشأن المجلس الوطني للسياسات العليا، فقد أشار الأسدي إلى أنه «تم الاتفاق على أن تقدم نسخة أربيل منه إلى البرلمان لإبداء الملاحظات الضرورية عليه ومن ثم إقراره بقانون».

ومن جهتها فقد اعتبرت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي أن «ما حصل خلال الاجتماع الأخير كان تطورا مهما وانتصارا للجميع». وقال القيادي في القائمة أحمد المساري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «جميع القادة السياسيين أدركوا أن عليهم مواجهة أزمة سياسية حقيقية يعانيها البلد لذلك كانت هناك خطوات جريئة على صعيد حسم الملفات العالقة». وأشار إلى أن «القائمة العراقية تشعر بالارتياح لما حصل، خصوصا على صعيد المجلس الوطني للسياسات والتوازن والوزارات الأمنية وقضية الانسحاب الأميركي من العراق ومدى الحاجة لبقاء مدربين أميركيين بعد الانسحاب».