«غلوبال هوك».. جيل جديد من الطائرات من دون طيار

مزيج واسع من المعلومات الاستخباراتية من ارتفاعات كبيرة بقدر أكبر من الأمان

TT

في مكان بعيد بصحراء موهافي داخل كاليفورنيا، يظهر مصنع تجميع طائرات «غلوبال هوك» عالية السرعة مثل متجر ضخم.

تحيط مناضد مجموعة من أجسام الطائرات وجناح طويل بصورة غير مألوفة - لازم من أجل اختراق الهواء على ارتفاع 60.000 قدم - جاهزة لأن توضع في مكانها. وتنتظر لوحات مفتوحة أجهزة تحكم لكاميرات وجهاز التنصت، وتنتشر على الأرضية الخراسانية صناديق أدوات لونها أزرق فاتح وصناديق تحتوي على أجزاء الطائرات.

يعمل في المصنع 50 شخصا فقط، وسيتم تصنيع خمس طائرات من دون طيار فقط خلال العام الحالي. وعلى الرغم من فترات إرجاء وانتقادات وتجاوزات في التكاليف، فإن الطائرة «غلوبال هوك» تمضي في طريقها مجددا لتحل محل إحدى أشهر الطائرات الأميركية، طائرات التجسس «يو 2»، المعروفة بدورها خلال الحرب الباردة، ومؤخرا داخل أفغانستان.

وقد قررت القوات الجوية الشهر الماضي العمل في برنامج «غلوبال هوك»، الذي تبلغ تكلفته 12 مليار دولار، وتراهن على أن الطائرات التي تعمل من دون طيار يمكنها أن تحاكي قدرة الطائرة «يو 2» في تجميع مزيج واسع من المعلومات الاستخباراتية من ارتفاعات كبيرة والقيام بذلك بقدر أكبر من الأمان وعلى مساحة أكبر، مقارنة مع ما تقوم به «يو 2». ويوجد لدى البحرية خطط إنفاق 11 مليار دولار على نموذج يمكنه تغطية مساحات واسعة من المحيطات.

ويعكس الضغط المستمر من أجل «غلوبال هوك» كيف أن الطائرات من دون طيار تغير من مسار الحروب ومدى أهميتها في التجسس خلال أي نوع من أنواع القتال.

ولكن تزال البرامج أسيرة معارك خاصة بالميزانية ومعارك سياسية، وتنظر الطائرة نفسها بعض التعديلات الفنية المهمة التي قد ترجئ من كشف الستار عنها. وبصورة خاصة، توجد صعوبة في تصنيع الطرز الجديدة وأجهزة الاستشعار عالية التقنية، التي قد تتكلف أكثر مما تتكلفه الطائرة.

وفي عصر تعتبر فيه الطائرات الموجهة من على بعد رخيصة نسبيا وحلا سهلا، أصبحت «غلوبال هوك» بمثابة «إسكاليد» الطائرات من دون طيار، فهي تبدو مثل طيارة مصفحة بالذهب وتحتاج إلى تكاليف كبيرة.

ويقول ريتشارد أبولافيا، وهو محلل متخصص في الطيران لدى مجموعة الاستشارات «تيل غروب» بفيرفاكس بولاية فيرجينيا: «تعد (غلوبال هوك) منتجا مثيرا للإعجاب بدرجة كبيرة، ولكنها مكلفة للغاية».

ومنذ عام 2001، ارتفعت تكاليف برنامج القوات الجوية بأكثر من الضعف، وقامت القوات الجوية أخيرا بتخفيض أسطولها المخطط له من طائرات «غلوبال هوك» إلى 55 طائرة بدلا من 77. ورفع ذلك التقدير الإجمالي لكل طائرة، بما في ذلك أجهزة الاستشعار وجميع أعمال البحث والتطوير، لتصل إلى 218 مليون دولار، مقارنة بـ28 مليون دولار للطائرة «ريبر»، أكبر الطائرات المسلحة من دون طيار.

وأشارت اختبارات البنتاغون أيضا الخريف الماضي إلى أن الطراز الجديد الخاص بالقوات الجوية لم يكن جديرا بالثقة الكافية لتوفير عمليات استطلاع متميزة. وكانت بعض الأجزاء تصاب بالعطب بصورة متكررة، كما ظهرت مشكلة في الجهاز المسؤول عن اعتراض محادثات تليفونية وإذاعية تتعلق بتحديد مصدر المكالمات، وكان ذلك مطلبا مهما دفع إلى الرغبة في استبدال «يو 2».

ويقول مسؤولون في البنتاغون ومسؤولون تنفيذيون لدى «نورثروب غرومان»، التي تصنع «غلوبال هوك»، إنهم يقللون التكاليف ويستبدلون الأجزاء التي توجد بها مشكلات. ومنذ مارس (آذار) الماضي، سارع قادة باستخدام تسع من الطائرات فوق اليابان وليبيا وأفغانستان، ويقولون إن أداءها كان جيدا في التقاط صور للدمار الذي خلفه الزلزال في اليابان وأهداف القصف في أماكن الحرب.

ولكن يقول محللون إن التحدي الأكبر - وربما الخطوة التالية في التحول من الطائرات التي يقودها طيار إلى الطيارات من دون طيار - سيتمثل في ما إذا كان بمقدور «نورثروب» تقديم عدد كاف من الطائرات «غلوبال هوك» بأجهزة تنصت أفضل لجعل القادة يشعرون بالراحة عند وقف استخدام الطائرة «يو 2».

وكان من المفترض إجراء هذا التحول العام الحالي. ويقول إدوارد والبي، مدير تطوير العمل في «نورثروب»، إن الشركة تتوقع حاليا أن يكون لديها طائرات «غلوبال هوك» كافية في الجو بنهاية العام 2012. وقد يعطي ذلك القوات الجوية الوقت لفحصها قبل التخلي عن 32 طائرة «يو 2» بحلول 2015.

ولكن قد يتغير ذلك الوضع، وقال الكونغرس إنه لن يوافق على أي تحول يترك ثغرات استخباراتية مهمة. ويقول أبولافيا، المحلل في الطيران، إن خصومات في الميزانية العسكرية قد تؤدي إلى بطء في عملية الانتقال. ويقول منتقدو ممارسات التعاقد داخل الجيش إنه بدلا من تعديل مشروع «غلوبال هوك»، كان مفترضا أن يقوم البنتاغون بترك الأمر حتى تكون التقنية جاهزة. ويقول توماس كريستي، مسؤول الاختبار السابق في البنتاغون: «مرة أخرى لدينا نظام عاجز عن الوفاء بمتطلبات الكفاءة والملائمة».

تستطيع طائرات «غلوبال هوك» التي يراقبها مناوبات من الطيارين على شاشات الحاسبات في كاليفورنيا، الطيران في مهمات لمدة تصل إلى 24 ساعة، ما يعادل ضعف قدرة طيار طائرة «يو 2» على البقاء دون نوم في الجو. ويقول البنتاغون إن الطائرات ستكون أرخص تكلفة في التشغيل.

وتتمتع الطائرة الجديدة، مثل «يو 2»، بالقدرة على التحليق على ارتفاعات تبلغ ضعف ارتفاعات الطائرات التجارية والقدرة على تحديد مواقع المتمردين أو الدبابات على بعد 50 ميلا إلى 100 ميل، إلى جانب إرسال الصور إلى القوات مباشرة أثناء القتال أو مراكز الاستخبارات حيث يدرس المحللون هذه الصور لإعداد تقارير أكثر دقة.

صنعت الطائرة «يو 2» في الخمسينات لمراقبة المواقع النووية السوفياتية، ولا تزال قيد الاستخدام إلى جانب «غلوبال هوك» لتكملة مهمة عمل الأقمار الصناعية بالتجسس على كوريا الشمالية وإيران من خارج حدودهما.

وقد مكنت الارتفاعات الشاهقة لطائرة «يو 2» من مسح الكثير من مناطق أفغانستان وتحديد مواقع هواتف مقاتلي طالبان، مما جعلها واحدة من أهم مصادر المعلومات لمواقع غارات طائرات «بريداتور» و«ريبر» دون طيار التي تطير على ارتفاعات منخفضة ومزودة بصواريخ.

ويقول مسؤولون إن مجموعة من الصور والاتصالات التي تم اعتراضها من المنطقة نفسها تقدم تصورا أكثر غنى بالتفاصيل لما يجري، وأعربوا عن أملهم في أن تكون «غلوبال هوك» مقدمة لمجموعة أخرى من الطائرات.

* خدمة «نيويورك تايمز»\