تفاصيل دقيقة جديدة عن عملية قتل بن لادن

مسؤول أفغاني سابق: جندنا عشرات العملاء وتأكدنا أن زعيم «القاعدة» غير موجود في الشريط القبلي

TT

بعد مرور ثلاثة أشهر على قيام القوات الأميركية الخاصة باقتحام مخبأ أسامة بن لادن في باكستان، نشرت مجلة «نيويوركر» تفاصيل جديدة ودقيقة عن هذه العملية، حيث كتب الصحافي نيكولاس شميدل تحقيقا في المجلة بعنوان «الوصول إلى بن لادن» يقول فيه إنه قد تم تدارس فكرة حفر نفق للوصول إلى منزل بن لادن قبل استبعادها بسبب وجود كميات كبيرة من المياه حول المنزل.

وأضاف أن الرئيس أوباما ومستشاريه لم يرو ما حدث داخل المنزل الذي قتل فيه بن لادن وأنه كان يتم الحصول على الإمدادات الحية من خلال طائرة واحدة دون طيار. وبعد ذلك، قدم جون برينان، مستشار أوباما لمكافحة الإرهاب، جثة بن لادن لحكومة السعودية حتى تقوم بدفنها، ولكنها رفضت تسلم الجثة ولذا تم إلقاؤها في بحر العرب.

وعلى الرغم من وجود تكهنات وتقارير متضاربة من جانب مسؤولين أميركيين، لم يترك شميدل أي شك حول ما الذي كان يدور في خلد القوات الأميركية عندما دخلت مجمع بن لادن، حيث نقل عن ضابط في القوات الخاصة، رفض الإفصاح عن اسمه، قوله: «لم يكن هناك أي سؤال حول احتمال إلقاء القبض عليه أو اعتقاله»، وتابع بقوله: «لم يكن قرارا عرضيا اتخذ وقت تنفيذ العملية، فلا أحد يريد مزيدا من المعتقلين».

وكان هذا التحقيق بمثابة إنجاز لشميدل (32 عاما) وهو صحافي مستقل نشأ في ضواحي ماناساس بولاية فرجينيا والتحق بالمدارس المحلية هناك، بما في ذلك الجامعة الأميركية. وقد عاش هو وزوجته في باكستان بين عامي 2006 و2008 قبل أن يتم طرده من البلاد بعد كتابته مقالا لمجلة «نيويورك تايمز» يتضمن مقابلات شخصية مع قادة موالين لحركة طالبان يعملون في المناطق القبلية المضطربة في باكستان. وفي عام 2010، نشر كتابا عن تجربته في باكستان بعنوان: «إما أن تعيش أو تموت إلى الأبد».

وكان شميدل يعمل على مادة صحافية مختلفة لمجلة «نيويوركر» عندما انتشر خبر مهاجمة القوات الخاصة الأميركية لمقر بن لادن في الأول من مايو (أيار)، ولذا أخبر المحرر دانيال زاليوسكي بأنه سيترك هذه المادة ويعيد كتابة مادة أخرى حول مقتل بن لادن، ولذا قام زاليوسكي بنقل تلك الفكرة إلى ديفيد ريمنيك، رئيس تحرير المجلة، الذي وافق على صرف النظر عن المادة الأولى والعمل بسرعة على كتابة مادة تتعلق بمقتل بن لادن وقال: «لا يتطلب الأمر محررا ذكيا جدا لكي يعرف أن هذا هو الخبر الذي يتعين علينا كتابته».

ويقول شميدل إن التحقيق قد استند إلى نحو أربعة وعشرين مقابلة شخصية، بما في ذلك المقابلة الشخصية مع برينان وغيره من كبار المسؤولين. وأضاف: «إنها عملية غير مباشرة». وقال: «كان أحد المصادر على استعداد للكشف عن شيء ما وهو ما شجع مصدرا ثانيا على الحديث وفتح مصدرا ثالثا، ثم تذهب إلى المصدر الأول وهكذا».

وقال شميدل إنه لم يتمكن من مقابلة أي من الأفراد الثلاثة والعشرين الذين شاركوا في العملية نفسها، وبدلا من ذلك فقد اعتمد على روايات أشخاص آخرين. وقد قام شميدل، في واقع الأمر، بكتابة الكثير من التفاصيل عن بعض الرجال، مثل أفكارهم في أوقات مختلفة، وهو ما يترك انطباعا قويا بأن شميدل قد تحدث مباشرة مع الأفراد الذين شاركوا في العملية.

وقال عن لحظة الهجوم، إن القوات الخاصة «سيلز» قد «شعرت على الفور أنه كان هو العمود الفقري» وهو الاسم الذي كان يطلق على بن لادن، مما يعني ضمنا أن أفراد قوات «سيلز» أنفسهم قد نقلوا له هذا الانطباع.

وقال ريمنيك إنه راض عن دقة هذه الرواية، وأضاف: «أنا أعرف المصادر التي تحدثت إلى المسؤولين عن تقصي الحقائق عندنا. تلك هي القواعد هنا، ولدينا الوقت للقيام بذلك. ولا يكون هناك دائما وقت كاف أمام الصحف التي ترتبط بأوقات محددة للقيام بالتقصي عن حقيقة ما يتم نشره».

إلى ذلك كشف المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأفغانية، أمر الله صالح، أنه «جنّد مجموعة من الجواسيس التي اكتشفت مخبأ سريا، يُعتقد أن زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، كان يختبئ فيه، شمال العاصمة الباكستانية إسلام آباد، قبل نحو أربع سنوات».

وقال المسؤول الأفغاني السابق لمحطة «سي إن إن» «إن عملاء تابعين للاستخبارات الأفغانية لفتوا الانتباه إلى منطقة تقع بالقرب من المكان الذي كان يختبئ فيه بن لادن، باعتبار أنها ربما تضم مخبأ سريا لقيادي كبير في تنظيم القاعدة، مشيرا إلى أن الرئيس الباكستاني آنذاك، برويز مشرف، لم يهتم لتقارير تفصيلية تلقاها بهذا الصدد».

ولم يمكن التأكد بصورة مستقلة من تصريحات مدير الاستخبارات الأفغانية السابق، كما لم يمكن الحصول على تعليق فوري من جانب الرئيس الباكستاني السابق، رغم أنه كان «قد نفى مرارا، أي علم له بالمكان الذي كان يختبئ فيه بن لادن، سواء داخل باكستان أو خارجها».

وقال صالح إن عملاء وجواسيس تابعين لوكالته، اكتشفوا خلال عام 2007، «مخبأ آمنا» يتبع تنظيم القاعدة، في عمق الأراضي الباكستانية، يُعتقد أن أحد كبار قادة التنظيم، على الأرجح بن لادن، يختبئ فيه، مضيفا أن مشرف رفض اتخاذ أية تحركات على الأرض، في ضوء تلك التقارير».

* خدمة «واشنطن بوست»