نواب يدقون أجراس الخطر بشأن خفض ميزانية الدفاع في بريطانيا

وزير الدفاع البريطاني فوكس (يسار) أثناء استقباله من قبل نظيره الأميركي ليون بانيتا، أمام مقر البنتاغون (أ.ف.ب)
TT

حذر تقرير لنواب بريطانيين نشر أمس من أن خفض ميزانية الدفاع قد يجعل القوات المسلحة البريطانية دون «الحد الأدنى» المطلوب «للقيام بكل المهام الموكلة إليها». وتحدث التقرير الذي أصدرته لجنة الشؤون الدفاعية عن «قلق متصاعد» من أن فقدان حاملات طائرات وطائرات ونحو 30 ألفا من القوات الطليعية، يمكن أن يؤدي إلى «تقلص استراتيجي» للجيش البريطاني.

وقال التقرير: «نظرا للمناخ المالي الراهن وخفض القدرات استنادا إلى مراجعة الاستراتيجية الدفاعية والأمنية، فإننا لسنا مقتنعين بأن القوات المسلحة ستكون اعتبارا من 2015 قادرة على الحفاظ على قدرتها على الاضطلاع بكل المهام الموكلة إليها». وتابع التقرير: «نظرا للأولوية المعلنة للحكومة خفض العجز، توصلنا إلى نتيجة مفادها أن تقلصا استراتيجيا (للقوات المسلحة) بات محتوما».

ويسعى الائتلاف الحكومي برئاسة ديفيد كاميرون لخفض النفقات على صعيد كل الإدارات الحكومية. وهو يقول إنه ورث منذ توليه الحكم في مايو (أيار) 2010 «ثقبا أسود» بقيمة 38 مليار جنيه (62 مليار دولار) من التعهدات بالإنفاق الدفاعي دون توفر مخصصات تغطي ذلك.

وفي إطار التعهد بخفض نسبته ثمانية في المائة اتخذ القرار بالتخلي عن حاملة الطائرات الرئيسية بالبحرية الملكية «إتش إم إس آرك رويال»، فضلا عن أسطول بريطانيا من طائرات الهاريير. وفي هجوم مباشر على كاميرون، خلص النواب في تقريرهم إلى أن «اللجنة (الدفاعية) ترفض رأي رئيس الوزراء بأن بريطانيا تملك رغم ذلك قدرات دفاعية كاملة». وأعرب التقرير عن «مخاوف كبيرة» إزاء قدرة بريطانيا على مواصلة المعركة بنجاح في أفغانستان وليبيا في ضوء الخفض الدفاعي القاسي. وقال النائب عن حزب المحافظين الذي ينتمي إليه كاميرون، ورئيس اللجنة جيمس أربتنوت، إن «هذا مثال جلي على تغلب اعتبارات الاقتصاد على اعتبارات الأمن الاستراتيجي للمملكة المتحدة والمتطلبات الدفاعية للقوات المسلحة».

غير أن وزير الدفاع ليام فوكس شدد على أن مراجعة الاستراتيجية الدفاعية والأمنية وضعت وزارة الدفاع «مجددا على أرضية صلبة». وقال: «إنني أدفع باتجاه إصلاحات جذرية لضمان عدم تكرار أخطاء الماضي». وأضاف رئيس أركان الدفاع الجنرال ديفيد ريتشاردز: «تعين علينا اتخاذ قرارات صعبة، غير أننا سنظل قوة قتالية يحسب حسابها على الساحة الدولية». وقال ريتشاردز أيضا: «سنظل قادرين على مواصلة عملياتنا في أفغانستان وليبيا قبل أن تتيح لنا عملية إعادة التوازن المرونة التي تمكننا من الإبقاء على قدراتنا الدفاعية لخدمة مصالحنا المختلفة».

وكان فوكس أعلن أواخر يونيو (حزيران) الماضي أن كلفة مشاركة بريطانيا في الحملة العسكرية على ليبيا تبلغ 260 مليون جنيه إسترليني (426 مليون دولار) خلال ستة أشهر، بعد أن كانت الحكومة قالت في مارس (آذار) الماضي إن الكلفة لن تتجاوز عشرات الملايين. وقال فوكس في إعلان مكتوب للنواب إن كلفة العمليات التي ينفذها سلاح الجو البريطاني والبحرية الملكية تقدر بنحو 120 مليون جنيه (196 مليون دولار)، يضاف إليها 140 مليون جنيه (230 مليون دولار) لتعويض الصواريخ والذخيرة إذا استمرت العمليات على المستوى الحالي على مدى ستة أشهر. وبرر الوزير ارتفاع الكلفة عما هو متوقع بالاستعمال المكثف للأسلحة الدقيقة التصويب، بهدف التقليل بأقصى ما يمكن من سقوط ضحايا مدنيين.

ويتوقع خبراء أن ترتفع كلفة الحملة في ليبيا إلى مليار جنيه إسترليني (1.64 مليار دولار) إذا استمرت الغارات حتى نهاية العام. وتشارك في الحملة طائرات يوروفايتر وتورنيدو البريطانية المقاتلة، وطائرات استطلاع وغواصات وفرقاطتان وأربع مروحيات أباتشي. وكان ضباط بريطانيون أعربوا عن خشيتهم من عدم تمكن الجيش البريطاني من القيام بهذه المهمة بسبب خفض ميزانية الدفاع بنسبة ثمانية في المائة. وإضافة إلى الحملة الجوية على ليبيا تنشر بريطانيا 9500 جندي في أفغانستان. ويقدر خبراء ما تتكلفه لندن جراء ذلك بنحو 6.5 مليار دولار سنويا.

وحول شأن ذي صلة أعلنت الحكومة البريطانية أمس عزمها إغلاق محطة نووية في سيلافيلد شمال إنجلترا في وقت قريب جدا ولأسباب تجارية في أعقاب الكارثة النووية في اليابان. وانتقدت النقابات قرار إغلاق محطة سيلافيلد «إم أو إكس» التي توظف 800 شخص. وقالت هيئة الشؤون النووية التي تنفذ سياسة الحكومة بشأن إدارة المخلفات النووية إن المحطة ستغلق لتجنيب دافعي الضرائب «تحمل عبء مالي في المستقبل». وجاء في بيان أن «مجلس الهيئة أعاد تقييم التغيير في المخاطر المتعلقة بالمحطة والمرتبطة بالتأخيرات المحتملة في أعقاب الزلزال الذي ضرب اليابان»، وخلص إلى أن «العمل المنطقي الوحيد هو إغلاق المحطة في أقرب فرصة ممكنة».

وقالت نقابة العاملين في المجال النووي: «نعتقد أن قرار الإغلاق تأثر بعدم وجود التمويل من عقود الحكومة اليابانية في أعقاب الزلزال والتسونامي اللذين أديا إلى إغلاق مفاعل (فوكوشيما 1) في مارس الماضي». وأضافت في بيان أن المنشأة تعمل بالبلوتونيوم المعالج من الوقود النووي المنضب في محطة ثورب في سيلافيلد، وتعيد تدويره في «وقود أكسيد مخلوط» يمكن إعادة استخدامه كوقود لمفاعلات نووية. وقال كيفن كوين من النقابة إن القرار «يدعو للصدمة، وغريب جدا بصراحة»، مضيفا أن «الحكومة تدرس حاليا إمكانية السماح ببناء محطة نووية جديدة. ولذلك فإنني لا أرى منطقا في إغلاق المحطة الحالية».

وتعتزم الحكومة البريطانية بناء سلسلة جديدة من المفاعلات النووية في المواقع الحالية للمفاعلات للمحافظة على استمرار إمدادات الكهرباء وخفض الانبعاثات الضارة بالبيئة مع إغلاق جيل قديم من محطات الكهرباء.