حماه تحت القصف والجيش يضرب المستشفيات ويتقدم لوسط المدينة.. ومئات الدبابات تحاصر دير الزور

مقتل 3 في مظاهرات خرجت ليلا بعد صلاة التراويح.. ومسؤول سوري: نعمل على إعادة الأمن للمناطق التي عاثت فيها «الجماعات الإرهابية» فسادا

TT

تقدمت دبابات الجيش السوري على أربعة محاور في مدينة حماه المحاصرة أمس، ووصل عدد منها إلى ساحة العاصي، فيما انتشرت مئات الدبابات حول مدينتي دير الزور. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن «نحو مائتي دبابة وآليات عسكرية أخرى تحاصر مدينة دير الزور من جميع الاتجاهات».

وأضاف أن «أكثر من مائة دبابة وصلت من طريق حمص (وسط) وطريق خان شيخون (شمال غرب) إلى حماه، بالإضافة إلى العشرات من ناقلات الجند المدرعة». وأشار مدير المرصد إلى «دبابات ومدرعات عسكرية شوهدت على الطريق المؤدي إلى مدينة السلمية (30 كلم جنوب شرقي حماه) التي شهدت خلال الأيام الماضية مظاهرات حاشدة طالبت بإسقاط النظام». وتحدث عن «انقطاع الاتصالات الأرضية والجوالة» عن حماه والسلمية.

وقال ناشطون حقوقيون أمس إن قوات الجيش التي انتشرت في حماه قصفت اثنين من أحياء المدينة التي شوهد الدخان يتصاعد في أكثر من منطقة فيها. وذكر مدير المرصد أن «القصف تركز على منطقة جنوب الملعب وحي المناخ»، مشيرا إلى أن «بعض المنازل هدمت جراء القصف». وأضاف أن «قوات الأمن والجيش أقامت حواجز لمنع الأهالي من النزوح». وتحدث ناشط آخر عن «دبابات شوهدت وهي تتجه نحو ساحة العاصي وسط المدينة وأخرى ترافقها آليات عسكرية في عدد من المناطق». وأضاف الناشط أن «دوي الانفجارات التي تسمع في أكثر من مكان يوحي بحرب مفتوحة في المدينة».

وشهدت حماه أمس إطلاق نار كثيف وقصفا مدفعيا على بعض الأحياء، لا سيما القصور والحاضر والسرجاوي، وذلك في ساعات الصباح الأولى. وبالتوازي مع تقدم الدبابات، نفذ الجيش عملية تمشيط واسعة للشوارع، وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات انقطعت منذ مساء الثلاثاء عن المدينة وريفها، وسط تحذيرات لسكان بعض الأحياء كالحاضر والسرجاوي لإخلاء المنازل، مع توقع قصفها. كما تم قطع الماء والكهرباء عن البيوت.

ونزح عدد كبير من الأسر أول من أمس، إلا أنه يوم أمس منع الدخول والخروج من المدينة التي فرض عليها حصار عسكري مشدد. وقالت المصادر إن عددا من الأهالي تم منعهم من المغادرة لدى وصولهم إلى الحواجز الأمنية، إذ أجبروا على العودة سيرا على الأقدام. وأشارت المصادر إلى إرسال تعزيزات عسكرية بأعداد غير مسبوقة إلى المدينة، حيث اصطف على جانبي الطريق بين حماه وحمص عدد كبير من الجنود.

وبحسب ناشطين، فقد طال القصف الذي تعرضت له مدينة حماه أمس المستشفيات الخاصة، البدر والريس والحوراني، وأسفر عن مقتل أحد الأطباء، بالإضافة إلى خمسة أشخاص قتلوا أول من أمس. ووجه الأهالي نداء لمنظمة الهلال الأحمر السوري للقيام بواجباتها تجاه المصابين الذين يموتون بسبب النقص الحاد بأكياس الدم وشح المواد الطبية الإسعافية.

وكانت حماه المحاصرة بالدبابات منذ فجر الأحد، قد شهدت مظاهرات حاشدة خرجت عقب صلاة التراويح مساء الثلاثاء وقبل قطع الاتصالات والماء والكهرباء وفرض حصار عليها. وخرجت المظاهرات في حي الصابونية وشارع العلمين وسط حماه، متحدية الحصار واستمرار المداهمات والاعتقالات من قبل قوات الأمن. وقد تعرضت هذه الأحياء للضرب أول من أمس.

وتسعى قوات الأمن والجيش السوري إلى اقتحام المدينة وإزالة الحواجز التي رفعها الأهالي، بهدف تقطيع أوصال مدينة حماه وريفها، ومنع وصول المتظاهرين إلى ساحة العاصي، وذلك بعد ثلاثة شهور كان خلالها المتظاهرون في حماه يحتشدون بمئات الآلاف في الساحة كل يوم جمعة، ويقدمون نموذجا للمظاهرات السلمية المنضبطة. وقد أقلق ذلك النظام ودفعه للتخلص من هذا النموذج، بحسب ما يقوله ناشطون على صفحات «فيس بوك»، حيث عاد النظام إلى تكرار السيناريو ذاته لدى اقتحام أي مدينة عن وجود عصابات مسلحة.

واتهمت السلطات السورية «مجموعات مسلحة» في مدينة حماه بمهاجمة قصر العدل في المدينة وإحراقه للمرة الثانية، وكذلك الاعتداء على مجلس المدينة والمصرف الزراعي. وقالت مصادر رسمية إن هذه المجموعات «خطفت عنصرين من عناصر قوة حفظ النظام في المدينة».

وشب حريق أمس في سجن في مدينة حماه، عقب ثلاثة أيام من الاحتجاج من جانب النزلاء. فيما قال نشطاء إنه يتم إعدام نزلاء السجن. وقال عمر أدلبي، وهو ناشط سوري مقيم في لبنان، لوكالة الأنباء الألمانية، إن النزلاء يحتجون تضامنا مع سكان حماه. وقال ناشط سوري آخر مقيم في دمشق «القوات السورية ارتكبت مذبحة داخل السجن». وأضاف «التقارير تفيد بأن حراس السجن أعدموا عدة عشرات من النزلاء المحتجين».

وبالتزامن مع الحملة العسكرية والأمنية على مدينة حماه، كان هناك حملة مداهمات واسعة في مدينة الزبداني - ريف دمشق - حيث تم إغلاق الطرقات منع الدخول والخروج يوم أمس من الزبداني، وتمت مداهمة منطقة العارة والجسر وحارة بيت التل، ووضع حاجز كثيف جدا في ساحة المهرجان والجرجانية.

من جانب آخر، قدر ناشطون عدد الدبابات التي حاصرت دير الزور أمس، بنحو مائتي دبابة، بالإضافة إلى آليات عسكرية أخرى تحاصر المدينة من جميع الاتجاهات في ظل أجواء من التوتر على خلفية اعتقال السلطات لشيخ مشايخ قبيلة البقارة في سوريا نواف راغب البشير، يوم الأحد الماضي، والتي أثارت العشائر في المنطقة حيث تشهد يوميا اعتصامات ومظاهرات يتم قمعها بالقوة.

وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان «إن الموظفين في دير الزور لم يتمكنوا من قبض رواتبهم لهذا الشهر بعد» مشيرا إلى أن «السلطات منعتهم من التوجه إلى المصرف نظرا لعدم استقرار الأمن في المنطقة التي يوجد بها». ونقل عبد الرحمن نقلا عن الأهالي «إنهم يعتبرون ذلك ذريعة من المحافظ لإذلال الأهالي في شهر رمضان».

وقال ناشط في لندن لـ«الشرق الأوسط»، نقلا عن شهود في دير الزور، إن «أهالي المدينة محاصرين من كل الجهات، وإن الأمن يعتقل كل من يتحرك». وقال إن من بين المعتقلين شاب يحمل الجنسية الأميركية، «لا علاقة له بشيء»، كان متوجها مع عائلته من دير الزور إلى دمشق، فتم اعتقاله على حاجز خارج دمشق. وأشار إلى أن أهله لم يتمكنوا من معرفة شيء عنه منذ اعتقاله أول من أمس، وإنهم أبلغوا السفارة الأميركية بالأمر. وقال الناشط إن أهالي دير الزور يعيشون «في خوف ورعب» من الاعتقال والسجن والقتل، مضيفا أن قوات الأمن «تتصرف خارج القانون ومن دون رادع».

من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) نقلا عن مصدر عسكري مسؤول أمس أن «التنظيمات الإرهابية المسلحة في محافظتي حماه ودير الزور تواصل ترويع المواطنين بنشر الشائعات الكاذبة بين صفوفهم في محاولة لتشويه صورة الجيش والإساءة إلى سمعته وصولا إلى إثارة الفتنة بينه وبين أهله وذويه في المحافظتين المذكورتين».

ودعا المصدر «المواطنين في حماه ودير الزور» إلى «ألا يصغوا إلى الشائعات التي تروجها تلك التنظيمات الإرهابية». وأكد أن «وحدات الجيش تعمل على عودة الأمن والاستقرار إلى المناطق التي عاثت فيها التنظيمات الإرهابية فسادا وعكرت صفو حياة المواطنين بسبب ممارساتها المخلة لمبادئ الدين الإسلامي السمحة وبالقواعد الأخلاقية للمجتمع».

ورغم كل القمع العنيف لا تزال المظاهرات تخرج في مدن ومناطق البلاد بعد صلاة التراويح لليوم الثالث من شهر رمضان، والهتاف المتكرر في كل المظاهرات «يا بشار ويا شبيح موعدنا بعد التراويح»، ففي دمشق، عمت المظاهرات الليلية بعد صلاة التراويح المدينة وريفها، ليل أول من أمس الثلاثاء. وخرج محتجون من عدة مساجد في حي الميدان بدمشق وتجمعوا في منطقة أبو حبل حيث فرقتهم قوات الأمن بالقوة والقنابل المسيلة للدموع.

أما في ريف دمشق فقد خرجت مظاهرات في القدم وتم تفريقها وكذلك في المعضمية التي سمع خلال تفريق المظاهرة إطلاق نار، كما خرجت مظاهرات في كل من دوما ومضايا والزبداني وعربين والتل. وقال ناشطون إن أعمال قمع شديدة جرت في مدينة الحسكة شرق سوريا ومدينة اللاذقية الساحلية وفي إحدى ضواحي العاصمة دمشق.

وكان ثلاثة أشخاص قتلوا مساء أول من أمس برصاص رجال الأمن أثناء تفريق مظاهرات في عدة مدن سورية جرت بعد صلاة التراويح. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «شخصين قتلا وجرح عشرون آخرون بينهم ثمانية أطفال برصاص الأمن الذين حاولوا تفريق مظاهرة جرت في الرقة (شمال) وشارك فيها نحو عشرة آلاف شخص».