محللون: الجيش السوري قد يواجه مشكلة بسبب عجزه عن الانتشار في كل المدن في وقت واحد

مسؤول سابق بجهاز أمن الدولة السوري: إحداث انقسامات داخل الجيش السوري ليس سهلا

TT

رغم أن الجيش السوري، الذي يمثل ركيزة أساسية لحكم الرئيس بشار الأسد، لم يظهر مؤشرات كبيرة تدل على انقسامات خطيرة في صفوفه بعد، فإنه قد يواجه مشكلة أكبر تتمثل في عدم توافر أعداد كافية للسيطرة على المدن الكبرى في وقت واحد، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «رويترز».

ويصنف فراس أبو علي، وهو محلل في شركة «اكسكلوسيف أناليسيس» للتحليلات والتوقعات التجارية، درجة ترابط الجيش السوري بأنها «عالية إلى حد بعيد»، في ما يتعلق بالانقسامات المحتملة التي قد تؤدي إلى انقلاب، لكن الأعداد الضئيلة تمثل مشكلة. ويقول «إذا لم تكن لديهم وحدات موالية كافية للسيطرة على حماه فإنهم لا يملكون وحدات موالية كافية للسيطرة على المدن الأكبر مثل حمص وحلب ودمشق». وأضاف «لا أعتقد أن لديهم ما يكفي من هذه الوحدات لشن حملات كبيرة في عدة مدن في الوقت نفسه على الأقل من دون حدوث انشقاقات ومن دون المجازفة بتوسيع نطاق الاحتجاجات».

وكانت قوات الأمن قد حاصرت حماه لمدة شهر قبل بدء الحملة عليها يوم الأحد. ودفعت معاناة حماة الكثير من السوريين إلى الخروج في مسيرات تضامنية منذ بدء رمضان، لكن رد فعل الأسد العنيف يشير إلى أنه سيقاوم الدعوات إلى التغيير التي اجتاحت سوريا ومعظم أنحاء العالم العربي هذا العام. ولا توجد تقارير منشورة يعتد بها بشأن انتشار القوات المسلحة السورية. وحتى في الأوقات العادية كانت المعلومات عن الجيش قليلة بسبب السرية التي تتوخاها الحكومة والقيود على وسائل الإعلام. ويقول معارضون سوريون في المنفى وخبراء أمنيون إن العدد الضئيل للانشقاقات حتى الآن أقل بكثير مما يمكن اعتباره مؤشرا على انقسامات في الجيش. وهذا دليل على السيطرة المحكمة التي تضمن سطوة العلويين في الجيش. وينطوي هذا على تعيين ضباط علويين في مناصب رفيعة، وفي بعض الوحدات يتم تعيين السنة والعلويين في المناصب الكبيرة لمنع أي محاولة للوقيعة.

وقال سامر أفندي، المسؤول السابق بجهاز أمن الدولة السوري، لـ«رويترز»: «إحداث انقسامات داخل الجيش السوري ليس سهلا». وأضاف «هيكل التوظيف مكون من طبقات مثل الدمية الروسية. الكسر في إحدى الطبقات لن يؤثر على بقية الطبقات». ويطبق النظام والانضباط في صفوف الجنود بصرامة شديدة. ويقول معارضون سوريون في الخارج نقلا عن روايات لأقاربهم «إنه في الحالات التي ينشر فيها جنود سوريون على الخط الأمامي، فإنهم يجبرون على إطلاق الرصاص على المتظاهرين لأن الضباط المتمركزين وراءهم سيطلقون النار عليهم إذا لم يطيعوا الأوامر».

ويقول محللون إن الواضح أن وحدات الجيش الأكثر ولاء - وهي تلك التي يغلب عليها العلويون ويقودها ماهر شقيق الرئيس السوري بما في ذلك الحرس الجمهوري واللواء الرابع المدرع - لا يمكن أن توجد في كل الأماكن في الوقت نفسه. وتضم كل من هاتين الوحدتين نحو عشرة آلاف فرد تدعمهم الدبابات وتتحرك عادة بصحبة وحدات من الشرطة السرية والميليشيا العلوية الموالية للأسد المعروفة باسم الشبيحة.

ويعتبر طلال الميحاني، وهو أكاديمي مقيم في بريطانيا يساعد جماعات المعارضة في العلاقات الخارجية، لـ«رويترز»، إن النمط المتتابع للعمليات العسكرية ضد مجموعة من البلدات والمدن في الأسابيع القليلة الماضية يظهر أن الجيش ليس لديه ما يكفي من القوات الموالية للانتشار في نفس التوقيت في كل مكان. ويقول محللون آخرون إن الجيش يظهر مؤشرات على الانتشار ببطء أكثر من الأسابيع الأولى، مما يشير إلى أنه يضطر إلى إجراء حسابات دقيقة لتوفير الأعداد المطلوبة لتعزيز الوحدات السنية بقوات رفيعة المستوى.

وقال الميحاني الذي زار دمشق في منتصف يوليو (تموز) «ليس لديهم ما يكفي من الجنود الموالين.. وبالتالي فإننا دخلنا مرحلة مزمنة من هذا الصراع لن يحقق فيه الجيش ولا الشعب نتيجة حاسمة». وقال أفندي (34 عاما)، وهو من بلدة جسر الشغور في الشمال وهو يقف مع مجموعة من نحو 12 محتجا أمام السفارة السورية في لندن يوم الاثنين الماضي، إن الانشقاقات هدف رئيسي للمعارضة، غير أنه متفهم للخوف الذي يعتري الجنود. وأضاف «مسؤولو الأمن يعلمون أنهم يقتلون إخوانهم وأخواتهم وأولادهم بالنيابة عن النظام. حان الوقت ليوقفوا هذا ويثبتوا أنهم وطنيون».