موالون للأسد يعتدون على مظاهرة داعمة للشعب السوري في بيروت.. والقوى الأمنية لا تتدخل

سفير سوريا يحذر من أن لبنان «ليس خارج الاستهداف».. وجنبلاط يشدد على حق التظاهر السلمي

تشييع في ادلب أمس في صورة مأخوذة من أوغاريت
TT

قال سفير سوريا لدى لبنان، علي عبد الكريم علي، إن «الاستهداف الذي تتعرض له سوريا، ليس لبنان خارجا عنه، لأن العلاقة بين البلدين مترابطة، والمصالح مشتركة، والأمن متبادل، بالإضافة إلى الاستهداف الإسرائيلي، والاستهداف التآمري الذي يستهدف سوريا».

وأكد السفير السوري إثر زيارته وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور، حيث نقل إليه دعوة من نظيره السوري، وليد المعلم، لزيارة دمشق، أن «للبنان مصلحة بأمن سوريا، كما أن لسوريا مصلحة بأمن لبنان، لذلك فإن القضايا كلها تستدعي من الوزارتين (الخارجية) ومن الوزيرين ومن المسؤولين في البلدين، المناقشة والحوار». واعتبر أن «سوريا تخرج من محنتها إن شاء الله، والحوار الداخلي السوري والإصلاحات التي يقودها الرئيس الأسد مستمرة وماضية وتعطي نتائج إيجابية».

وجاء ذلك في وقت أثار فيه اعتداء نفذه موالون للرئيس السوري بشار الأسد في لبنان، على مؤيدين للشعب السوري كانوا يتظاهرون أمام مقر السفارة السورية في بيروت، رفضا للقمع والقتل الذي يحصل في سوريا، جملة من المواقف السياسية المنددة بالحادث، والرافضة لتحويل مقر السفارة السورية مربعا أمنيا يحظر على اللبنانيين الاقتراب منه. فكان الموقف الأبرز لرئيس جبهة «النضال الوطني»، النائب وليد جنبلاط، الذي شدد على ضرورة «الحفاظ على حق التظاهر السلمي، وعدم تحويل شوارع بيروت إلى مربعات أمنية». في وقت استوقف المراقبين ما قاله السفير السوري لدى لبنان، علي عبد الكريم علي، من أن «الاستهداف الذي تتعرض له سوريا لن يكون لبنان خارجا عنه، بسبب ترابط الأمن والمصالح بينهما». وكان عدد من مناصري النظام السوري المنتمين إلى أحزاب لبنانية موالية لنظام الأسد، مزودين بالعصي والسكاكين، هاجموا، ليل أول من أمس، عشرات الأشخاص الذين كانوا يتظاهرون أمام السفارة السورية في منطقة الحمراء في بيروت، للمطالبة بضمان حقوق الإنسان في سوريا، ووقف عمليات القمع بحق المحتجين سلميا، وتطبيق الإصلاحات الموعودة، الأمر الذي أدى إلى سقوط عدد من الإصابات بصفوف المتظاهرين نقلوا على أثرها إلى المستشفيات المحيطة للمعالجة جراء تعرضهم للضرب المبرح وإصابتهم بجروح تفاوتت بين طفيفة ومتوسطة وحرجة.

وكان اللافت في الأمر عدم تدخل الجيش والقوى الأمنية الذين حضروا إلى المكان لإبعاد المعتدين، بحجة أنه لا أوامر لديهم بتوقيف أحد. وأوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوى الأمنية قامت بواجبها في حماية المتظاهرين والفصل بين الطرفين، وأن الاعتداءات المشار إليها وقعت في شوارع فرعية بعد تفريق المحتشدين من أمام مبنى السفارة السورية من الطرفين».

وأعلن مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحقيق القضائي سيأخذ مجراه فيما حصل فور تسلّم النيابة العامة تقارير بحقيقة ما جرى، وعند تقدم المتضررين بدعاوى شخصية أمام القضاء».

وتعليقا على الحادث، رأى عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، النائب السابق مصطفى علوش، أن «الجهة التي نفذت هذا الاعتداء، أي الحزب السوري القومي الاجتماعي، هي إحدى أهم الأذرع الأمنية للنظام السوري في البلطجة وأعمال التخريب»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما كلّف به هذا الحزب يرمي إلى خنق أي تحرك ديمقراطي يقوم به الشعب اللبناني تضامنا مع الشعب السوري، الذي يتعرض لأبشع أنواع القمع والقتل والتنكيل على يد النظام وبلطجيته، وما حصل هو محاولة للعودة بلبنان إلى الممارسات الأمنية التي كنا نشهدها في زمن الوصاية، وهذا ما يؤكد أن الحكومة الحالية هي واجهة للنظام السوري في لبنان».

ولفت علوش إلى أن «عدم تحرك القوى الأمنية بشكل فاعل لإنقاذ المعتدى عليهم وتوقيف المعتدين، يؤكد أن الشعب اللبناني يمر بفترة عصيبة جدا في حياته، ولكن سنصمد وسنواجه ولن نسمح للبلطجية بأن يسخروا حياتنا لصالح أسيادهم».

إلى ذلك، شدد رئيس جبهة النضال الوطني، النائب وليد جنبلاط، على «ضرورة أن يبقى حق التظاهر السلمي ضمن الأصول القانونية المرعية الإجراء محفوظا، بمعزل عن الشعارات والعناوين والهتافات، وأن تبقى مساحة حرية التعبير عن الرأي مصانة لأنها تتلازم مع التعددية والتنوع الذي طالما تميز به لبنان».

ولفت إلى أن «تحويل بعض شوارع أو مناطق بيروت إلى مربعات أمنية لا يفيد أحدا، فالعاصمة لكل اللبنانيين وتحتضن كل الاتجاهات والتيارات السياسية والفكرية المتنوعة»، مشيرا في السياق نفسه إلى أن «احترام وسائل الإعلام خلال تأدية مهامها ودورها في تغطية الأحداث السياسية يفترض أن يكون من المسلمات». وأضاف: «لذلك قد يكون مفيدا لبعض الشخصيات الوزارية أن تتذكر هذا المبدأ، فالحريات الإعلامية توازي بأهميتها الحريات السياسية والعامة والشخصية، والحفاظ عليها وصيانتها مسؤولية القوى السياسية مجتمعة».

بدوره، استنكر اتحاد «الشباب الديمقراطي اللبناني» (الجناح الطلابي في الحزب الشيوعي اللبناني)، ما «تعرض له المعتصمون أمام السفارة السورية من مجموعة من الشبان المدنيين وغير المدنيين». وأكد تضامنه مع «المعتصمين وحقهم في التعبير عن رأيهم مهما كان هذا الرأي»، داعيا «القضاء اللبناني والأجهزة الأمنية لتوقيف المعتدين ومحاسبتهم في أسرع وقت»، ومجددا دعمه «حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي والعمل السياسي وحق الشباب في التعبير عن رأيهم».