فرنسا لم تتراجع عن استصدار قرار من مجلس الأمن أقوى من البيان الرئاسي

باريس تدفع باتجاه عقوبات إضافية والهدف قطاع النفط والغاز السوري

TT

تعتبر فرنسا أن البيان الرئاسي الذي قرأه رئيس مجلس الأمن الدولي والذي جاء بعد مخاض طويل من المساومات «خطوة أولى» ستليها بالطبع خطوات أخرى في حال لم يتغير الوضع في سوريا ويتوقف القمع وهو الأمر الذي لا يتوقعه أحد في باريس. وكشف وزير الخارجية ألان جوبيه عن أن بلاده «لا تستبعد طرح نص أكثر تقييدا بالنسبة لسوريا خلال الاجتماع المرتقب بعد سبعة أيام» لمجلس الأمن وفق منطوق البيان الرئاسي مما يعني عمليا أن الموضوع السوري أصبح بشكل دائم على طاولة مجلس الأمن. وليس من المستبعد أن يطلب المجلس من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم تقريرا دوريا عن الوضع كما هو الحال مع أزمات أخرى عبر العالم. وبحسب الوزير الفرنسي، فإن مجلس الأمن «يمكن أن يذهب أبعد من ذلك في قراراته إذا لم يتبدل شيء» في سوريا في المهلة الفاصلة عن الموعد القادم.

وترى باريس أن توصل المجلس إلى إصدار البيان المذكور رغم أنه غير ملزم يعد «تحولا» في مواقف الدول التي كانت تعارض صدور أي نص أو حتى قبول النظر في الوضع السوري رغم سقوط ما لا يقل عن 1600 قتيل. ولا تخفي المصادر الفرنسية أن الدول الأوروبية الأربع التي كانت تقدمت منذ أسابيع بمشروع قرار إلى المجلس اضطرت إلى خفض سقف طموحاتها وتعديل نصها ليكون مقبولا من روسيا والصين والدول الأخرى المعارضة. ووصف جوبيه في حديث صحافي أمس إلى إذاعة «فرانس أنفو» الإخبارية البيان بأنه «مرحلة بالغة الأهمية.. لم يكن من السهل بلوغها».

وبأي حال، تعتبر باريس أنه لم يكن بوسع مجلس الأمن الاستمرار في صمته إزاء ما هو حاصل في سوريا وأنه كان لا بد له أن يبدي موقفا من التطورات فيها إن عبر قرار دولي وهو ما كانت تفضله أو عبر بيان رئاسي وهو «أفضل الممكن». وبحسب باريس، فإن أهمية البيان أنه يعكس «إجماع» الأسرة الدولية على إدانة قمع السلطات السورية بحيث لن يكون بإمكانها اللعب على التناقضات القائمة بين مجموعة هذه الدول أو تلك أو مصالح هذه الدولة أو تلك.

وتنظر باريس إلى البيان الدولي على أنه أحد عوامل الضغط على النظام السوري لحمله في المرحلة الأولى على وقف حملته القمعية. غير أن فرنسا ومعها دول الاتحاد الأوروبي والعالم الغربي بشكل عام لن تتخلى عن عاملين أساسيين من عوامل الضغط المتوافرة لديها وهما فرض العزلة السياسية والدبلوماسية على السلطات السورية والدفع باتجاه مزيد من العقوبات الاقتصادية.

وتعتبر المصادر الفرنسية أنه يتعين استخدام العقوبات بشكل «لا يصيب السكان بل جهاز الدولة وأدواتها». غير أنها في الوقت عينه، تعي أن فاعلية العقوبات لا يمكن أن تتحقق من غير استهداف القطاعات الاقتصادية الحساسة وعلى رأسها قطاع النفط والغاز. وحتى الآن، امتنعت فرنسا ومعها البلدان الأوروبية عن سلوك هذا الطريق. لكن ذلك لا يعني أنها ستمتنع عن سلوكه في حال استمر النظام السوري على نهجه. أما القطاع الآخر الذي يمكن استهدافه فهو القطاع المصرفي الذي بدأ يعاني من صعوبات توفير السيولة فضلا عن الضغوط التي تمارس على الليرة السورية. والغرض الذي يسعى إليه الغربيون فك ارتباط شرائح من المجتمع السوري بالنظام عن طريق إفهامها أن النظام ليس ضمانة لبحبوحتها وازدهارها. غير أن عقوبات من هذا النوع تذهب أبعد من العقوبات الفردية التي فرضها الاتحاد الأوروبي في الأسابيع الأخيرة تحتاج إلى توافق بين العواصم الأوروبية وإلى تخطي المصالح الآنية لعدد من الشركات الأوروبية خصوصا الفاعلة منها في قطاع الطاقة. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن شركات مثل «توتال» الفرنسية أو «إيني» الإيطالية كانت لها مصالح واسعة نفطية وغازية في إيران، لكنها جمدت نشاطاتها وانسحبت من السوق الإيرانية بعد أن طلبت حكوماتها ذلك.