كارثة إنسانية في حماه: مقتل العشرات.. ونقص في الغذاء والأدوية والمدينة مقطعة الأوصال

امرأة فرت من حماه: رغم أن مجزرة الثمانينات كانت أكبر بكثير فإنه لم يتم قطع الاتصالات وكنا نتمكن من الاطمئنان على الأوضاع

ارتال من الدبابات متجهة إلى مدينة حماه ( شبكة شام الاخبارية)
TT

ارتفعت حدة العنف ضد المدنيين في حماه أمس، إذ وردت تقارير عن مقتل أكثر مائة شخص في يوم واحد، وعشية جمعة «الله معنا» التي تداعى إليها الناشطون على صفحات «فيس بوك»، بدأت مظاهر كارثة إنسانية بالظهور في حماه مع استمرار قطع المياه والكهرباء والاتصالات عن السكان، والشكوى من نقص في المواد الغذائية والأدوية.

وقالت منظمة «افاز» لحقوق الإنسان، إن 109 أشخاص قتلوا في حماه أمس، وإن عددا من القتلى تم إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة في الرأس، وذلك استنادا إلى مصادر طبية في حماه، بحسب ما قالت المنظمة. إلا أن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه من غير الممكن التأكد من أرقام القتلى التي هي بالعشرات، نظرا لانقطاع خطوط الهواتف الجوالة والأرضية عن المدينة. وقال: «لا نعرف ما يحصل على وجه الدقة لأن الهواتف مقطوعة، ويتعذر الاتصال بالمستشفيات، ولكن الفارين يتحدثون عن مقتل العشرات». وأضاف: «بالتأكيد أن الوضع مخيف».

ووردت أنباء أمس عن تواجد عشرات الجثث ملقاة عند مدخل المدينة حيث كان يوجد أضخم تمثال للرئيس السابق حافظ الأسد الذي أزالته السلطات قبل نحو شهرين كي لا يدمره السكان. وقال سكان من حماه تمكنوا من الفرار يوم أمس، إن الدبابات وصلت إلى ساحة العاصي وتمت السيطرة على الساحة والتي تعد منطقة مرتفعة وفيها أعلى المباني وتعود للحكومة. وقد نشر القناصة عليها، منها مبنى عبد الباقي المواجه لمبنى المحافظة، ومبنى شركة الكهرباء، ومركز الحزب. كما تم نشر القناصة على قلعة حماه التي تطل على عدة أحياء، وقام عناصر الأمن باحتلال كل مستشفيات المدينة العامة منها والخاصة.

ونقلت وسائل إعلام عن شاهد عيان يوم أمس أن نحو 45 شخصا قتلوا جراء قصف الجيش لبعض الأحياء أول من أمس، وتحدث عن وجود عدد كبير من الجرحى في المستشفيات. وقال إن «عددا من المباني أحرق جراء القصف، إلا أنها ليست مدمرة بالكامل». وأشار إلى انتشارا لدبابات في الشوارع الرئيسية للمدينة وخصوصا في ساحة العاصي وأمام القلعة وسط المدينة، وأن الجيش والأمن استخدموا قنابل انشطارية، مع استمرار لإطلاق كثيف للنار يوم أمس. وقال ناشطون إن السباح الأولمبي ناصر الشامي الذي كان يخرج في المظاهرات في حماه، وجد مقتولا بطريقة انتقامية بشعة.

وعن الوضع الإنساني هناك، قالت سيدة في العقد السادس من العمر غادرت حماه مع أولادها يوم الثلاثاء، لـ«الشرق الأوسط»، إنها تمكنت من الاتصال بأحد جيرانها الذين فروا من المدينة يوم أمس، وأخبرها أن «الوضع الإنساني سيئ للغاية». وأضافت: «بعد ثلاث أيام من قطع الكهرباء فسدت الأطعمة في الثلاجات، كما نفد شحن بطاريات الهواتف الجوالة، وحتى لو تمكن أحد من التقاط شارة لا يمكنه الاتصال لنفاذ الشحن، وهناك نقص شديد في المواد الغذائية والطبية». وتابعت السيدة التي طلبت عدم ذكر اسمها أن «قسما من أهلها ما زال في المدينة». وقالت في «الثمانينات ورغم أن المجزرة كانت أكبر بكثير والحصار شديد فإنه لم يتم قطع الاتصالات وكنا نتمكن من التواصل مع بعضنا البعض داخل حماه ونطمئن على الأوضاع، ولكن اليوم الأمر أصعب بكثير، ويبدو أن حقد النظام أعنف مما كنا نتوقع». وناشدت السيدة العالم أن «يرأف بمدينة حماه قبل أن تدمر عن بكرة أبيها».

وحذر ناشطون من حماه من قيام تلفزيون «الدنيا» والتلفزيون السوري بفبركة أفلام لتأكيد وجود عصابات مسلحة إسلامية، حيث قالوا إنهم شاهدوا فريقا تلفزيونيا يصور «نساء يرتدين ملاءات سوداء مسلحات على حواجز ومعهن رجال مسلحين، وإنه جرى تمثيل مشهد عن تبادل لإطلاق النار وهناك بعض الجثث المرمية على الأرض على أنها جثث لعناصر الأمن» وتخوف الناشطون أن يكون ذلك مقدمة لاستهداف النساء في حماه.

وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس أن أكثر من ألف عائلة نزحت عن حماه، وقال عبد الرحمن إن «أكثر من ألف عائلة نزحت عن حماه نحو السلمية (30 كلم جنوب شرقي حماه) هربا من العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات من الجيش في المدينة». وأضاف الناشط أن «قوات الأمن أعادت عند الحاجز عائلات أخرى كانت متجهة نحو حلب (شمال) فعادت أدراجها حيث استقبلها سكان سراقب (شمال غرب)».

وكان عبد الرحمن أفاد عن نزوح أكثر من 500 عائلة مساء أول من أمس. وأكد الناشط «عدم تمكنه من الحصول على أي معلومات حول ما يحدث في حماه على وجه الدقة وعما أسفرت عنه العملية العسكرية من قتلى وإصابات». وأضاف أن «دوي انفجارات سمع وسجل انتشار للجيش لكن ليست لدي معلومات عن شهداء حيث إن اهتمام العائلات انحصر بالبحث عن الهروب من هذا الوضع». وأكد الناشط أن «الاتصالات الهاتفية الخليوية التي قطعت وعادت مساء الأربعاء عادت وانقطعت من جديد»، لافتا إلى أن «الاتصالات كانت مقطوعة على ما يبدو للتغطية على عملية حماه».

من جهة أخرى، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس عن شهود عيان أن ثلاثين شخصا قتلوا إثر عملية عسكرية قام بها الجيش أول من أمس في حماه، وتحدث عن وجود عدد كبير من الجرحى في المستشفيات. وأكد أحد سكان حماه تمكن من مغادرة المدينة أن «نحو ثلاثين جثة قتل أصحابها إثر قصف قام به الجيش الأربعاء دفنت في عدة حدائق عامة صغيرة». وأضاف أن «عددا من المباني أحرق جراء القصف إلا أنها ليست مدمرة بالكامل». وتحدث عن «انتشار للدبابات في المدينة وخصوصا في ساحة العاصي وأمام القلعة» في وسط المدينة. وأشار إلى «استخدام قنابل تطلق شظايا عند انفجارها»، لكنه أوضح أن «القصف توقف بينما يسمع دوي إطلاق نار من الرشاشات الثقيلة» صباح أمس. وأشار الشاهد إلى «تواجد للقناصة على أسطح المستشفيات الخاصة». وأكد أن «الوضع الإنساني صعب للغاية في المدينة التي تعاني من انقطاع للتيار الكهربائي والمياه والاتصالات ونقص في المواد الغذائية».