مصر: قانونيون كبار يشكلون هيئة موحدة للدفاع عن شهداء «ثورة 25 يناير»

صلاة الغائب على روح «شهيد العباسية».. ووزير الصحة يشكل لجنة للتحقيق في وفاته

متظاهرون غاضبون يحاولون المشاركة في تشييع جنازة شهيد العباسية محمد محسن (أ.ب)
TT

ربما اختلف المصريون على كل الأصعدة منذ ثورة 25 يناير وحتى اليوم، إلا في نقطة واحدة وهي حقوق شهداء الثورة.. وإيمانا منهم بضرورة البحث عن ذلك الحق، شكل عدد من المحامين والقانونيين البارزين هيئة للدفاع عن حقوق الشهداء وأسرهم أمام القضاء، في المحاكمات الخاصة بقتل المتظاهرين السلميين أثناء الثورة.. بينما شهد ميدان التحرير إفطارا جماعيا لأسر الشهداء والمصابين في أول جمعة في شهر رمضان، حيث حرص المصريون على إشعار أهل الشهداء بالدعم المعنوي.

وفي الإطار ذاته، شيعت جنازة الناشط الشاب محمد محسن، الذي توفي إثر مضاعفات الإصابة بحجر في رأسه أثناء ما عرف إعلاميا بـ«موقعة العباسية» يوم 23 يوليو (تموز) الماضي. وبينما تم تشييع الجنازة شعبيا بمسقط رأسه في أسوان (أقصى جنوب مصر)، أدى شباب الثورة صلاة الغائب على روحه بمسجد عمر مكرم بميدان التحرير، فيما شكل وزير الصحة، الدكتور عمرو حلمي، لجنة للتحقيق في واقعة مقتله.

ولدت فكرة تشكيل هيئة الدفاع عن حقوق الشهداء، بعد ما ظهر في أولى جلسات محاكمة الرئيس السابق ونظامه، يوم الأربعاء الماضي، من ضعف وتشتت من جانب المدعين بالحق المدني، أمام كفة موازية مثقلة بالمحامين المخضرمين في صف الدفاع عن المتهمين. وبحسب الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، عضو الهيئة، فإن فكرة تشكيل الهيئة جاءت عقب انتهاء الجلسة الأولي من المحاكمة، قائلا: «وضح لنا أن الموكلين عن أسر الشهداء ليسوا بالقوة اللازمة لمواجهة دفاع مبارك».

وضمت الهيئة الجديدة عددا كبيرا من الأسماء، من بينهم: سامح عاشور نقيب المحامين السابق، وأساتذة القانون: محمد نور فرحات وعاكف البنا وحسام عيسى وأيمن سعد وأبو العلا عقيدة وسيد نايل والمستشار محمود الخضيري وسمير حافظ، والمحامين: منتصر الزيات ومحمد العمدة وعصام الإسلامبولي وخالد أبو بكر وصبحي صالح وممدوح إسماعيل وممدوح رمزي وأحمد سيف الإسلام حمد.

وقال عيسى لـ«الشرق الأوسط»: «فور مشاهدتي للمحاكمة، اتصلت بزملائي في الجامعة الذين وافقوا على الفور أن يكونوا أعضاء في اللجنة»، وأضاف أنه سيتم البدء في عقد اجتماع فوري اليوم أو غدا (الأحد).

وكشف عيسى عن وجود فصائل ولجان أخرى تتحرك في اتجاه هدف الهيئة نفسه، متوقعا أن يصل العدد إلى مائة محام؛ لكنه أكد أنه سيتم ضم جميع هذه اللجان في لجنة واحدة تضم 20 محاميا، مؤكدا على وجود «جيش» من المحامين المساعدين لفريق هيئة الدفاع، على حد وصفه.

وعن الخطوات الإجرائية التي سيتم اتباعها، قال عيسى: «في البداية لا بد من عمل توكيلات من أسر الشهداء قبل البدء في الخطوات الإجرائية»، وتابع: «يكفي توكيلان من أسرتين وينتهي الأمر»، موضحا أن أعضاء الهيئة متطوعون للدفاع عن الشهداء من دون أي مقابل.

وعن أي شق سوف تبدأ به الهيئة، قال عيسى: «سوف تتناول القضية من جميع الجوانب، وبمجرد الحصول على التوكيلات سوف نذهب للاطلاع وتصوير أوراق الدعوة، للبدء في دراسة الموضوع قبل يوم 14 أغسطس (آب) الحالي».

ومن جانبه، قال محمد أبو كرورة، نقيب محامي محافظة أسوان، لـ«الشرق الأوسط» إن كثيرا من المحامين تعرضوا لإجراءات متعمدة لمنعهم من دخول قاعة المحاكمة، وذلك حتى يظهر التباين بين كفتي الدفاع، ولإعطاء دفاع المتهمين فرصة أكبر للتأثير على الرأي العام.. وناشد أبو كرورة أسر الشهداء والمصابين سرعة تحرير التوكيلات للحفاظ على حقوقهم.

وفي غضون ذلك، شيع أبناء محافظة أسوان بصعيد مصر جثمان محمد محسن أحمد «شهيد العباسية» إلى مثواه الأخير بمسقط رأسه، أمس الجمعة. وكان محمد (23 سنة) لقي مصرعه متأثرا بإصابته التي تعرض لها خلال مشاركته في المسيرة التي توجهت إلى المجلس العسكري من ميدان التحرير في 23 يوليو (تموز) الماضي، بعد أن أصيب بحجر في الرأس أدى إلى حدوث نزف بالمخ، وتوفي الأربعاء الماضي بمستشفى معهد ناصر بالقاهرة.

ومنع عدد من المشيعين المنتمين لتيارات وقوى سياسية، قيادات الأمن التي حضرت للمشاركة وتأدية واجب العزاء، من حضور مراسم الجنازة.. وأكد الناشط السياسي بأسوان، جمال فاضل، أن الجنازة كانت شعبية، لافتا إلى أن أسرة محسن احتسبوه شهيدا عند الله، موضحا أن أكبر دليل على كونه شهيدا هو حضور أفراد من الجيش والشرطة جنازته، وتصريحات وزيري الصحة والداخلية حول التحقيق في واقعة قتله.

وقال فاضل في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «سوف نتقدم ببلاغ للنائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، غدا الأحد، وسوف نتهم أحد أعضاء المجلس العسكري بالمسؤولية، وذلك لإدلائه بتصريحات تحريضية ضد المتظاهرين، وكذا وزارة الداخلية لعدم تأمينها المتظاهرين ومشاركتها في حصارهم، وكذا المستشفيات التي رفضت استقبال محسن، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية».

إلى ذلك، قرر وزير الصحة تشكيل لجنة للتحقيق في واقعة وفاة محسن، وأكد الوزير، أنه بمجرد الانتهاء من التحقيقات سوف يتم الإعلان عن نتائجها واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المقصرين في أداء الواجب الطبي بلا تهاون، وذلك في حال ثبوتها.