داليا زيادة لـ«الشرق الأوسط»: أميركا تؤيد الحكم العسكري على وصول الإسلاميين للحكم

مديرة منظمة المؤتمر الإسلامي الأهلية بشمال أفريقيا: دربنا النشطاء السياسيين فقط على الأعمال السلمية

داليا زيادة (تصوير عبد الله السويسي)
TT

حذرت داليا زيادة، مديرة مكتب شمال أفريقيا لمنظمة المؤتمر الإسلامي الأميركي، إحدى المنظمات الأميركية غير الهادفة للربح، ولها فروع في كل من العراق ومصر وتونس، من أن هناك قلقا أميركيا حاليا تجاه تصاعد التيارات الدينية في مصر، وأنه لا بد من التركيز على دعم دور الأزهر الشريف واستعادة مكانته ونشر الإسلام الوسطي الذي يتقبل الآخر، وأن الإدارة الأميركية تفضل دعم حكم عسكري في مصر للوقاية من وصول الإسلاميين للحكم ويحترم حقوق الإنسان.

وأوضحت زيادة، مديرة المنظمة المهتمة بتوعية المواطنين بالحقوق المدنية وحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية، أن الثورات العربية نجحت بقدر كبير في تغيير صورة العرب والمسلمين عند الغرب باعتبار أنهم يسعون إلى نيل الحرية والديمقراطية بصورة سلمية، كما حدث في الثورة المصرية التي بهرت الجميع.

زيادة التي صنفتها مجلة «النيوزويك» الأميركية كواحدة من أكثر السيدات تأثيرا في العالم، أكدت أن الثورات العربية غيرت الصورة النمطية لدى الغرب عن العرب والمسلمين، وأن المصريين على سبيل المثال بثورتهم السلمية البيضاء قتلوا أسامة بن لادن قبل أن تقتله القوات الأميركية، بمعنى أن الصورة النمطية السلبية التي تركها أسامة بن لادن بتعصبه وممارساته العنيفة في أذهان الغرب عن المسلمين سوف تتغير بكل تأكيد بعد الثورة المصرية والثورات العربية في تونس وليبيا وسوريا واليمن، بما شهدته هذه المناطق من تحركات سلمية مشرفة قادها الشباب في جميع أنحاء العالم العربي، وهو الأمر الذي دفع زيادة إلى الأمل في مستقبل مشرق في المنطقة.

ودعت زيادة الجميع للتكاتف مع بقية الثوار في سوريا واليمن وليبيا داعية إلى وقف ما سمته بالانتهاكات والمجازر التي ترتكبها بعض الدول الآن لقمع الثوار، ولكنها في النهاية متفائلة بأن الشعوب العربية ستحقق ما تتمناه وتستحقه. وأعربت زيادة عن شعورها بالأسى الشديد لما يحدث الآن في سوريا وليبيا من قتل متعمد للمدنيين بغرض الحفاظ على السلطة والتمسك الأعمى بها، مؤكدة أن كل ما تستطيع المنظمات الحقوقية فعله هي الضغط على المجتمع الدولي للتدخل ووقف تلك الانتهاكات من خلال منظمات دولية كالأمم المتحدة مثلا، وفي الوقت نفسه محاولة مساعدة ضحايا تلك الانتهاكات وحصرها، قدر الإمكان.

وأكدت زيادة أن منظمة المؤتمر الإسلامي الأميركي هي منظمة أهلية تعمل على نشر ثقافة الحرية وحقوق الإنسان في العالم الإسلامي، وتوعية الجماهير بالحقوق المدنية وحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية، من خلال برامج مبتكرة تستهدف كل قطاعات المجتمع وكل الفئات العمرية ونشر قيم اللاعنف واستراتيجيات العمل السلمي، من خلال تدريبات لشباب النشطاء السياسيين في المنطقة، والمشاركة في برامج خاصة بالمرأة، تهدف إلى تمكين المرأة من نيل حقوقها بشكل أكثر تأثيرا وإفادة للمجتمع، لا يستهدف فقط المرأة العربية، ولكن يستهدف التواصل مع صناع القرار في منطقة الشرق الأوسط لتشجيعهم على تبني خطط وبرامج تعين المرأة على تحقيق هذا الهدف.

من ناحية أخرى، أشارت زيادة إلى أنها تلمست أثناء زيارتها الأخيرة للولايات المتحدة في يوليو (تموز) الماضي تخوف عدد كبير من المسؤولين الأميركيين من صعود الإسلاميين والحركات الإسلامية المتشددة إلى الحكم في مصر، وتابعت زيادة بقولها: «هناك تفضيل من قبل عدد كبير من القيادات الأميركية لدعم الحكم العسكري في مصر لتجنب إعادة خلق إيران جديدة في المنطقة إذا تولى الإسلاميون الحكم»، ولكن زيادة أكدت أن هذه التخوفات الأميركية من بعض التيارات الإسلامية في مصر، يمكن اعتباره موقفا غير سليم من الولايات المتحدة، مؤكدة أن الأولى بالدعم الأميركي في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها مصر هو الحركات السياسية المدنية، أو ما وصفته زيادة بالفريق الثالث من الحركات الشبابية وحركات المجتمع المدني الذي صنع تلك الثورة والمؤمن تماما بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

وأكدت زيادة أن الإدارة الأميركية دائما تنظر إلى العالم العربي وفقا لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة، مؤكدة أن الولايات المتحدة الأميركية تنتهج سياسة مصلحية تجاه قضايا الشرق الأوسط، خصوصا مصر، نظرا لتجاورها مع إسرائيل ودورها التاريخي في المنطقة بشكل عام.

وأشارت زيادة إلى أن تصريحات الإدارة الأميركية في بداية الثورة المصرية وتأييدها الشديد لموقف الرئيس السابق كان أمرا مخزيا، خاصة أنه تناقض كثيرا مع ما ذكره الرئيس أوباما في خطابه إلى العالم الإسلامي من القاهرة قبل أكثر من عام من اندلاع الثورة المصرية، وهو الخطاب الأول لأوباما الذي وجهه إلى العالم الإسلامي من جامعة القاهرة، مؤكدا فيه على دعم الديمقراطية والحرية، وهو الأمر الذي لم نجده في تصريحات الإدارة الأميركية في بدايات الثورة المصرية. وأعربت زيادة عن غضبها تجاه الأزهر نظرا لانسياقه (على حد وصفها)، في السنوات الأخيرة، وراء رغبات النظام الحاكم، آنذاك، وتجاهله لدوره الحقيقي والعظيم كواحد من أكبر المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي ذات الهيبة والاحترام، آملة أن يستعيد الأزهر دوره الريادي بعد الثورة وسقوط نظام مبارك، وذكرت أن تراجع دور الأزهر بهذا الشكل أفقده مصداقيته لدى رجل الشارع العادي، مما جعل البسطاء يلجأون إلى التيارات المتشددة وجماعات الإسلام السياسي من أجل تلقي العلم وأخذ النصيحة، مما تسبب في كثير من المشكلات: «ولكن أنا أرى أن الأزهر بدأ يستعيد تلك المصداقية تدريجيا بعد إطلاق وثيقة الأزهر».

وذكرت زيادة أن فقدان الأزهر لدوره الريادي قد لا يؤدي فقط إلى صعود بعض التيارات المتشددة، ولكن ستصبح الوسطية والاعتدال اللذان طالما كانا في قلب الأزهر مجرد سراب إذا ما تولت هذه التيارات المتشددة زمام الأمور في مصر.

وتابعت زيادة: «إن صعود الإسلاميين لا يثير فقط مخاوف الأميركيين، ولكنه أيضا يثير الخوف عند الكثير من المصريين؛ لأن المصريين متدينون وملتزمون بطبعهم، لكنهم ليسوا متشددين، وأظن أن مصر لو سقطت في يد التيار المتشدد سنخسر جميعا للأبد».