متظاهرو ساحة التحرير يطالبون بإقالة وزير الكهرباء.. وممثل السيستاني يتهم المسؤولين بـ«الكذب»

الشيخ أحمد الصافي: بعض المسؤولين نائمون بمعنى الكلمة.. وكيانات سياسية لها شعارات فقط

عراقيون يهتفون خلال مظاهرة احتجاجا على الفساد والبطالة وسوء الخدمات في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

لم يمنع الحر اللاهب وغير المسبوق الذي يمر به العراق الآن فضلا عن شهر رمضان المبارك مئات المتظاهرين من التوجه إلى ساحة التحرير في قلب العاصمة العراقية بغداد رافعين شعارات وصور ولافتات ركزت في معظمها على المطالبة بتحسين الخدمات لا سيما الكهرباء، فيما اتهم ممثل المرجع الشيعي علي السيستاني في كربلاء المسؤولين بـ«الكذب». وفي حين واصل المتظاهرون رفع الشعارات التقليدية التي ظلوا يرفعونها منذ انطلاق أولى المظاهرات في العراق في الخامس والعشرين من شهر فبراير (شباط) الماضي والتي تتمثل بتحسين الخدمات مثل الكهرباء والماء وإيجاد فرص عمل للعاطلين ومحاربة الفساد المالي والإداري الذي استشرى في مفاصل الدولة فإنهم هذه المرة طالبوا بمحاكمة المسؤولين الذين أخلفوا بوعودهم التي كانوا قد قطعوها للمتظاهرين خلال الأسابيع الأولى من المظاهرات ومنهم عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون سلمان الموسوي الذي يعد أحد المستشارين المقربين لرئيس الوزراء نوري المالكي. كما طالب المتظاهرون بإقالة وزير الكهرباء رعد شلال (القائمة العراقية) ومحافظ بغداد صلاح عبد الرزاق (دولة القانون) والناطق باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا. وانتشرت في ساحة التحرير لافتات وشعارات حملت عبارات مثل «لا الصيام ولا القيام ينفع في رمضان ما لم يكن لله والوطن» أو «الدعوة إلى الوقوف بوجه الإرهاب والقتلة من مبادئ رمضان». كما حمل عشرات المتظاهرين صور أبنائهم الذين تم اعتقالهم بناء على وشايات المخبرين وقد تم زجهم بالمعتقلات دون عرضهم على القضاء رغم مرور فترات طويلة على اعتقالهم وأن البعض منهم أجبر على توقيع أوراق بيضاء ليملي المحقق المعلومات دون علم المعتقل مما يتنافى وأبسط مبادئ القضاء العراقي المعروف بنزاهته.

من جهته، اعتبر عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف العراقية ورئيس لجنة حقوق الإنسان سليم الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يطالب به المواطنون في ساحة التحرير من خلال المظاهرات أو في الأماكن الأخرى إنما هو حق مشروع ولكن المشكلة أن هذا الحق المشروع كثيرا ما يتم تجاهله من قبل الجهات التنفيذية بحجج غير مبررة»، مشيرا إلى «وجود حاجة إلى آليات جديدة على صعيد التعامل مع ملف المعتقلين لكي يصار إلى التعجيل بإطلاق سراحهم». وأوضح الجبوري أن «من بين المسائل التي تضيف المزيد من التعقيد على عملية التعامل مع المعتقلين أنه كثيرا ما يجري تحريك هذا الملف بطريقة إعلامية مفبركة تسهم فيها للأسف جهات رسمية عندما يتم ربط المعتقلين بالإرهابيين مسبقا وبالتالي حين تجري المطالبة بإطلاق سراح الأبرياء من هؤلاء يصور الأمر وكأنه مطالبة بإطلاق سراح الإرهابيين». وحذر الجبوري من أن «عدم اهتمام الحكومة والجهات التنفيذية بهذا الموضوع الحيوي يمكن أن يأخذ مدى أوسع يصعب السيطرة عليه لا سيما إذا جرى التعامل معه على مستوى المجتمع الدولي وهو أمر يمكن أن يكون بالغ الخطورة». وردا على سؤال حول الإجراءات التي تقوم بها لجنة حقوق الإنسان والصعوبات التي تواجهها، قال الجبوري إن «المشكلة التي نواجهها هي أنه في الوقت الذي يطلق سراح مجموعة من المعتقلين فإن هناك مجموعة أكبر منهم يجري اعتقالها الأمر الذي يبقينا ندور في ذات الحلقة يضاف إلى ذلك أنه حين يجري اعتقال مجموعة كثيرا ما يقال حتى على مستوى الإعلام أنه جرى اعتقال مجموعة من الإرهابيين لذلك أعطيت صفة الإرهابي مسبقا للمعتقل الذي ربما يكون بريئا وهو أمر نعاني منه ليس نحن وإنما كل الجهات المعنية بملف حقوق الإنسان في العراق» مؤكدا «استمرار اللجنة الخاصة بحقوق الإنسان في البرلمان العراقي بمواصلة الزيارات ومتابعة الجهات القضائية فيما يتعلق بالانتهاء من ملفات المعتقلين بالإضافة إلى طبيعة السجون والمعتقلات ومراعاة مختلف الجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان فيها».

إلى ذلك، وجه الشيخ أحمد الصافي ممثل المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني في كربلاء انتقادات لاذعة للمسؤولين العراقيين «لعدم مبالاتهم» خصوصا في إيجاد حل لمشكلة الكهرباء، واعتماد «الكذب» في الظروف الصعبة. وقال الصافي أمام مئات المصلين في صحن الإمام الحسين في مدينة كربلاء (120 كلم جنوب بغداد) إن «بعض المسؤولين نائمون بمعنى الكلمة وكيانات سياسية لها شعارات فقط». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تساءل «لماذا لا تؤجل المشاريع غير المهمة في الوزارات الأخرى وتحول أموالها لحل مشكلة الكهرباء؟». وخاطب المسؤولين الحكوميين قائلا «أين أنتم من هذه المشكلة؟ كم عقد وعقد وكم إيفاد وإيفاد وما زالت مشكلة الكهرباء» من دون حل. وأكد الصافي أن «شعور المسؤول بمحبته لبلده وشعبه يجعله يفكر بوسائل تخدم بلده ويتراجع عن مكاسبه الشخصية. كم مرة تكلمنا عن المكاسب الشخصية ولكن من دون أي رد فعل من المسؤولين؟». وشدد على أن «بعض المسؤولين يبررون الكذب على الشعب بقولهم (نحن في وقت حرج ولا بد من الكذب على الناس)»، محذرا من أنه «عندما تختفي الوطنية من المسؤول ممكن أن يشترى بالمال في الخارج» في إشارة لبحث المسؤولين عن مصالحهم مع دول أخرى. كما أشار إلى قيام مسؤولين بإنفاق الأموال في أمور بينها تغيير أثاث مكاتبهم عدة مرات في السنة دون حاجة لذلك رغم قضاء أوقاتهم خارج البلاد في سفرات وإيفادات، ما يكلف ملايين الدولارات ويعكس ثقافة بأن «الأهم راحة المسؤول» ولتذهب أموال البلاد حيثما تذهب.