جوبا تعلن أنها ستعترف بفلسطين كدولة مستقلة في حال تقدمها بطلب للأمم المتحدة

انشقاق في حزب الحركة الشعبية «التغيير الديمقراطي المعارض» قبيل إعلان تشكيل حكومة السودان الجنوبي الأولى بعد الاستقلال

TT

أعلنت مجموعة من أعضاء حزب الحركة الشعبية (التغيير الديمقراطي المعارض) والذي يتزعمه الدكتور لام أكول، انشقاقها عن الحزب وتشكيل تنظيم آخر تحت مسمى «التغيير الديمقراطي» قبيل إعلان الحكومة الجديدة بعد إعلان الاستقلال، في وقت قال فيه السودان الجنوبي إنه سيعترف بدولة فلسطين في حال تقدمها بطلب الانضمام إلى الأمم المتحدة.

وبرر ثلاثة من أعضاء حزب الحركة الشعبية (التغيير الديمقراطي) في مؤتمر صحافي في جوبا إعلان انشقاقهم بانعدام الديمقراطية داخل الحركة، وكشفوا عن أن رئيس الحزب الدكتور لام أكول كان قد اجتمع مع المتمردين، مستشار رئيس حكومة الجنوب عبد الباقي ايي، وبيتر قديت الذي أعلن أول من أمس وقف إطلاق نار غير مشروط. واتهم المنشقون قيادة حزبهم بأنها تمارس الديكتاتورية وتقود حربا بالوكالة لصالح نظام الخرطوم من خلال الميليشيات.

وقال الأمين العام للحزب في ولاية البحيرات سبت تيجوك، في المؤتمر الصحافي، إنه أقدم على خطوته بالمغادرة لضبابية برنامج الحزب وفقدانه المؤسسية، وأضاف «لام أكول يقود الحزب بأفكاره الذاتية لخدمة أهدافه الشخصية غير مبال بمصلحة الوطن»، فيما قال عضو المجلس القومي للحزب ألور أكول إنه يأسف لما يدور في أروقة التنظيم، وأضاف أنه انضم إلى التغيير الديمقراطي عند إعلانه وفقا للأجندة التي طرحها في ذلك الوقت، وقال «لقد اكتشفنا أن القيادة تمارس أجندة أخرى ليست التي تم إعلانها في دستور وبرنامج الحزب»، كاشفا عن أن لام أكول سبق أن اجتمع مع المتمردين بيتر قديت وعبد الباقي ايي الذي يقود تمردا في شمال بحر الغزال. وتتهم جوبا حكومة الشمال بأنها وراء دعمه لنسف الاستقرار في الدولة الجديدة، غير أنه لم يؤكد امتلاك حزب لام أكول لميليشيا، وقال «لا أستطيع إثبات ذلك لكن هناك أعضاء من الحزب شاركوا في أحداث ملكال الأخيرة في مارس الماضي».

من جهته، وصف القيادي في الحركة الشعبية (التغيير الديمقراطي) انبوتي اديقو في تصريحات المنشقين عن حزبه بالباحثين عن المال، وقال إن الذين انشقوا واجهوا ضغوطا اجتماعية، وإنهم كانوا يتوقعون أن ينالوا أموالا عند انضمامهم للحركة الشعبية (التغيير الديمقراطي)، في حين قلل مصدر قيادي في الحزب فضل حجب اسمه لـ«الشرق الأوسط» من الانشقاق الذي حدث، معتبرا المنشقين مجموعة من الطلاب، وقال إن عددا منهم لا علاقة لهم بالحزب لا من قريب أو بعيد، واصفا الحديث عن تعاون بين الحزب والميليشيات المتمردة بأنه نوع من الانتهازية، وقال «لماذا لم صمتوا كل هذه الفترة ويأتون الآن للحديث عن وجود علاقة مع المؤتمر الوطني أو الميليشيات)، وتابع (هذا كلام فارغ).

من جهة أخرى، تشهد جوبا عاصمة السودان الجنوبي هذه الأيام حراكا سياسيا واسعا قبيل إعلان تشكيل أول حكومة بعد استقلال الدولة الجديدة، وسط تكتم شديد على الأسماء المرشحة للحكومة. وتقول مصادر أن الرئيس سيلفا كير حدد مجموعة صغيرة للعمل معه كفريق لمراجعة الاسماء المرشحة وفحصها، ويتوقع أن يتم إعلان الحكومة في الأيام القليلة عبر خطاب يوجهه رئيس الحكومة في البرلمان الذي تم ضم الأعضاء المبعدين من برلمان السودان إليه بعد إعلان الاستقلال في السودان الجنوبي.

من جانبه أكد رئيس الحركة الشعبية (التغيير الديمقراطي) لام أكول لـ«الشرق الأوسط»، أن حزبه باق في المعارضة، وقال إن رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت تراجع عن مقررات مؤتمر الحوار الجنوبي - الجنوبي الذي انعقد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الأحزاب، وأضاف «لكن الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب اختارت أن تشاركها في الحكومة 5 أحزاب تتوافق مع الحركة من جملة 22 حزبا»، وتابع «الحركة الشعبية الحاكمة اختارت ذلك ونحن لسنا جزءا منها وسنظل في المعارضة»، مؤكدا أن حزبه موجود وينشط في الجنوب، وأضاف «ليس هناك ما يمنع وجودي في جوبا)».

إلى ذلك، قال وزير خارجية السودان الجنوبي دينق الور إن دولته ستعترف بفلسطين كدولة مستقلة عندما تتقدم بطلب الانضمام إلى الأمم المتحدة. وأضاف أن من مصلحة دولته الاعتراف بفلسطين وبإسرائيل بما أن الجانبين قد أعلنا اعترافهما بجنوب السودان عقب إعلانه لاستقلاله في التاسع من يوليو الماضى، وأضاف «موقفنا واضح سنعترف بأى دولة تعلن اعترافها بنا».

وكانت إسرائيل قد أعلنت عقب اعترافها بالجنوب أنها سترسل العديد من خبرائها الزراعيين والأطباء من أجل المساهمة في بناء الدولة الجديدة، لكن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون كان قد طلب من جوبا عدم التصويت لصالح إعلان دولة فلسطين والاعتراف بها.

في غضون ذلك، أعلنت مجموعة متمردة في السودان الجنوبي عن موافقتها على وقف غير مشروط لإطلاق النار والتزامها بالمحادثات مع جوبا لضم قواتها إلى جيش السودان الجنوبي، في وقت رحب فيه الجيش الشعبي (جيش السودان الجنوبي) بإعلان وقف إطلاق النار وأكد أن أي اتفاق يتم مع الحكومة سيتم تنفيذه على الأرض.

وقال المتحدث باسم مجموعة الجنرال المتمرد في جيش جنوب السودان بيتر قاديت، بول قاركواث أن مجموعته أعلنت وقف إطلاق للنار من دون شروط. وأضاف أن المجموعة المتمردة قبلت العفو الذي قدمه رئيس السودان الجنوبي سلفا كير ميارديت، وأضاف «جاء القرار بعد ضغوط من أصدقائنا في الخارج وتأكيد شعب جنوب السودان جدية الحكومة إزاء المصالحة».

وقال فاركواث إن مجموعته تضم نحو 10 آلاف مقاتل، مشيرا إلى أنه يترأس وفدا وصل من نيروبي إلى جوبا والتقى المسؤولين في الحكومة، معلنا عن نية المجموعة المتمردة الانخراط ضمن قوات الجيش الشعبي. وقال إن المحادثات التي ستبدأ مع الحكومة ستناقش عددا من القضايا، منها المشاركة في السلطة إلى جانب الانضمام إلى جيش السودان الجنوبي، وتابع «القضايا المهمة التي سيجري بحثها مع الحكومة تتمثل في شكاوى المتمردين الرئيسية، ومنها الأوضاع الإدارية وسوء إدارة البلاد»، مؤكدا عدم التوصل إلى اتفاق حول تلك القضايا في الوقت الراهن، نافيا أن يكون قد تم دفع المال للمجموعة المتمردة مقابل التخلي عن سلاحها، وقال «وقف إطلاق غير مشروط، ويعتبر بادرة حسن نوايا، ويأتي ردا على العفو الذي أعلنه الرئيس سلفا كير، وعلى جدية سعيه لإجراء محادثات معنا في نيروبي وغيرها».

من جانبه قال المتحدث باسم جيش السودان الجنوبي فيليب أوير، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش الشعبي يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بعد إعلان استقلال الدولة في التاسع من يوليو (تموز) الماضي، وأضاف أن المفاوضات ستخوضها الحكومة وليس الجيش في القضايا السياسية، وتابع «نحن ننفذ ما تتوصل إليه الحكومة من اتفاقيات، لكننا لا ندخل في قضايا التفاوض لأنها مسألة سياسية».