الثوار يؤكدون سيطرتهم على بلدة بئر الغنم.. لكنهم يجدون صعوبة في التقدم إلى طرابلس

المعارضة تزحف إلى البريقة.. و قوات القذافي تحاصر مدينة القصبات

صورة نشرت أمس لعدد من الثوار الليبيين من «كتيبة طرابلس» يستريحون في ثكنتهم، غرب العاصمة، ويسعى هؤلاء إلى أن يكونوا الأوائل في دخول طرابلس والإطاحة بالقذافي (أ.ب)
TT

أعلن قادة الثوار المناوئين لنظام العقيد الليبي معمر القذافي أمس استيلاءهم على بلدة بئر الغنم التي تبعد 80 كيلومترا جنوب العاصمة الليبية طرابلس، وجاء ذلك بعد أن شنوا في وقت سابق أمس هجوما على الحاميات الموالية للقذافي التي تحمي البلدة.

وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن مئات من المقاتلين تقدموا شمالا على طريق تناثرت عليه حطام مركبات محترقة للجيش الليبي.

وكان مقاتلو المعارضة المسلحة متمركزين منذ عدة أسابيع عند بلدة بئر عياد التي تبعد 30 كيلومترا إلى الجنوب من بئر الغنم، عندما هاجموا صباح أمس (الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي 6.00 بتوقيت غرينتش) الحاميات الموالية للقذافي عند بئر الغنم، حيث أطلق الثوار صواريخ من موقع قريب من بئر عياد، وسيطروا على موقع كانت تشغله قوات القذافي من خلال تقدمهم باتجاه الشمال وأسروا اثنين من المرتزقة التشاديين، ثم تقدموا نحو عشرين كلم، في حين كانت قوات القذافي تتراجع بعد الاشتباك مع المئات من الثوار القادمين من كل المنطقة، وخصوصا من الزاوية أو من طرابلس.

كما أطلق الثوار نيران المدفعية والقذائف الصاروخية من نوع غراد في المنطقة الصحراوية، حيث كانوا يتقدمون راجلين.

ويوجد خط الجبهة في الغرب في نواحي بئر عياد في جبل نفوسة الذي انتفض سكانه منذ فبراير (شباط) على نظام القذافي في الوقت الذي انطلقت فيه الثورة في الشرق، في بنغازي، معقل الثوار.

وكانت آمال الثوار المتمركزين عند أطراف بلدة بئر الغنم قد تلاشت في تحقق تقدم سريع نحو طرابلس، فعندما أخرج الثوار القوات الحكومية من مصنع للأسمنت عند أطراف البلدة الشهر الماضي وأقاموا موقعا على بعد نحو 80 كيلومترا من طرابلس - بدا الانتصار يلوح في الأفق.

لكنهم وجدوا بعد ذلك أنه من الصعب التقدم لبضع مئات من الأمتار، فضلا عن الوصول إلى معقل معمر القذافي.

وقال مقاتل من المعارضة يدعى موفات، في وقت سابق، بعد أن طلب عدم الكشف عن بقية اسمه لحماية عائلته من أي هجمات انتقامية «عندما سيطرنا عليه (المصنع) أخذنا نقول (سنصل إلى طرابلس قريبا). اتصلنا حتى بعائلاتنا وقلنا إننا قريبون جدا من طرابلس. الآن لا نتوقع في حقيقة الأمر إحراز أي تقدم. نأمل فحسب». وأفاد تقرير لوكالة «رويترز» بأن الأوضاع في بئر الغنم تسلط الضوء على الصعوبات التي تقف أمام محاولة ترجيح كفة الحرب في ليبيا لصالح المعارضين الذين يسعون لإنهاء حكم القذافي المستمر منذ 41 عاما. ويجلس في المصنع محامون وأطباء وطلاب يرتدون الزي العسكري، لكنهم ما زالوا يتعلمون القتال لمحاولة معرفة كيفية التفوق على جيش مدرب على نحو جيد.

وفي أي مرة يحاول فيها مقاتلو المعارضة المسلحون ببنادق هجومية طراز «إيه كيه 47» المضي قدما عبر سلسلة تلال، فإنهم يجدون أرضا صحراوية مكشوفة ووعرة لا توفر لهم غطاء من أسلحة ثقيلة مثل المورتر والرشاشات الثقيلة، في وقت زرعت فيه القوات الحكومية أيضا ألغاما أرضية.

وقال طالب من مقاتلي المعارضة يدعى محمود عبد الله (22 عاما)، أثناء جلوسه داخل خيمة، «قوات القذافي ستقطع علينا الطريق إذا حاولنا التقدم»، وأضاف «في البداية اعتقدنا أن باستطاعتنا التقدم صوب طرابلس خلال بضعة أيام أو أسبوع.. ولكن ليست هناك إمكانية في حدوث ذلك سريعا. قوات القذافي منظمة على نحو جيد. غالبا ما يتحركون خلال الليل ويضيئون أضواء سياراتهم كإشارات. من الصعب التكهن بتحركاتهم». والشيء الوحيد الذي غالبا ما يقومون به هو إطلاق صواريخ غراد على مقاتلي المعارضة. وأحيانا ما يسقط نحو 20 صاروخا في اليوم، مما يؤدي إلى حدوث آثار تفجير بيضاء كبيرة في منحدرات الصحراء أو ثقوب كبيرة مثل الموجودة في مصنع الأسمنت.

وثمة أخطار أخرى أيضا، ففي يوم الخميس الماضي حاصرت قوات القذافي مقاتلي المعارضة بالعبور فوق جبال قريبة. وقتل ثلاثة من مقاتلي المعارضة في الاشتباكات التي أعقبت ذلك.

وليس لدى مقاتلي المعارضة أي حماية تذكر ومعظمهم مسلح ببنادق «إيه كيه 47» أو ببضعة أسلحة حكومية رشاشة تم التخلي عنها عندما اجتاح مقاتلو المعارضة المنطقة.

وقال مقاتل من المعارضة يدعى سليم، وهو يحاول إصلاح أحد الرشاشات، بينما كان مقاتلون آخرون ينظفون طلقات بقطع مبللة من الكرتون المقوى، «لا نعتقد أنه سيحدث تغيير كبير هنا طالما لا نمتلك سوى هذه الأسلحة الخفيفة».

وفي تطور مواز، يواصل مئات المقاتلين المتمردين على القذافي التقدم شمالا على بعد نحو 40 كيلومترا من بلدة صرمان القريبة من الساحل المتوسطي، وتصاعدت أعمدة الدخان، مما يعتقد أنها مركبات تابعة للقوات الحكومية وقد حوصر جنود حكوميون داخل بعضها وتفحمت جثثهم. وغالبية المقاتلين الثوار على تلك الجبهة من «كتيبة طرابلس» وهم في معظمهم من المتطوعين الوافدين من طرابلس ومدن ساحلية أخرى لتلقي التدريب في جبل نفوسة ومن ثم مباشرة القتال.وفي سياق متصل، أعلن متحدث باسم الثوار الليبيين أن قوات القذافي تحاصر مدينة القصبات الصغيرة التي انتفضت على نظام العقيد معمر القذافي، على بعد نحو 100 كلم شرق طرابلس. وقال رائد حسين، عضو المجلس العسكري في القصبات، إن مجموعة من المتمردين مسلحين ببنادق هاجموا الخميس مدرسة كانت تحتلها قوات القذافي، وقال إن الثوار كانوا بقيادة خميس نوري الكاسح وكانوا مسلحين ببضع بنادق.

وأضاف رائد حسين في اتصال معه من بنغازي عبر القمر الاصطناعي «قتل ثلاثة من الثوار بينهم خميس الكاسح». وتقع القصبات التي تعرف كذلك باسم مسلاتة، على بعد 70 كلم من خط الجبهة في زليتن، في منطقة يسيطر عليها نظام القذافي، وقال رائد حسين إن قوات القذافي تحاصر المدينة منذ ذلك الحين.

وأضاف «كل الطرق المؤدية إلى القصبات مغلقة. لقد قطعوا الكهرباء وخطوط الهاتف منذ أمس (الجمعة)».

وأضاف «لقد اعتقلوا بعضا من سكان الأحياء الطرفية في المدينة. قوات القذافي لا تسيطر على البلدة بأكملها، لكننا نخشى أن يفعلوا ذلك اليوم»، غير أنه لم يتسن تأكيد هذه المعلومات من مصدر مستقل.

وفي تطور لاحق أمس، قالت المعارضة الليبية إنها بدأت زحفها للسيطرة على بلدة البريقة الساحلية النفطية لكنها تتقدم ببطء بسبب الألغام الأرضية التي زرعتها القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي عند مداخل البلدة.

وقال المتحدث باسم المعارضة محمد الزواوي «هناك حركة كبيرة على كل الجبهات حول البريقة. نحن نهاجم من ثلاثة اتجاهات».

وتعثر القتال في الصراع في ليبيا خلال الأشهر الماضية وتراوح بين تقدم وتقهقر لأسابيع على مشارف البريقة التي تقع جنوب غربي بنغازي عاصمة المعارضة.

وقال الزواوي إن قوات المعارضة أصبحت على مرمى البصر من منطقة سكنية بالبلدة وإنها تعتقد أنها يمكن أن تسيطر على البلدة، وأضاف أن ذلك قد يحدث قريبا جدا لكن المعارضة لا تريد أن تفقد أي مقاتل لذلك تتقدم ببطء لكن بثقة.