«إخوان مصر» في أول انتخابات علنية بـ«مكتب الإرشاد» يؤكدون استقلال حزبهم الوليد

مرشدها العام: «الإخوان» يعملون في النور ولا يلعبون بالسياسة ولا يناورون بها

المرشد العام د. محمد بديع في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس وأعلن فيه نتائج انتخابات مكتب الإرشاد (إ.ب.أ)
TT

في أحد أفخم فنادق القاهرة، وفي حضور عدد من المسؤولين والشخصيات العامة وجميع وسائل الإعلام المحلية والعالمية، أجرت، أمس، جماعة الإخوان المسلمين، أول انتخابات علنية في تاريخها، لاستكمال 3 أعضاء في مكتب الإرشاد (أعلى سلطة تنفيذية في الجماعة)، خلفا للأعضاء الذين قدموا استقالاتهم وتولوا مناصب قيادية في حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي للجماعة.

وبينما اعتبرت الجماعة أن خروج أعضاء الجماعة القياديين في حزب الحرية والعدالة عن مكتب الإرشاد، دليل على استقلالية هذا الحزب الوليد، قال المرشد العام الدكتور محمد بديع: «إن الانتخابات هي ثمرة لثورة 25 يناير (كانون الثاني) المباركة، وإن (الإخوان) يعملون في النور ولا يلعبون بالسياسة ولا يناورون بها».

وعانت جماعة الإخوان المسلمين، أكثر القوى السياسية شعبية وتنظيما في مصر، من حظر شديد وتضييق إبان فترة حكم الرئيس السابق، حسني مبارك، الذي أجبر على التخلي عن الحكم في 11 فبراير (شباط) الماضي. قبل أن تصعد الجماعة إلى صدارة المشهد السياسي المصري، عقب ثورة 25 يناير، وتشكل أول حزب سياسي لها تحت اسم الحرية والعدالة.

ويأتي هذا في الوقت الذي تتواصل فيه الاعترافات الدولية الضمنية بقوة وتأثير الجماعة في الشارع المصري بعد ثورة 25 يناير، وآخرها إعلان روسيا عن إجراء اتصالات مباشرة مع جماعة الإخوان المسلمين عبر حزب الحرية والعدالة.

وعبر الصناديق الزجاجية الشفافة، انتخب 107 أعضاء في مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين، كلا من المهندس عبد العظيم أبو سيف الشرقاوي ممثلا عن قطاع شمال الصعيد، حيث حصل على 68 صوتا، ومحمد أحمد إبراهيم (77 صوتا)، وحسام أبو بكر (60 صوتا). خلفا لكل من الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة، والدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب، والدكتور سعد الكتاتني؛ الذي شغل منصب الأمين العام للحزب.

ويعد مكتب الإرشاد، هو الهيئة الإدارية والقيادة التنفيذية العليا في الجماعة، التي تأسست عام 1928 على يد حسن البنا، وهو المشرف على سير الدعوة والموجه لسياستها وإدارتها والمختص بكل شؤونها وبتنظيم أقسامها وتشكيلاتها. ويتكون مكتب الإرشاد، فضلا عن المرشد العام، من 16 عضوا ينتخبهم مجلس الشورى من بين أعضائه بطريق الاقتراع السري، على أن يكون من كل قطاع جغرافي عضو واحد على الأقل. و3 أعضاء على الأكثر يجوز لمكتب الإرشاد تعيينهم بأغلبية أعضائه المنتخبين المقيمين بالجمهورية.

في حين يتكون مجلس شورى «الإخوان» من 120 عضوا، بينهم أعضاء مكتب الإرشاد، و27 مسؤولا للمكاتب الإدارية للجماعة في المحافظات، بجانب 15 في المائة معينين من أعضاء مجالس شورى المحافظات، والباقي يتم انتخابهم من أعضاء مجالس شورى المحافظات. وقال محمود حسين، الأمين العام للجماعة، إن عدد المشاركين 108، صح منهم 107 أصوات وبَطُل صوت واحد.

واعتبر الدكتور محمد بديع، مرشد للجماعة، أن «إجراء الانتخابات في هذا الجو العلني هو ثمرة من ثمرات الثورة المباركة التي حققت حرية الكلمة، وحرية المواطن المصري الأصيل، ومن ضمنها حرية جماعة الإخوان المسلمين».

وقال المرشد في افتتاحه العملية الانتخابية، إن مجلس شورى «الإخوان»، بفضل الثورة المصرية، انعقد 4 مرات خلال 6 أشهر، ليرى العالم إنجازات «الإخوان». مشيرا إلى أن «الانتخابات جاءت بهذه العلنية والشفافية ليرى العالم أن (الإخوان) يعملون في النور، حتى تعود لمصر حريتها ومكانتها، وليتأكد صدق الجماعة بعد قرار تخلي مسؤولي الحزب عن عضوياتهم في مكتب الإرشاد، وحتى يعلم الجميع أن (الإخوان) لا يلعبون بالسياسة ولا يناورون بها، بل يؤكدون أن السياسة يمكن أن تتحقق بها مكارم الأخلاق».

وأضاف بديع: «ليعلم الجميع أن الجماعة تكن للأقباط كل حب وتقدير، فالنائب الثاني لحزب الحرية والعدالة الدكتور رفيق حبيب انتخب من مجلس شورى الجماعة بالإجماع».

من جهته، أكد الدكتور حلمي الجزار، القيادي في الجماعة ونائب رئيس المكتب الإداري في الجيزة، أن هذه الانتخابات حدث تاريخي يكشف عن حقيقة التطبيق الدقيق للديمقراطية التي تتبناها جماعة الإخوان المسلمين، لكن الناس لم يكونوا يرونها من قبل، حتى أصبحت الآن أمرا علنيا لا يستطيع أن يزايد عليه أحد.

وحول استقلالية حزب «الإخوان» الجديد عن الجماعة، قال الجزار لـ«الشرق الأوسط» إنه، ومنذ اليوم الأول، أعلن «الإخوان» أن الحزب مستقل ماليا وإداريا بشكل واضح، ولا يوجد أي مشترك أو تبعية بين الحزب والجماعة، لكنه استدرك قائلا: «الرؤية التي ينطلق منها الحزب والاستراتيجيات العامة والمرجعية التي ينطلق منها هي نفس المرجعية ونفس الرؤية التي تتبعها قيادة (الإخوان)، فالجماعة هي التي أنشأت هذا الحزب وأرادت أن يعبر عن الأفكار والرؤى التي تتبناها وتطرحها في مجال العمل الحزبي التنافسي، وبالتالي شيء منطقي أن يكون هناك تطابق في الاستراتيجيات والأهداف العامة، خصوصا أن (الإخوان) هم الذين صاغوا برنامج الحزب».

وشدد الجزار على أن الجماعة تطلق يد الحزب في مجال العمل السياسي والحزبي، ليؤدي دوره كحزب وطني يحمل هموم المصريين ويشارك فيه كل طوائف المجتمع من «الإخوان» وغير «الإخوان» من المسلمين وغير المسلمين، وكل من اقتنع ببرنامج هذا الحزب، وأنه يحقق مصلحة شعب مصر.

وفي ما يتعلق باختلاف استراتيجية أو فكر مكتب الإرشاد بعد اختيار أعضاء جدد، أكد الجزار أن «مجلس الشورى الذي ينتخب من بينه أعضاء مكتب الإرشاد هو الذي يرسم الاستراتيجية، ومكتب الإرشاد لا يقوم بشيء مستقل بعيدا عن المجلس، وبالتالي لا نستطيع أن نقول إن شيئا سيتغير بدخول أعضاء جدد، أو إن الرؤية الاستراتيجية ستتغير؛ فهذا غير منطقي، لكن من دون شك فإن كل شخص سيضيف لمسات بحسب إمكانياته وطاقاته وقدراته، مع العلم بأن (الإخوان) ليس فيها تيارات مختلفة، فكلهم تيار واحد».

وطالب شباب الجماعة أن يتم تصعيد عدد من الشباب لعضوية مجلس الشورى أو مكتب الإرشاد، لكن الجزار أكد أنه لا يوجد شيء من الثوابت، وأن العملية التنظيمية والإدارية ولائحة الانتخاب في الجماعة قابلة للتغير عندما نرى أن هناك الأفضل والأمثل وأن تحقق المصلحة العامة.

وعلى هامش العملية الانتخابية أقامت الجماعة، أمس، حفل الإفطار السنوي الذي يعد الأول من نوعه عقب ثورة 25 يناير، والذي تم دون وجود أي قيود أمنية، وبإعلان مكان محدد مسبقا، ودعوات لحضور جميع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وكبار الشخصيات العامة.

وفي سياق مواز، أعلنت روسيا أنها تقيم اتصالات مباشرة مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية عبر حزب الحرية والعدالة. وبحسب وكالة الأنباء الروسية (نوفوستي)، قال سيرغي فيرشينين، رئيس دائرة الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية في وزارة الخارجية الروسية، إن «روسيا أقامت اتصالات مباشرة مع جماعة الإخوان المسلمين»، مشيرا إلى أنه لا يرى مانعا من إجراء الاتصالات مع إحدى القوى السياسية الرئيسية في مصر.

وأضاف أن وزارة الخارجية الروسية تجري الاتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية عبر حزب الحرية والعدالة.

وكانت الولايات المتحدة، وعبر وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، قد أعلنت منذ فترة، أنها قررت استئناف الاتصالات الرسمية مع جماعة «الإخوان» في مصر، وهو الأمر الذي رحبت به الجماعة.

ويتوقع مراقبون أن تحقق جماعة الإخوان المسلمين نجاحا كبيرا في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في مصر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، علما بأنها أعلنت نيتها عدم خوض الانتخابات الرئاسية.