بنسلفانيا تنضم إلى الولايات التي تواجه فضيحة الغش في الامتحانات

أميركا على المحك بين «النزاهة» و«الشرف» في تعليمها

TT

في أبريل (نيسان) حضرت دال ميزاكابا حلقة نقاشية بشأن الغش في الامتحانات أقامها اتحاد كتاب التعليم. في تلك الفترة، كانت واحدة من بين ثلاثة مراسلين لصحيفة «ذي نوت بوك»، صحيفة مجتمعية وموقع إنترنت يغطي المدارس العامة في فيلادلفيا.

وعلى الرغم من معرفة عدد قليل من الأميركيين بصحيفة «ذي نوت بوك»، كان الكثير يعرفون ميزاكابا. فعلى مدى 27 عاما، إلى أن أوشكت صناعة الصحف على الانهيار، كانت مراسلة لصحيفة «فيلادلفيا أنكوايرر». كما شغلت أيضا منصب رئيس اتحاد كتاب التعليم.

أبدى الأفراد ثقة في قدرة ميزاكابا على القيام بمهمتها على الوجه الصحيح. وبعد الحلقة النقاشية، اقترح رئيس تنفيذي لإحدى شركات أمن الاختبار أن تسأل مسؤولي الولاية عما إذا كانوا قد أجروا دراسة تحدد المدارس التي تشتبه في تلاعبها بالامتحان في اختبارات الولاية. في مايو (أيار) ردت الولاية مرسلة بملف إلى ميزاكابا كان من الضخامة بحيث احتاجت معه إلى مساعدة فنية لتنزيله.

على مدى شهرين، ظلت هذه الدراسة التي أجريت عام 2009 دون دراسة؛ لأن ميزاكابا لم تكن تمتلك الوقت الكافي لدراستها. وفي الشهر الماضي، دخل بول سوكولار، رئيس تحرير «ذي نوت بوك»، في شراكة مع محطة الإذاعة المحلية «دبليو إتش واي واي»، التي مكنته من استخدام محرر رابع هو بنجامين هيرولد.

كان السادس من يوليو (تموز) اليوم الأول لهيرولد في الصحيفة، وفي الساعة التاسعة والنصف من اليوم الثالث له، طلبت منه ميزاكابا إلقاء نظرة على ملفات الولاية الكثيرة، وبحلول الساعة الحادية عشرة والنصف مساء من تلك الليلة نشرت صحيفة «ذي نوت بوك» أضخم سبق صحافي في تاريخها. فذكر تقرير الصحيفة أن 89 مدرسة - 28 في فيلادلفيا - تم تحديدها من قبل الولاية باعتبارها قامت بأكبر عدد من عمليات الكشط غير المبرر، فضلا عن تحقيقها نتائج مثيرة للشكوك في اختبارات القراءة والرياضيات.

وتوصل سوكولار، الشغوف بالإحصاءات، إلى أنه في بعض هذه المدارس كانت نسبة عمليات الكشط التي حدثت بصورة عشوائية تقدر بواحد لكل 100 تريليون، وقامت ميزاكابا بالتحقق من صحة الأرقام مع أندرو بورتر، عميد كلية التربية في جامعة بنسلفانيا.

وبذلك، أصبحت بنسلفانيا أحدث الولايات ضمن قائمة مطولة من الولايات التي تواجه فضيحة الغش.

في السابق، لم يكن الكثيرون يملكون من الأسباب ما يدفعهم إلى الغش في الامتحانات، لكن نتائج اليوم تحدد ما إذا كان المعلمون ومديرو المدارس نزيهين أم لا، وما إذا كان المفترض أن يحصل المعلمون على مكافآت أم أن يتم فصلهم من عملهم، وما إذا كانت المدرسة قد أثبتت نجاحا أم فشلا.

فهل ستقوم بنسلفانيا بما يلزم لاستئصال هذا الغش؟ عدد قليل من مدارس المقاطعات قامت بذلك. وغالبية الاستبيانات يقوم بها عدد من المربين، الذين لا يعتبرون محققين من الطبقة الأولى، ممن ليست لديهم رغبة في أن تصبح مدارسهم سيئة.

تحقيق بنسلفانيا لم يمضِ عليه سوى أسابيع قليلة، ولا يزال من المبكر جدا إمكانية التوصل إلى حكم. لكن الخطوة الأولى ليست مشجعة؛ فقد وجه مسؤولو الولاية مدارس المقاطعات والمدارس الأهلية التي قدمت نتائج مشكوكا فيها إلى إجراءات تحقيقات بأنفسهم.

هناك قاعدة ذهبية بالنسبة للأماكن الجادة بشأن الكشف عن الغش في الامتحانات، وهي أتلانتا. ففي الأيام السيئة القديمة، كان مسؤولو مدارس أتلانتا عادة ما يقومون بتحقيقات بأنفسهم ويجدون أنهم قد ارتكبوا أخطاء. وفي أغسطس (آب) الماضي، قرر حاكم الولاية أن تلك ستكون المرة الأخيرة التي يقوم فيها مسؤولو التعليم في الولاية بالتحقيق مع أنفسهم وقام بتعيين نائبين عامين سابقين للإشراف على التحقيق.

وكان 60 من أفضل المحققين الجنائيين في ولاية جورجيا قد قضوا 10 شهور في إجراء التحقيقات الخاصة بالغش في الامتحانات. وفي النهاية، اكتشفوا فضيحة غش شارك فيها 178 معلما ومدير مدرسة - 82 منهم اعترفوا - وفي 44 مدرسة في أتلانتا التي تمثل نصف الولاية تقريبا.

فهل ستلتزم بنسلفانيا بنفس استراتيجية أتلانتا؟ إنه التزام كبير؛ ففي البداية، ينبغي تحديد المدارس التي حققت نتائج ممتازة تفوق الحد المعقول. ففي فيلادلفيا، وجد المحقق أن 63.8% من تلاميذ الصف الثامن بمدرسة روزفلت المتوسطة حصلوا على درجات مرتفعة في القراءة في عام 2009 مقارنة بـ28.9% في عام 2008.

أما المرحلة التالية، فتتمثل في تحديد نطاق الغش - هناك 3300 مدرسة في بنسلفانيا - وهنا يكون من الضروري إجراء تحليل شامل لظاهرة الغش؛ ففي أتلانتا قام المحققون بإحصاء معدلات الغش بالنسبة لكل معلم في المقاطعة.

وفي بنسلفانيا، قدم التحليل الإحصائي الذي أجري عام 2009 والذي كشفت عنه صحيفة «ذي نوت بوك» الكثير من العناوين الرئيسية. تشستر كوميونتي تشارتر، واحدة من أضخم المدارس في الولاية والتي تضم 2700 طالب، كانت من بين أشهر المدارس للنتائج المشكوك فيها. وكانت موضع شكوك أيضا بالنسبة لنتائج الاختبارات: في عام 2009، أظهرت النتائج أن 65.4% من تلاميذ الصف الثامن حصلوا على درجات مرتفعة في الرياضيات مقارنة بـ22% في العام السابق. وقد طلب رون توماليس، وزير التعليم في الولاية، الذي يستحق الإشادة، دراستين إحصائيتين إضافيتين لعامي 2010 و2011 للتعرف بشكل أوضح على نماذج الغش في الامتحانات.

ما إن تم تحديد المدارس موضع الشكوك التي أشار إليها التقرير، حتى بدأ العمل الجاد؛ ففي أتلانتا منح المحققون، الذين تم اختيارهم لإجراء تحقيقات الغش، الأدوات القانونية اللازمة (من حق الاستدعاء للمثول أمام هيئة المحكمة)، ثم توجهوا بعد ذلك إلى المدارس وعملوا مثل محققي الشرطة ليحددوا المدرسين القائمين على الغش الذين يحددون بدورهم المعلمين الآخرين.

كان هذا يختلف كلية عن الأيام التي كان ينفي فيها بيفرلي هول، المشرف على التعليم في أتلانتا، وقوع أي حالات غش؛ لأنه لا يوجد دليل مباشر، وأن أحدا لم يعترف بذلك. وقد احتوى تقرير أتلانتا، الذي صدر الشهر الماضي، على مئات الصفحات التي تحمل أدلة مباشرة وأسماء لكل 178 معلما ومدير مدرسة متهمين بالغش، إضافة إلى اعترافات 82 منهم. وقد نشرت صحيفتا «فيلادلفيا إنكوايرر» و«ذي نوت بوك» شهادات لمعلمين لم تذكر أسماءهم قالوا إنهم مارسوا الغش وشاهدوا آخرين يقومون به. وبعد مقال «فيلادلفيا إنكوايرر» عن مدرسة روزفلت المتوسطة، قامت المدينة بالتحقيق في الواقعة وقالت جميلة فريزر، المتحدثة باسم المقاطعة: «لم يكن أحد يجرؤ على الحديث بصورة رسمية، أو تقديم أسماء أو توقيتات أو أماكن».

بطبيعة الحال لن يكون المعلمون راغبين في الشهادة على مشرفيهم الذين قد يضطهدونهم. وفي أتلانتا، قُدمت وعود للمعلمين بأنهم لن تتم ملاحقتهم جنائيا إذا قالوا الحقيقة.

ويمكن لتحقيقات الصحيفة أن تحدد معالم الطريق، لكن ذلك لن يمكننا من الإمساك بالغشاشين وهم متلبسون. وكتب الصحافيون في جريدة «أتلانتا جورنال كونستيتيوشن» الكثير من المقالات حول الغش، بدءا من عام 2001؛ لذلك كانوا موضع انتقاد من قِبل زعماء المدينة بسبب تشويههم لصورة أتلانتا.

ولكي تنجح التحقيقات حول الغش، يجب أن يكون هناك مسؤول بارز في الدولة يملك الإرادة السياسية اللازمة لتحقيق ذلك، بغض النظر عن نتائج التحقيق، وتمثل هذا المسؤول في مدينة أتلانتا في سوني بيرديو، المحافظ السابق، الذي أخبر المحققين بأنه لن يكون هناك تدخل ووافق على عدم قراءة التقرير حتى يتم الانتهاء منه.

* خدمة «نيويورك تايمز»