أوباما يتفق مع ساركوزي وميركل على زيادة الضغوط على النظام السوري ووزير الخارجية الألماني: الأسد لم يعد له مستقبل

دعوات في برلين لحث الاتحاد الأوروبي على وقف استيراد النفط السوري وسحب السفراء

TT

أعلن وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يعد له مستقبل سياسي، وذلك بعد يوم على إعلان البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصل بالرئيس لفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل واتفق الثلاثة على التفكير في «إجراءات إضافية» ضد نظام بشار الأسد.

وقال فسترفيلي في مقابلة تنشرها صحيفة «فرانكفورت الغيمين سونتاغستسايتونغ» اليوم: «لا أعتقد أنه لا يزال أمام الأسد مستقبل سياسي يحظى بتأييد الشعب السوري». ونقلت الصحيفة عن الوزير أن وزارة الخارجية الألمانية والسفارة الألمانية في دمشق تجريان محادثات مع ممثلين عن المعارضة السورية. وأضاف الوزير الألماني أن «الاستخدام الكبير للعنف يدل على أن النظام لا يتورع عن فعل شيء من أجل الاحتفاظ بالسلطة... يتعين علينا توقع زيادة تدهور الأوضاع خلال شهر رمضان»، مضيفا أن هذا قد يزعزع أيضا استقرار المنطقة بأكملها.

وذكر فسترفيلي أن الأسد قرر تصعيد العنف ضد المتظاهرين، ولا يمكن أن يؤخذ عرضه بالحوار على محمل الجد في ظل هذه الأوضاع. وذكر فسترفيلي أن بلاده تتعامل مع السلطات السورية إذا كان ذلك يفيد المواطنين في سوريا، مضيفا أن الخارجية الألمانية والسفارة الألمانية في دمشق تتحدثان أيضا مع الكثير من عناصر المعارضة السورية. وطالب فسترفيلي الفصائل المختلفة في سوريا بوضع تصور مشترك عن مستقبل البلاد، وأضاف: «لا يمكن ولا نريد أن ننزع (ذلك الحق) من المعارضة».

وجاء ذلك بعد إعلان البيت الأبيض في بيان أول من أمس أن أوباما أجرى محادثات هاتفية مع ساركوزي وميركل، كل على حدة. وأضاف البيان أن «القادة دانوا استخدام العنف بشكل متواصل ودون تمييز ضد الشعب السوري»، مشيرا إلى أن القادة الثلاثة «رحبوا» بالبيان الرئاسي الذي صدر الأربعاء عن مجلس الأمن الدولي والذي «يدين الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان واستخدام العنف ضد المدنيين من جانب السلطات السورية».

كما اتفق القادة الثلاثة على «التفكير في إجراءات إضافية للضغط على نظام الرئيس (السوري بشار) الأسد ودعم الشعب السوري». وجاءت هذه المشاورات الهاتفية بينما يبدو أن واشنطن تتجه لدعوة الرئيس الأسد مباشرة إلى مغادرة السلطة بعدما رأت هذا الأسبوع أن وجوده يؤدي إلى عدم استقرار ويضع المنطقة على «طريق خطير».

وفي الوقت نفسه دعت الولايات المتحدة أول من أمس الرعايا الأميركيين من جديد إلى مغادرة سوريا «فورا»، بعد دعوة مماثلة وجهتها في 25 أبريل (نيسان) الماضي، في مذكرة وجهت إلى عائلات أعضاء السفارة والموظفين غير الضروريين. وقالت الخارجية الأميركية في المذكرة إنها «تدعو الرعايا الأميركيين في سوريا إلى الرحيل فورا بينما ما زال النقل التجاري متوفرا». وأكدت أن دمشق فرضت «قيودا صارمة» على تنقلات الدبلوماسيين الأميركيين في الداخل.

وأوضحت مذكرة الخارجية الأميركية أن «القيود التي تفرضها الحكومة السورية على المراقبين بما في ذلك احتجاز دبلوماسيين معتمدين لفترة قصيرة، جعل من الصعب على موظفي سفارة الولايات المتحدة تقييم المخاطر الحالية أو الاستمرار المحتمل للعنف بشكل مناسب». وأضافت أن المظاهرات في سوريا «قمعت بعنف» منذ مارس (آذار)، محذرة الرعايا الأميركيين من أن «مظاهرات يمكن أن تحدث بإنذار مسبق قصير أو دون إنذار وفي أي مكان وليس أيام الجمعة فقط كما جرى من قبل».

وتابعت: «نذكر الرعايا الأميركيين بأنه حتى المظاهرات التي يفترض أن تكون سلمية يمكن أن تتحول إلى مواجهة وتصاعد في العنف». ودعت الرعايا الأميركيين إلى «تجنب مناطق المظاهرات إذا أمكن والحذر عند حدوثها»، محذرة من «الجهود السورية لنسب الاضطرابات الداخلية الحالية إلى تأثيرات خارجية قد يعزز مشاعر العداء للأجانب». وتابعت أن «الأميركيين الموقوفين قد يجدون أنفسهم في مواجهة اتهامات بالتحريض أو بالتجسس»، موضحة أن السلطات السورية لا تبلغ السفارة الأميركية عند توقيف أميركيين إلا بعد أيام أو أسابيع، وترفض السماح بزيارات قنصلية لهم. وكانت الخارجية الأميركية أعلنت أول من أمس أن السفير الأميركي روبرت فورد عاد إلى دمشق وسيكمل مهامه هناك. من جهة أخرى أرسل 221 نائبا من كلا الحزبين رسالة إلى الرئيس باراك أوباما يطالبونه فيها بتشديد موقف الولايات المتحدة إزاء سوريا. وكتب النواب في رسالتهم أن «الخطر الذي يشكله نظام الأسد على الولايات المتحدة وحلفائنا وبالأكثر على الشعب السوري واضح ومتعاظم». وأضافت الرسالة أن «الأسد والمحيطين به لا يتمتعون بأي شرعية. يجب على الأميركيين وعلى كل الدول المسؤولة أن تفرض أشد العقوبات الممكنة على النظام السوري المجرم».

إلى ذلك، انتقد رئيس لجنة العلاقات مع المشرق في البرلماني الأوروبي ماريو ديفيد، بشدة المواقف الدولية تجاه الوضع في سوريا، واصفا إياها بـ«المخادعة ومزدوجة المعايير». وأعرب ديفيد عن قناعته بأن الإجراءات الأوروبية «غير كافية»، وقال: «يخطئ من يظن أن العقوبات الأوروبية المفروضة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد من قبيل تجميد أموال المسؤولين ومنعهم من السفر قادرة على دفعه لتغير سلوكه».

ويفضل الاتحاد الأوروبي، حسب مصادره، الاستمرار في سياسيته الحالية الرامية إلى تشديد الضغوط السياسية والاقتصادية على النظام السوري، عبر العقوبات ودعم العمل الحالي في مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يدين تصرفات السلطات السورية. وكان الاتحاد الأوروبي قد أصدر سلسلة عقوبات، كان آخرها الاثنين، نصت على تجميد أرصدة الكثير من الشخصيات الأمنية والسياسية السورية وكذلك منع هؤلاء من الدخول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي، وحزمة العقوبات الرابعة طالت 5 شخصيات أمنية وعسكرية سورية يتم منعها من السفر إلى أوروبا وتجميد أموالها، وهم وزير الدفاع علي حبيب محمود، والمسؤولون العسكريون والأمنيون محمد مفلح، توفيق يونس، محمد مخلوف، وأيمن جابر، ومن بين هؤلاء من يرتبط بصلة قرابة بالرئيس السوري بشار الأسد. وفي برلين طالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني روبرشت بولنتس بسحب سفراء الاتحاد الأوروبي من سوريا بسبب الانتهاكات التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه.

وقال بولنتس في تصريحات صحافية، بحسب وكالة الأنباء الألمانية: «سأرحب بسحب السفراء الأوروبيين من أجل زيادة الضغط السياسي على دمشق وإرسال إشارة للمجتمع السوري». وأكد بولنتس ضرورة أن يتم اتخاذ مثل هذه الخطوة بشكل مشترك حتى لا يتبدد تأثيرها. يذكر أن إيطاليا استدعت سفيرها لدى دمشق وطالبت الدول الأوروبية باتخاذ إجراء مماثل. وترفض الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي مثل هذا الإجراء. وقال متحدث باسم الحكومة في برلين أنه من المهم أن يكون في سوريا سفير لجمع المعلومات والاتصال بالمعارضة. وفي سياق متصل طالب حزب الخضر الألماني المعارض الاتحاد الأوروبي بعدم استيراد النفط من سوريا في المستقبل. ويهدف الحزب من وراء ذلك إلى زيادة الضغط على نظام الأسد الذي يتصدى بوحشية كبيرة للمتظاهرين في سوريا منذ عدة أشهر. وقال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، يورغن تريتين، في تصريحات أمس نقلتها وكالة الأنباء الألمانية، إن «الوقف الكامل لاستيراد النفط من سوريا سيؤثر على النظام في دمشق بشكل أكثر فعالية من حظر سفر بضعة من عناصره». وذكر تريتين أن صادرات النفط والغاز تشكل ربع دخل سوريا. وطالب الحكومة الألمانية بطرح اقتراح حظر استيراد النفط بقوة في الاتحاد الأوروبي.