توسيعات ضريح الإمامين العسكريين تهمش الأحياء السنية في سامراء

سكان المنطقة يشكون من العزلة.. وباعتها من عدم التواصل مع الزوار

زوار في طريقهم إلى ضريح الإمامين العسكريين في سامراء (أ.ب)
TT

دشنت التفجيرات التي شهدها الضريح في هذه المدينة في قلب العراق أسوأ فصل في تاريخ الصراعات الطائفية الدموية. وقد أعيد بناء قبة ضريح الإمامين العسكريين في سامراء في إطار خطة توسيع للمكان تقريبا بعد خمس سنوات من تدميرها.

ويشتري الوقف الشيعي المنازل القريبة بنية هدمها لإفساح المجال لبناء فنادق ومطاعم ووسائل راحة أخرى لزوار الضريح. وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» يقول السنة إنهم لم ينتفعوا بهذا الأمر على الإطلاق. ويرون أن وظائف البناء سوف تكون من نصيب الشيعة والزوار سوف يبتعدون عن المكان المحيط. ويقول جعفر حميد، أحد السكان: «المشكلة تكمن في أنك كساكن في سامراء لا تتواصل مع الزوار». ويقول شاكر محمود الذي يبيع حليات رخيصة لزوار الضريح: «هناك بطالة وينبغي أن نشعر ببعض الفائدة التي تعود من البناء والتوسع. لكننا لم نشعر بأي شيء».

وقد هاجم مسلحون ضريح الإمامين العسكريين في الثاني والعشرين من فبراير (شباط) 2006 مما أسفر عن تدمير قبته أملا في إثارة موجة من العنف الطائفي، وقد نجحوا، حيث شن مسلحون شيعة حملة شعواء دامية على المسلمين السنة الذين ردوا بدورهم. وقتل الآلاف وحدثت مواجهات بين أحياء وأحياء أخرى، ودخل العراق في حرب أهلية بين السنة والشيعة.

وتنبع قدسية الضريح من احتوائه على قبري الإمامين العاشر والحادي عشر لدى الشيعة اللذين عاشا في القرن التاسع. كذلك شهد الضريح مولد الإمام الثاني عشر، المهدي. ويعتبر الشيعة المهدي «الإمام المنتظر» الذي سيظهر يوم القيامة.

وبدأت الحكومة إعادة بناء الضريح عام 2008. وقد أوشك العمل في القبة الذهبية الجديدة، التي تعد من الأشياء المميزة للضريح، على الانتهاء. ولا تزال السقالات تحيط بها، لكن أسفل الألواح الخشبية تعلو صفوف من الطوب الذهبي شيئا فشيئا. وداخل الضريح يزين الرخام الأخضر المستورد الجزء السفلي من الجدران. وفي الأركان تبدو بعض آثار التفجيرات التي وقعت عام 2006 لكنها مكسوة ببلاستيك شفاف حتى يظل التهديد الذي يواجهه الضريح محفورا في ذاكرة الزوار. ويأتي الزوار إلى سامراء التي تقع على بعد 95 كلم (60 ميلا) شمال بغداد ليوم ويبيتون في مدن أخرى أكثر أمانا، حيث لا يزال الزوار يتعرضون لهجوم من مسلحين وهم في طريقهم إلى الضريح، وتعد هذه المنطقة من أخطر المناطق في العراق.

خلال الساعات القليلة التي يقضونها في المدينة، يتحرك الزوار كل يوم في عالم مواز تماما يتكون من سكان سنة يعيشون بالقرب من الضريح. إنهم ينزلون من الحافلة، ثم يسيرون أو يستقلون شاحنات صغيرة تمر بهم عبر نقاط التفتيش المتعددة حتى يصلوا إلى الضريح. قليل هم من يتجهون إلى المتاجر القريبة أو الثلاثين فندقا التي كان من المعتاد أن تكون مفتوحة في المدينة، لكنها الآن مغلقة.

ويؤكد مسؤولون من الوقف الشيعي المنوط به إدارة الأضرحة والمساجد الشيعية أنهم يريدون أن تكون الفنادق والمطاعم الجديدة مملوكة لعراقيين. لكن سكان المدينة يقولون إن أكثر الوظائف والمزايا الاقتصادية المرتبطة بالضريح تكون من نصيب الذين يحددهم المسؤولون في الوقف الشيعي. ويتهم مسؤولو المدينة الوقف الشيعي بعدم الالتزام بالاتفاق الخاص بتحديد التوسع في منطقة الضريح بـ80 مترا فقط. ويقولون إن الوقف الشيعي يشتري منازل تغطي مساحة 200 متر حول الضريح. وقال المقدم غيث سامي، أحد كبار مسؤولي الأمن في المدينة: «فكرة التوسع تأتي في إطار خطة يدعمها الوقف الشيعي وتفرض على سكان سامراء». في مدينة سامراء القديمة التي تحيط بالضريح، تتجمع الكثير من المنازل في المتاهة الضيقة من الحواري. لكن هذه المنازل خاوية على عروشها الآن بعد أن باعها أصحابها إلى الوقف الشيعي. ويحظر على الشاحنات الدخول إلى المنطقة بحسب الإجراءات الأمنية. والإهمال واضح في المنطقة حيث تنساب مياه الصرف الصحي على أرض الحواري. ويجب أن يمر سكان المنطقة عبر حواجز أمنية في ذهابهم وإيابهم وتفصلهم الحواجز الخراسانية المرتفعة عن الضريح وعن أجزاء أخرى من المدينة. ويقول عبد الحميد حميد علي: «تقع المنطقة بين جدران مضادة للانفجار. يبدو الأمر وكأننا في سجن صغير».

وصرح صالح الحيدري، رئيس الوقف الشيعي، بأن الأحياء التي تعارض التوسع هم من لم يتلقوا عروضا بشراء ممتلكاتهم العقارية. وأضاف: «يأمل سكان سامراء أن يزداد التوسع بحيث يزداد عدد المنازل التي يتم شراؤها».

قبل التفجيرات والصراعات الطائفية ونقاط التفتيش، كان سكان سامراء يشعرون بصلة قوية مع الضريح الذي كان يمثل جزءا أصيلا من حياتهم. ويقول عمر محمد، عضو بالمجلس المحلي لمدينة سامراء: «في الماضي عندما كان يقام حفل زفاف في مدينة سامراء، كان العروسان يحرصان على زيارة الضريح للتبرك، لكن حرم أهل سامراء الآن من ذلك». ويوضح قائلا إن السنة ليسوا ممنوعين من دخول الضريح لكنهم يشعرون بأنهم غير مرحب بهم.