انقطاع التيار الكهربائي يؤثر على أنماط حياة الغزيين في رمضان

الميادين العامة ملاذهم

طفل فلسطيني يغلبه النعاس على متن عربة «كارو»، في بلدة جباليا شمال قطاع غزة مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

رغم أن مسجد «المهاجرون» يقع في حي بركة الوز، الذي يتاخم أقصى شمال غربي مخيم «المغازي» للاجئين، وسط قطاع غزة، فإنه يستقطب عددا كبيرا من المصلين من أحياء تقع داخل المخيم في صلوات التراويح منذ أن هل شهر رمضان. فهو المسجد الوحيد في المنطقة المزود بأجهزة تكييف يشغلها مولد كهربائي كبير عندما ينقطع التيار الكهربائي. وانقطاع التيار الكهربائي شبه اليومي في هذه الأيام الحارة جدا من هذا الصيف، يدفع المصلين للبحث عن المساجد المزودة بأجهزة التكييف. ومن بين هذه المساجد، مسجد «العودة»، فعلى الرغم من أنه يقع في محيط مدينة دير البلح وفي منطقة ذات كثافة سكانية ضئيلة جدا مقارنة بمناطق قطاع غزة الأخرى، فإن الساحة الكبيرة التي تقع في محيط المسجد تعج بالسيارات قبيل رفع أذان العشاء من كل يوم، حيث إنه نظرا لأن المسجد مكيف، فإن الكثيرين من منطقة دير البلح يقصدونه لأداء صلاة التراويح. والكثير من الناس يتجهون إليه خلال النهار في رمضان ليس فقط للصلاة والتعبد، بل للنوم مستفيدين من الأجواء الباردة، لا سيما أولئك الذين يقطنون في مناطق ينقطع فيها التيار الكهربائي بشكل متواصل.

فأزمة انقطاع التيار الكهربائي تؤثر بشكل واضح على أنماط حياة الفلسطينيين خلال شهر رمضان. ولعل أوضح تأثير يتمثل في صور العلاقات الاجتماعية خلال الشهر الفضيل. فخلال رمضان تتزايد الزيارات العائلية التي تعتبر أحد أهم أنشطة السلوك الاجتماعي، لأن انقطاع التيار الكهربائي جعل الكثير من الناس يتجهون خلال الليل إلى المتنزهات العامة هربا من الحر الشديد إذا ما خلت منازل الأقارب من مولدات الكهرباء والتكييف.

فالمتنزه الذي يتوسط منطقة «الجندي المجهول» في حي الرمال بمدينة غزة يستقطب أعدادا كبيرة كل يوم من الفلسطينيين الذين يرغبون في التخلص من الأجواء الحارة. في كثير من الأحيان في بعض المناطق المكتظة بالسكان، لا سيما مخيمات اللاجئين، فإن الكثير من الجيران يسهرون معا في المقاهي والشوارع. وبسبب انقطاع التيار الكهربائي، فإن العائلات الفلسطينية تبرمج الكثير من الأنشطة وفق جدول الانقطاع. فخلافا للعادة في شهر رمضان الذي يشهد تكديسا للمواد الغذائية، فإنه بسبب الخوف من انقطاع الكهرباء، تلجأ العائلات إلى شراء كميات محدودة من المواد الغذائية التي يتوجب الحفاظ عليها في الثلاجات، حتى لا تتلف عند انقطاع التيار. فمعظم مولدات الكهرباء التي يستخدمها الفلسطينيون هي من ذلك النوع الذي بالكاد يسمح بالإنارة وتشغيل المراوح فقط.

كما يتم ضبط عملية إعداد الخبز وفق جدول انقطاع التيار، إذ إن النسوة عادة ما يضطررن إلى السهر حتى يعود التيار الكهربائي، ليشرعن في إعداد العجين وخبزه. وكما هو الحال في غزة، فإن ورش إصلاح المولدات تعمل على مدار الساعة للوفاء بطلب الزبائن الذين يتوجهون إليها لإصلاح مولداتهم خلال الشهر الفضيل.