تباين في مواقف القوى السياسية حول مليونية «في حب مصر»

البعض وافق عليها لتأكيد «مدنية الدولة».. وآخرون يرونها تعمل على شق الصف

لقطة من تشييع جنازة الشهيد محمد محسن في ميدان التحرير، الذي توفي يوم الأربعاء الماضي (أ.ب)
TT

تباينت مواقف القوى السياسية المصرية من الدعوة التي أطلقها مشايخ الطرق الصوفية وعدد من الأحزاب والقوى السياسية الليبرالية لتنظيم مظاهرة حاشدة بميدان التحرير يوم الجمعة المقبل، تحت اسم «في حب مصر»، ردا على مليونية الإخوان والسلفيين في جمعة «الهوية والشريعة» في 29 يوليو (تموز) الماضي، التي هيمنت عليها التيارات الإسلامية.

ووافق على الحضور عدة قوى، من بينها: الجمعية الوطنية للتغيير و6 أبريل واتحاد شباب الثورة واتحاد شباب ماسبيرو وأحزاب الشيوعي المصري والمصريين الأحرار والكرامة والمصري الاجتماعي الديمقراطي والتحرير المصري ولجنة الإصلاح الصوفي، في حين أكدت قوى أخرى رفضها مثل هذه الدعوات التي تعمل على شق الصف المصري.

فقد أكد حزب المصريين الأحرار (ليبرالي) أنه سيشارك في المليونية المقبلة التي ستقام في ميدان التحرير استجابة لدعوة «جبهة الإصلاح الصوفي» وتضامنا مع القوى والأحزاب المدنية.

وقال سيد عبد العال، الأمين العام لحزب التجمع: إنه لم توجه أي دعوة للحزب للمشاركة حتى الآن، إلا أن الحزب يدعم تماما هذه الدعوة بهدف تأكيد مدنية الدولة في مصر. واعتبر عبد العال أن مليونية 29 يوليو الماضي كانت «شقا للصف»، بالإضافة إلى قيام بعض المشاركين فيها برفع أعلام دول أخرى، معتبرا أن المليونية المقبلة تعتبر بمثابة رد اعتبار للمطالبين بمدنية الدولة.

وقال حسام مؤنس، المنسق العام لحملة «حمدين صباحي رئيسا»: إن الحملة لم تقرر بعدُ موقفها من المشاركة في المليونية، إلا أنها ليست ضد الدعوة لأنها تأكيد على وحدة الصف، مشيرا إلى أن أطرافا سياسية كثيرة قررت المشاركة في هذه المليونية التي تعتبر تأكيدا على وحدة الصف؛ لذلك سميت «في حب مصر»، وإن حملة حمدين صباحي تؤيد هذه المليونية؛ لأن ميدان التحرير ملك لجميع المصريين.

في المقابل، أعلن رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، أن حزبه لن يشارك في هذه المظاهرة قائلا: إن التظاهر حق لكل المصريين، أكدته ثورة «25 يناير»، لكنه لا يجب أن يتحول إلى أداة لتعطيل المصالح وإلى سباق ينتج عنه إحداث انشقاقات وفتن بين الطوائف المختلفة من المسلمين وبين أبناء الشعب المصري، بما يؤثر سلبا في اقتصاد البلاد.

ورأى الشهابي أنه لم يعد هناك داعٍ للمليونيات؛ لأنه بعد محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك فإن الثورة حققت أهم أهدافها، وهي على طريق استكمال بقية هذه الأهداف.

ودعا حزب الوفد جميع الفصائل والقوى والأحزاب السياسية في مصر للتوافق حول المبادئ الأساسية للدستور الجديد. وقال الدكتور السيد البدوي شحاتة، رئيس حزب الوفد: «إن المصريين جميعا في ميادين التحرير خرجوا لإسقاط الظلم ثم وقفوا معا لإقرار العدل، وحان الوقت لأن يقفوا يدا بيد لبناء مجتمع جديد يتسع لكل أبنائه، ولن يتحقق ذلك بإقصاء أو استبعاد أي من أبناء هذا الوطن»، موضحا أن «الثورة قامت لبناء دولة ديمقراطية حديثة وعادلة تحتوي كل مواطنيها على قدم المساواة تأخذ من كل مصري ما عليه من واجب وجهد وتمنحه ما له من حقوق، وأدركنا منذ اليوم الأول أن هذا الأمر لن يتحقق بانفراد حزب أو تيار سياسي بفرض رؤيته وأفكاره مهما كان عدد مؤيديه أو مريديه».

وأوضح البدوي أن ذلك لن يتحقق أيضا إلا من خلال توافق سياسي واجتماعي حقيقي، كما أننا نؤمن بأن الوطن يحتاج لنا جميعا من أجل إعادة بنائه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.. وقال: «أدركنا أننا أمام فترة عصيبة تحتاج تحدياتها لعمل وطني جاد ومخلص، وأن هذا هو زمن الجماعة الوطنية الواسعة وليس زمن التشرذم والتجزؤ والصراع».

وخلص البدوي لتأكيد ضرورة النأي بميدان التحرير عن أن «يفرقنا إلى مسلمين وأقباط أو إلى سلفيين وصوفيين، أو أن يكفر بعضنا بعضا.. ننأى بكل قوة سياسية أو اجتماعية أن تأخذ الميدان ساحة لبث ما يفرق بعد أن كان ميدان التحرير رمزا عظيما لوحدة هذا الشعب وتماسكه.. لقد كان (الوفد) طرفا في الدعوة إلى تحالف ديمقراطي من أجل مصر ووقعنا جميعا على مبادرة تمثل البنية الأساسية للنظام الديمقراطي الحر العادل الذي ناضلت من أجله أجيال متتالية».

كانت التيارات السلفية وجماعة الإخوان المسلمين قد دعوا لمليونية 29 يوليو الماضي، تحت اسم «جمعة الهوية والشريعة»، وسط اتهامات من القوى السياسية الليبرالية واليسارية بمخالفة التوافق ورفع شعارات خاصة على رأسها إقامة دولة إسلامية في مصر.

وأثار نجاح مليونية السلفيين مخاوف القوى الليبرالية واليسارية بعد أن احتشد نحو مليونين من أبناء الحركات السلفية التي برزت على سطح المشهد السياسي في مصر عقب الإطاحة بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي تخلى عن السلطة في البلاد في 11 فبراير (شباط) الماضي.