مصر: انتقادات لهيمنة العسكريين على حركة المحافظين.. وتأجيل أداء اليمين لليوم

مسيحيون يستنكرون استبعادهم.. والبرادعي ينتقد خلوها من المرأة

TT

بينما قرر مجلس الوزراء المصري تأجيل أداء المحافظين الجدد اليمين الدستورية أمام المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم)، إلى اليوم بدلا من أمس، واجهت الاختيارات الأخيرة التي شملت 11 محافظا انتقادات واسعة على خلفية اشتمالها على عدد كبير من العسكريين، وبعض رموز الحزب الوطني (المنحل)، واستبعادها للمسيحيين والمرأة.

وقال سياسيون إن اختيارات الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء جاءت على خطى حكومات ما قبل ثورة «25 يناير» التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك عن حكم البلاد في 11 فبراير (شباط) الماضي، ووصفوا الاختيارات الأخيرة بظاهرة «عسكرة» المناصب.

وأكد المستشار محمد عطية، وزير التنمية المحلية، تأجيل أداء المحافظين الجدد اليمين الدستورية لليوم، قائلا: «إنه سيجتمع بالمحافظين بعد أدائهم اليمين لمناقشة الخطط التي سيقومون بتنفيذها داخل المحافظات لتحقيق مطالب الثورة». وكشفت مصادر مطلعة بمجلس الوزراء أن التأجيل بسبب وجود خلاف على بعض أسماء المحافظين الجدد والقدامى؛ لكنها في الوقت نفسه رجحت لـ«الشرق الأوسط» عدم إجراء أي تغيير على الأسماء الجديدة.

من جانبه، انتقد الدكتور محمد البرادعي، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، الترشيحات.. ودعا إلى بدء ثورة جديدة في الفكر، مشيرا إلى أن التغيير الذي نريده ليس في الأشخاص فقط. وقال في حسابه الخاص على الموقع الاجتماعي «تويتر»: «ثمانية عشر لواء من أصل 27 محافظا.. الجميع مسلمون.. ليس بينهم سيدات.. الثورة في الفكر وليست في الأشخاص.. متى سنبدأ؟».

وكان مجلس الوزراء، برئاسة شرف، قد أقر حركة المحافظين الجديدة في عدة محافظات وعقب الإعلان عن حركة المحافظين الخميس الماضي تصاعدت ردود الأفعال الغاضبة، ففي الإسكندرية أعلن الائتلاف المدني الديمقراطي المكون من أكثر من 30 حزبا وحركة سياسية رفضهم تعيين أسامة الفولي عضو الحزب الوطني المنحل (الحاكم سابقا) محافظا للإقليم، فيما أثار استبعاد آخرين استياء الأهالي، بينما تحمل آخرون أوزار مواقف عائلاتهم، حيث واجه اللواء صلاح الدين المعداوي المرشح لمنصب محافظ الدقهلية موجة من الغضب بعد قيام نجله بتدشين صفحة على «فيس بوك» لتأييد مبارك.

وبرز اسم طارق المهدي عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المرشح لمحافظة الوادي الجديد، بعد جدل حول أسباب اختياره للمنصب، وكان المهدي قد تولى مسؤولية إدارة اتحاد الإذاعة والتلفزيون.

وجاء قرار تعيين اللواء طارق المهدي محافظا مفاجئا لأبناء المحافظة، حيث رأى البعض أن تعيينه تعطيل لعجلة التنمية، وتوسم آخرون فيه خيرا لارتباطه بالمجلس العسكري (الحاكم للبلاد)، وجاء اختيار المهدي عقب الانتقادات الكثيرة التي وجهت له من الثوار ووسائل الإعلام.

وفي أسوان رفض أهالي المحافظة استمرار اللواء مصطفى السيد محافظا، ونظمت منظمات نوبية وقفة احتجاجية للاعتراض عليه في ميدان عابدين بوسط القاهرة، أمس، وأكد الناشط النوبي عوض محمدين على إن الوقفة استنكرت عدم استبعاد المحافظ، مضيفا أن الوقفة بداية لحملات تصعيديه كبيرة. وقال محمدين لـ«الشرق الأوسط» قررنا الدخول في اعتصام مفتوح أمام السد العالي بجنوب مصر يوم 4 سبتمبر (أيلول) المقبل لحين إقالة المحافظ.

وفي السياق ذاته، انتقد المركز المصري لحقوق الإنسان تشكيل المحافظين الجديد، وأكد المركز في بيان له أن التشكيل يعكس نفس منهج النظام السابق، خاصة في الإبقاء على محافظين رغم فشلهم في التفاعل مع مشكلات المواطنين. وقال صفوت جرجس، رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان إن التشكيل الجديد الذي استبعد المرأة والمسيحيين، يعتبر رسالة استسلام من مجلس الوزراء لأفكار الجماعات المتشددة والتي سبق أن اعترضت على تعيين مسيحي محافظا لقنا، واستجابت الحكومة لهم.

وأضاف جرجس لـ«الشرق الأوسط» أن المركز وجه رسالة لرئيس الوزراء بضرورة ترسيخ مبادئ جديدة في المجتمع وأهمية اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب عبر الكفاءة والخبرة، دون إتباع الطرق التقليدية التي كانت تعتمد على أهل الثقة أكثر من أهل الخبرة، وهيمنة الخلفيات الشرطية والعسكرية على الخلفيات الإدارية.

وعبرت قيادات كنسية عن غضبها من استبعاد المسيحيين من حركة المحافظين، وعلق القس فلوباتير جميل، كاهن كنيسة السيدة العذراء بالعمرانية، على الحركة بقوله: «خلوها من محافظ مسيحي يعيد مصر للخلف ويعطي مؤشرات سلبية عن الحياة السياسية المصرية».

كما استنكرت حركة «أقباط بلا قيود» عدم وجود مسيحيين في التشكيل الجديد، معتبرة أن ذلك يحمل إشارات سلبية ورسائل ضمنية للمجتمع، وأضافت الحركة في بيان لها: «يشعر المتشددون حاليا أنهم أصبحوا القوة الغالبة والضاربة في المجتمع، ووقفتهم الأخيرة في ميدان التحرير رافعين شعارات الفرقة ورايات الولاء لغير مصر جاءت بثمارها». وأعلن حزب المصريين الأحرار الذي يرأسه رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، تحفظه على حركة المحافظين، وأشار الحزب في بيان له إلى انعدام وجود معايير واضحة لاختيار المحافظين حيث لا يزال مبدأ اختيار المحافظين وفق كوتة مكافأة نهاية الخدمة، دون اعتبار لخلفية الكفاءة في العمل المحلي والإداري.

من جانبه، اعتبر الناشط السياسي محمد صبره أن المشكلة في حركة المحافظين ليست في الأسماء فقط، بل في ظاهرة «العسكرة» بصفة عامة، وإسناد المناصب إلى اللواءات من القوات المسلحة أو من وزارة الداخلية، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تضخمت في عهد مبارك، وتحولت إلى ما يشبه مكافأة نهاية الخدمة التي يمنحها النظام الحاكم لرجاله. وقال صبره لـ«الشرق الأوسط» إن «استمرار هذه الظاهرة يعني أن يكون هناك طبقة من العسكريين مسيطرة على المناصب المدنية».