الجيش وشباب 25 يناير يختصمان حول شرعية التحرير

آخر الجولات شهدت فض إفطار جماعي للنشطاء.. ورد بتصعيد «قانوني»

TT

«تحول ميدان التحرير في قلب القاهرة من شاهد على نجاح الثورة المصرية إلى رمز لإثبات القوة والسيطرة على الوطن»، هكذا علق المراقبون والمحللون على المشاهد المتتالية التي تتابعت على مدار الأسابيع القليلة الماضية وكان آخرها ما شهده الميدان مساء أول من أمس، حين فضت قوات الجيش تجمعا للنشطاء بالقوة، وأوقفت عددا منهم وأصابت آخرين بجراح، وهو ما حث عددا من الناشطين على الرد عليه بتوثيق ما حدث وتضمينه في بلاغ ضد الجيش إلى النائب العام.

وبعد أن اعتقد كثير من المصريين أن يوم الجمعة الماضي قد يمر دون أحداث جسام، وأنها على غير العادة استراحة من جولات متكررة لإثبات الوجود، سواء من القوى الإسلامية أو الليبرالية أو شباب الثوار أو غيرهم.. احتدم المشهد بتدخل قوات الشرطة العسكرية لفض تجمع للناشطين أمام مسجد عمر مكرم في التحرير.

وكان الناشطون قد دعوا إلى تنظيم إفطار جماعي بساحة الميدان في الجمعة الأولى من رمضان عقب ثورة 25 يناير، وهو الحدث الذي حضره نحو 400 من شباب الثورة وأسرهم وأطفالهم على اختلاف أنماطهم وأهدافهم السياسية.

وعقب الإفطار الذي تم تنظيمه في حديقة مسجد عمر مكرم (على أطراف ميدان التحرير)، نظرا لاحتلال قوات عسكرية منتصف الميدان منذ مطلع رمضان بعد فض اعتصام دام لنحو شهر بالقوة، قام النشطاء وأسرهم بالهتاف الحماسي تنديدا بقيام قوات الشرطة العسكرية بفض اعتصام التحرير بالقوة في أول أيام شهر رمضان، وطالبوا بإسقاط المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لتتدخل قوات الجيش وتقوم بمطاردتهم بالعصي والصواعق الكهربائية حتى أطراف الميدان ومداخل مترو الأنفاق.

وأسفر ذلك التدخل عن إصابة بعض النشطاء ونقلهم إلى عدد من المستشفيات القريبة لتلقي العلاج، كما قامت القوات باعتقال عدد آخر منهم، إلى أن أخلت سبيل بعضهم بعد وقت قصير، إلا أن 6 من النشطاء تم عرضهم على النيابة العسكرية مساء أمس، ولم يمكن التعرف على مصيرهم وقت إعداد هذا التقرير.

وبينما أشار التلفزيون المصري إلى أن الجيش لجأ إلى استخدام القوة في محاولة لمنع الناشطين من إعادة الاعتصام في ميدان التحرير، أكدت الناشطة سلمى سعيد في مداخلة بقناة «التحرير» الفضائية الخاصة أنها وزملاءها لم يكونوا يعتزمون الاعتصام، وكان غرضهم الوحيد هو الإفطار الجماعي، قائلة إن «الدعوة كانت واضحة، ولم نذكر أي شيء عن الاعتصام، كنا نريد الإفطار في الميدان دون أي اعتصام ففوجئنا بالاعتداء علينا».

وأوضحت سعيد أن هتافهم ضد المشير والمجلس العسكري كان دافعه استخدام القوات للقوة المفرطة في فض الاعتصام السابق، كما أشار آخرون إلى أن منع الناشطين من تنظيم جنازة رمزية وأداء صلاة الغائب على الناشط محمد محسن عصر الجمعة بجامع عمر مكرم، زاد من سخط الحاضرين على الجيش.

وأضاف النشطاء أن قوات الجيش الموجودة في وسط الميدان منذ عدة أيام تبدو وكأنها في حالة اعتصام لمنع ثوار 25 يناير من معاودة الوجود في الميدان الذي يعتبرونه رمزا لثورتهم، وهو ما اعتبره البعض وثبا فوق ثورتهم، وحظر لحق أصيل من حقوقهم.

إلا أن مسؤولين مصريين اعتبروا أن إخلاء ميدان التحرير هو نوع من أنواع الحفاظ على الدولة من الانزلاق إلى هاوية الانشقاق أو التلون بأحد أطياف المجتمع، وبخاصة بعد ما حاولته مختلف القوى لصبغه بألوان الأطياف السياسية، إضافة إلى تسيير الحركة المرورية التي تعاني من اختناقات، وبخاصة في شهر رمضان.

وفي رد فعل أولي، قام الناشطون المصريون بتوجيه دعوة للتوجه إلى مركز النديم الحقوقي لإثبات الإصابات التي تعرضوا لها وتوثيق شهاداتهم، في سياق إعداد بلاغ ضد قوات الشرطة العسكرية يقدمونه إلى النائب العام المصري.

وعلق مراقبون على الوضع بأنه صراع على شرعية الميدان، حيث يظن الجيش من جهة أن من حقه حماية الميدان وفرض شرعيته، التي يستند فيها إلى الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي أجري في مارس (آذار) الماضي.. في حين يرى الشباب الذين قاموا بالثورة وتحملوا أعباءها أن ذلك قفز على شرعيتهم في سبيل تكوين الدولة المدنية الديمقراطية.