البرلمانيون الجدد في دولة السودان الجنوبي يؤدون القسم

الخرطوم تحتجز باخرة نفط جنوبية وتنفي عرقلتها مهمة إجلاء جرحى دوليين من أبيي

TT

أدى اليمين الدستورية أعضاء المجلس التشريعي (البرلمان) ومجلس الولايات لجمهورية السودان الجنوبي، أمس، في جلسة مشتركة هي الأولى بعد إعلان استقلال الدولة في 9 يوليو (تموز) الماضي، وتمت إعادة تعيين جيمس واني إيقا رئيسا للبرلمان مع اثنين من النواب أحدهما امرأة إلى جانب ضم 66 من الجنوبيين كانوا ضمن برلمان السودان، وسيخاطب رئيس الدولة سلفا كير ميارديت المجلسين غدا الاثنين لتحديد أولويات الحكومة، ويتوقع أن يتم تعيين الوزراء في الأسبوع المقبل.

وأُعلن رئيس البرلمان جيمس واني إيقا للمجلس التشريعي القومي مع نائبيه فاطمة عبد المعطي ودانيال أويت واختيار أتيم قرنق رائدا للبرلمان، وقد كان يشغل منصب نائب رئيس البرلمان في السودان قبل إعلان استقلال السودان الجنوبي، وتم دمج الأعضاء الجنوبيين في برلمان دولة السودان الموحدة سابقا وعددهم 66، إلى جانب الأعضاء المنتخبين في برلمان الجنوب وعددهم 170.

وقال وزير الشؤون البرلمانية المكلف مايكل مكواي لـ«الشرق الأوسط»: إن رئيس السودان الجنوبي سلفا كير ميارديت سيخاطب الجلسة الافتتاحية المشتركة للبرلمان القومي ومجلس الولايات اليوم في أول جلسة للمجلسين بعد إعلان استقلال دولة السودان الجنوبي في 9 يوليو الماضي، واصفا تلك الجلسة بأنها ستكون تاريخية للدولة الجديدة، متوقعا أن يتم تعيين الحكومة الجديدة في الأسبوع المقبل، وقال إن الدستور لا يمنع أن يتم تعيين وزير من خارج أعضاء البرلمان.

وقال مكواي إن البرلمان سيعمل على إصدار عدد من التشريعات، خاصة تلك التي كانت تحت مسمى حكومة جنوب السودان قبل أن يصبح دولة مستقلة، وأضاف أن عددا من القوانين سيتم تعديلها لتصير قوانين جمهورية السودان الجنوبي، وتابع: «وبالطبع سيعمل البرلمان عمله المعروف بمراقبة الحكومة والاستماع إلى بيانات من الوزراء وإجازة الميزانية وغيرها من القضايا». وأضاف أن المعارضة سيكون لها وجود إلى جانب أعضاء مستقلين وأعضاء جنوبيين من أعضاء المؤتمر الوطني الحاكم في شمال السودان، وقال إن دورات البرلمان كل 3 أشهر ستمنح بينها عطلة. وأضاف: «عمر المجلسين التشريعي والولائي 4 أعوام ما لم يكن هناك طارئ».

من جهة أخرى، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في بيان لها أول من أمس، إنها «تشعر بالقلق» من إمكانية أن تكون السلطات السودانية قد تعمدت تأخير إجلاء جنود لحفظ السلام تابعين للأمم المتحدة جُرحوا في انفجار لغم، وأضافت أنها «تشعر بالقلق من المعلومات التي أفادت بأن السلطات السودانية أخرت السماح بالقيام بإجلاء طبي سريع للجنود الجرحى وهددت بإسقاط أي مروحية للأمم المتحدة تحاول دخول المنطقة من دون موافقة»، وقالت إن «3 جنود جرحى توفوا بسبب هذا التأخير غير المجدي».

كانت السلطات السودانية قد نفت أن تكون قواتها قد أخرت عمدا إجلاء جرحى من جنود حفظ السلام في منطقة أبيي (جنوب)، مؤكدة أن قرار السماح لمروحيات الإخلاء بالإقلاع صدر «في وقت قصير جدا».

لكن متحدثا باسم الخارجية السودانية نفى، الجمعة، هذه الاتهامات، وقال العبيد مروح لوكالة الصحافة الفرنسية: «عندما طلبت الأمم المتحدة الإذن بالإقلاع من كادقلي إلى أبيي حصلت عليه في غضون 3 ساعات، وهي أقصر مهلة ممكنة للحصول على ترخيص مماثل». وأضاف أن «كل الادعاءات بأن السودان أراد عمدا تأخير إقلاع مروحية الأمم المتحدة لإنقاذ الجنود في منطقة أبيي هي ادعاءات كاذبة تماما».

في موضوع ذي علاقة، أكدت الحكومة السودانية استمرار أزمة احتجاز باخرة نفط من السودان الجنوبي، وبررت ذلك بعدم دفع رسوم جمركية، بينما وصفت مصادر دبلوماسية الخطوة بأنها للضغط على جوبا وتقديم تنازلات للخرطوم في قسمة عائدات النفط، إلى ذلك نفى الجيش السوداني تعطيل عملية إجلاء جرحى دوليين في أبيي قبل أيام. واعتبر التصعيد الأممي ضد السودان سياسة لإجباره على قبول عروض نشر قوات دولية بالفصل السابع. وأكد الناطق باسم الخارجية السودانية العبيد مروح في تصريحات صحافية: «إن السلطات بالبحر الأحمر ما زالت تحتجز شحنة نفط من جنوب السودان لأن الأخيرة لم تدفع الرسوم الجمركية المستحقة عليها». وأضاف العبيد، حسب «رويترز»، أمس، أن سلطات الجمارك في ميناء بورتسودان احتجزت شحنة واحدة لأن الرسوم المستحقة عليها لم تدفع. وقال إنه لا يعرف كمية النفط التي تأثرت بهذا الإجراء. لكن مصادر دبلوماسية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الخرطوم تمارس تفاوضا غير مباشر مع جوبا حول قسمة النفط، وينتج الجنوب نسبة 75% من النفط السوداني، وكان الشمال والجنوب يتقاسمان العائدات مناصفة حتى الشهر الماضي، وقال المصدر: «هناك مفاوضات في أديس أبابا والخرطوم تريد رفع سقفها؛ لأن الباخرة كان يمكن أن تعبر ثم يعود الطرفان للحسابات». وأشار إلى أن «الخرطوم عرضت 23 دولارا للبرميل الواحد كرسوم عبور، وجوبا ترفض ذلك وتتمسك بالمعايير الدولية»، وقال مروح: «طلبت الجمارك دفع الرسوم، وقد دفعوا المرة السابقة، لكنهم لم يدفعوا هذه المرة»، وأضاف أن هذا الإجراء اتخذ بقرار من سلطة الجمارك وليس له صلة بالمحادثات الحالية بين الشمال والجنوب بشأن اقتسام عائدات تصدير النفط.

إلى ذلك، نفى الناطق باسم الجيش السوداني، الصوارمي خالد سعد، أن تكون السلطات السودانية قد عطلت نقل جرحى إثيوبيين من منطقة أبيي الغنية بالنفط، وقال: «لقد سمحنا للطائرة بالتحرك بعد 15 دقيقة فقط من طلب القوات الدولية الإذن»، معتبرا أن مثل هذه المعلومات يقصد بها الضغط على الحكومة في سياق حملة إعلامية، وتشهد العلاقة بين الخرطوم ومجلس الأمن توترا شديدا بعد رفض الخرطوم قرار تمديد لقوات يوناميد في دارفور لمدة عام وتحويل مهامها لكل السودان، وفق الفصل السابع.