حركة الشباب تسحب ميليشياتها من العاصمة.. والرئيس الصومالي يعلن مقديشو محررة

قوات حكومية تنهب المساعدات الغذائية المخصصة لضحايا المجاعة

TT

قال الرئيس الصومالي إن عاصمة البلاد مقديشو تحررت بالكامل من سيطرة حركة الشباب المجاهدين المعارضة. وأضاف أنه سيتم طرد مقاتلي «الشباب» من باقي المناطق في الصومال في وقت قريب. جاء ذلك بعد انسحاب مقاتلي حركة الشباب من العاصمة مقديشو بعد أسابيع من الاشتباكات العنيفة بينها وبين قوات الحكومة الصومالية التي تساندها قوات الاتحاد الأفريقي. وعلى الرغم من وقوع اشتباكات في مناطق متفرقة الليلة الماضية فإن معظم المناطق سقطت دون قتال. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن عشرات السيارات التي تقل أعدادا كبيرة من مقاتلي الحركة عبروا ضواحي مقديشو باتجاه الأقاليم المتاخمة للعاصمة. في هذه الأثناء قال الشيخ علي محمود راغي المتحدث باسم حركة الشباب إن الانسحاب تكتيكي، وإن الحرب ضد قوات الحكومة وقوات الاتحاد الأفريقي ستتواصل بشكل أعنف مما كانت عليه في السابق.

وأكد الشيخ راغي، في تصريح لمحطة إذاعية محلية تديرها الحركة، وتدعى «إذاعة الأندلس» انسحاب مقاتليه من العاصمة مقديشو، لكنه أشار إلى أن هذا الانسحاب يهدف فقط إلى تغيير التكتيك العسكري ضد العدو، وقال «إن هذه التحركات تهدف إلى تغيير التكتيك العسكري ضد أعداء الله، وإنه لن يكون هناك انسحاب آخر في المناطق الأخرى التي تسيطر عليها حركة الشباب المجاهدين». وأضاف المتحدث باسم حركة الشباب «هذا التراجع يهدف أيضا لشن هجوم مضاد على العدو، والاستعداد لخوض حرب استنزاف تحدث في كل شارع وفي كل حارة.. يجب علينا محاربة العدو أينما كان، وقريبا (خلال الساعات المقبلة) سوف يستمع الشعب الصومالي المسلم أخبارا سارة»، على حد وصفه. من دون مزيد من الإيضاحات. وقد انتشرت قوات الحكومة الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي في بعض المناطق التي أخلاها مقاتلو حركة الشباب، وسط مخاوف من وقوع هجمات تفجيرية وعمليات انتحارية. ودخلت القوات الحكومية صباح اليوم بعض هذه الأحياء والمناطق التي انسحب منها مقاتلو حركة الشباب خلال الليلة الماضية. وذكر المسؤولون أن القوات الحكومية تتمركز في القواعد والمناطق التي انسحب منها مقاتلو «الشباب». وتقول الحكومة بأن حركة الشباب انسحبت كليا من المواقع التي كانت تسيطر عليها من العاصمة. وكانت حركة الشباب تسيطر على أجزاء واسعة من العاصمة منذ بداية عام 2009، إلى جانب معظم وسط وجنوب الصومال وخسرت الحركة بعض المدن بجنوب ووسط الصومال مؤخرا، إلا أنها لا تزال تسيطر على الجزء الأكبر من جنوب الصومال حتى الآن. ويرى المراقبون أن الحكومة تتنفس الصعداء بهذه التطورات العسكرية في مقديشو، إلا أن أمامها معركة طويلة وقاسية للقضاء على حركة الشباب عسكريا في مختلف مناطق البلاد. في هذه الأثناء أعلن الرئيس الصومالي الشيخ شريف في مؤتمر صحافي عقده في القصر الرئاسي أن العاصمة مقديشو تحررت بالكامل من المتمردين والمتطرفين. وكان الرئيس شريف يتحدث عقب اجتماع طارئ عقدته اللجنة الأمنية الوطنية بقيادة الرئيس صباح أمس لبحث هذه التطورات والترتيبات الأمنية الأخرى لانتقال القوات الحكومية إلى المناطق التي أخلتها حركة الشباب. وقال الرئيس شريف في مؤتمره الصحافي «مقديشو تحررت بالكامل من العدو وسيتم تحرير باقي البلاد قريبا». وذكر الرئيس الصومالي أيضا أن «الحكومة الانتقالية ملتزمة بضمان إعادة الأمن والنظام في المناطق التي خرج منها المتمردون»، مشيرا إلى «أن هذا نصر عظيم للشعب الصومالي». كما ناشد الرئيس شريف سكان العاصمة، وخاصة سكان الأحياء التي انسحب منها مقاتلو «الشباب» عدم الذهاب إلى تلك المناطق، لكن المئات من سكان تلك المناطق هرعوا إلى منازلهم، في المناطق التي أخلتها حركة الشباب، التي هجروا منها قبل عامين بسبب المعارك، ابتهاجا بانسحاب «الشباب». على الصعيد الإنساني، قامت عناصر من القوات الحكومية أمس، بنهب مساعدات غذائية، كان برنامج الغذاء العالمي يقوم بتوزيعها على النازحين في مقديشو. ووقع الهجوم في مخيم بادبادو، الذي أقامته الحكومة بجنوب العاصمة، والذي يضم عشرات الآلاف من ضحايا المجاعة. وهاجمت العناصر من القوات الحكومية المخيم في وقت كان يجري فيه توزيع مواد غذائية من برنامج الغذاء العالمي، حيث كان النازحون في طوابير ينتظرون توزيع المساعدات الغذائية. وقاد المهاجمون عددا من الشاحنات المحملة بالأغذية، المخصصة لمساعدة الآلاف من النازحين. وأدى الهجوم الذي وقع في مخيم بادبادو، إلى سقوط 11 قتيلا على الأقل، وجرح أكثر من 15 آخرين جميعهم من النازحين. وقال شهود عيان إن سبعة أشخاص على الأقل لقوا مصرعهم داخل المخيم، وثلاثة آخرين خلال هروبهم، فيما جرح نحو 15 شخصا، وذلك عندما أطلق المسلحون النار لنهب المساعدة الغذائية في المخيم. وكانت قوات الأمن في المخيم ورجال الأمن المرافقون للقافلة تبادلوا إطلاق النار مع المهاجمين، الذين تمكنوا من السيطرة على المكان، ونهب ثلاث شاحنات محملة بمواد غذائية مخصصة لضحايا المجاعة في مقديشو. وقد استنكر رئيس الوزراء الصومالي عبد الولي محمد علي (غاس) الذي وصل هو وعدد من وزراء حكومته الجديدة ومسؤولون آخرون من قادة الجيش والشرطة إلى مخيم بادبادو بعد فترة قصيرة من وقوع هذا الحادث، بشدة هذا الحادث، واصفا نهب مواد غذائية مخصصة للنازحين بأنه أمر مؤسف وعمل وحشي لا يمكن قبوله، وأنه من العار أن يقوم جنود حكوميون بنهب المعونات الغذائية المخصصة لمساعدة النازحين. وأعرب رئيس الوزراء الصومالي أيضا عن حزنه لهذا الحادث، وقال «أنا آسف جدا لما حدث في مخيم بادبادو، أشعر بالأسف للغاية بهذا العمل الوحشي». وأضاف رئيس الوزراء «سوف نقوم بجلب جميع الجنود الذين شاركوا في هذا الحادث إلى المحاكمة فورا، وسوف نعاقبهم بأقصى العقوبة»، مشيرا إلى أن الحكومة نجحت في استرجاع معظم المواد الغذائية التي تعرضت للنهب إلى أيدي الحكومة. كما وعد رئيس الوزراء الصومالي بأنه سيتم إجراء تعديل في إدارة المخيم وفرض إجراءات أمنية مشددة من خلال جلب قوات حكومية جديدة لحراسته وحفظ أمن قوافل المساعدات حتى لا تتكرر مثل هذه الحادثة. وقد أجبر هذا الحادث الأسر النازحة في مخيم بادبادو على الفرار من أكواخهم هناك، بحثا عن مخيمات أخرى أكثر أمنا. وبالفعل فر المئات من النازحين من هذا المخيم بعد هذا الحادث، حاملين أمتعتهم، وتوجهوا إلى مخيمات أخرى في العاصمة يرونها أكثر أمنا من مخيمهم. وقال بعض النازحين إنهم تركوا مخيم بادبادو خوفا على حياتهم؛ لكن المسؤولين الحكوميين الذين زاروا المخيم عقب الحادث، بينهم رئيس الوزراء عبد الولي محمد علي، قاموا بطمأنة النازحين وإقناعهم بالعودة إلى المخيم، واعدين بتحسين الأوضاع الأمنية في مخيمات النازحين.