أمين الجامعة العربية يدعو لوقف العنف ويقول: «الفرصة سانحة لإنجاز إصلاحات النظام»

معارضون سوريون: بيان العربي يشجع الأسد على مزيد من العنف ضد الشعب

د. نبيل العربي
TT

أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي، عن قلقه المتزايد وانزعاجه الشديد من تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا جرَّاء تصاعد العنف والأعمال العسكرية الدائرة في حماه ودير الزور وأنحاء مختلفة من سوريا، معتبرا - في بيان له أمس الأحد - أن الفرصة ما زالت سانحة لإنجاز الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس بشار الأسد استجابة لطموحات الشعب السوري ومطالبه المشروعة في الحرية والتغيير وإنجاز الإصلاحات السياسية.

واعتبر معارضون سوريون أن البيان لا يختلف عن زيارة العربي لسوريا، وأنه جاء لإعطاء حماية جديدة لبشار الأسد وضوء أخضر لممارسة أعمال العنف ضد السوريين، مما جعل بعضهم ينتقد العربي بالقول: «ليته بقي صامتا».

كان الأمين العام لجامعة الدول العربية قد دعا، في بيانه، السلطات السورية إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والحملات الأمنية والإسراع باتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الاتجاه حفاظا على الوحدة الوطنية للشعب السوري، وحقنا لدماء المدنيين والعسكريين ودرءا للتدخلات الخارجية المغرضة، مشددا على أن جامعة الدول العربية، طبقا لميثاقها، ترفض التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وتحرص على سلامة وأمن دولها الأعضاء واستقرارها السياسي.

كما دعا بيان العربي الحكومة والقوى الوطنية السورية كافة إلى اتخاذ ما يلزم لتهيئة الأجواء للانخراط الجدي في حوار وطني شامل، معربا عن استعداد الجامعة العربية للمساعدة في هذا الاتجاه للخروج من الأزمة المصيرية التي تمر بها سوريا. وأكد أن مثل هذا الحوار الوطني الشامل هو الحل الوحيد الذي يضمن الانتقال السلمي إلى مرحلة من الاستقرار تتيح تنفيذ برنامج الإصلاحات السياسية المنشودة في جو آمن ومستقر يتيح للسوريين حرية التعبير عن خياراتهم وطموحاتهم ويحفظ لسوريا مكانتها ودورها المحوري والقومي في المنطقة. وحذر العربي من مخاطر الانزلاق نحو سيناريوهات الفتنة الطائفية والفوضى في سوريا، التي ستكون لها نتائج مدمرة على المصالح العليا للشعب السوري وعلى الأمن والاستقرار في المنطقة على اتساعها، داعيا الحكومة السورية إلى تشكيل فريق قضائي محايد للتحقيق في أعمال العنف والانتهاكات المرتكبة ضد حقوق الإنسان في سوريا.

على الصعيد نفسه، علق النائب السابق في البرلمان السوري منسق تجمع أبناء الجالية السورية بالقاهرة، محمد مأمون الحمصي، على بيان العربي بقوله لـ«الشرق الأوسط»: «ليت أمين الجامعة العربية بقي صامتا؛ فهذا البيان أظهر أن الجامعة تقف إلى جانب بشار في رغبته الإصلاحية التي امتدت على مدار 5 أشهر من القتل والتنكيل بالشعب السوري». وبيَّن الحمصي أن البيان يأخذ نفس اتجاه زيارة أمين الجامعة لسوريا «حيث أبدى ترحيبه بالإصلاح الذي جلب الويلات على سوريا، وببيانه هذا التقى مع بشار في مشروعهما الإصلاحي؛ فهذا البيان يوجد غطاء لبشار الأسد من أجل متابعة برنامجه». وبرأي النائب السابق أن بيان دول مجلس التعاون الخليجي، الذي ظهر السبت، كان خطوة على الاتجاه الصحيح وتحريكا للمسار العربي لوضع حد لمأساة الشعب السوري، مقارنة ببيان الجامعة، الذي كان فيه خلط للأمور، مبينا أن الشعب السوري لا يزال ينتظر الكثير من دول مجلس التعاون الخليجي.

أما رياض غنام، رئيس اللجنة الإعلامية المنبثقة عن مؤتمر أنطاليا للمعارضة السورية، وعضو الهيئة الوطنية الاستشارية للتغيير، فقال عن بيان العربي: «إنه شيء من لا شيء، وواضح منه أننا أمام موقف ملتبس»، موضحا أن البيان ذكر أن هناك تصاعدا للعنف والأعمال العسكرية في حماه ودير الزور وأنحاء مختلفة من سوريا، والعنف هنا بهذا المعنى فيه طرفان، وهذا لا يحدث حقيقة، فالعنف يستخدمه طرف واحد هو النظام ضد الشعب الأعزل. ويؤكد غنام، بحسب ما لديه من معلومات، أن الأيام المقبلة هي أيام حسم للمجتمع الدولي ضد النظام، من جانب الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، تتناغم معه تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، وستلحق بركبه الجامعة العربية في النهاية، مبينا أن هجوم النظام السوري على البيان الخليجي جاء لأن النظام يعلم أن الأيام المقبلة سوف تشهد تطورا للموقف الدولي ضده، فحاول أن يجري عمليه استباقية من أجل امتصاص هذه البيانات.من جانبه، أوضح عمار القربي، رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا، أن بيان الأمين العام للجامعة العربية «لم يرقَ إلى طموحات الشارع السوري وتطلعاته»، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «على الجامعة العربية أن تعتني أكثر بإصلاحاتها، وتترك سوريا في حالها». بينما تعتقد بهية مارديني، رئيسة اللجنة العربية لحرية الرأي والتعبير، أن أي تصريحات أو بيانات من الجامعة العربية مرفوضة شكلا وموضوعا، مبينة أن «كل ما يصدر عن الجامعة لا يرقى لمستوى الحدث والدم المراق على أرض سوريا». وتساءلت مارديني عن دور الجامعة خلال الأزمة؛ حيث قالت بلهجة تملأها الأسى: «الجامعة تلاشت حين كان الشعب السوري يقتل في الشارع بصدور عارية». بينما يعتقد أشرف المقداد، رئيس «إعلان دمشق» في أستراليا، أن موقف الجامعة العربية جاء متأخرا لشهر كامل، لافتا إلى أن «المتظاهرين خرجوا في مظاهرات الجمعة 8 يوليو (تموز) تحت اسم (لا للحوار)، في الوقت الذي يدعو فيه العربي إلى حوار وطني شامل»، وأضاف المقداد أن السوريين دفنوا مسألة الحوار مع النظام إلى الأبد، مبديا اندهاشه من خلو بيان الجامعة العربية من أي نداء إنساني، معتبرا أن البيان جاء ضعيفا ولا يقارن بما صدر من الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي.