ليبرمان يتوقع أضخم صدامات دموية مع الفلسطينيين بعد سبتمبر

في الجيش الإسرائيلي يفضلون مبادرة سياسية ولا يستبعدون اعترافا بالدولة الفلسطينية

TT

في الوقت الذي نشرت فيه تقديرات إسرائيلية شبه رسمية بأن الفلسطينيين سيخرجون في مظاهرات سلمية بعد طرح موضوع الاعتراف بفلسطين عضوا في الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، خرج وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بتصريحات يقول فيها إن ما سيجري في أعقاب هذا الطرح، سيكون أخطر ما حدث بين إسرائيل والفلسطينيين في تاريخهما في البلاد، وإن صدامات دموية لم يشهد التاريخ مثيلا لها ستنفجر.

وقال ليبرمان، الذي كان يتحدث أمس إلى المراسلين البرلمانيين في الصحافة الإسرائيلية، إن «الفلسطينيين يخدعون العالم عندما يتحدثون عن مظاهرات سلمية». وأضاف: «تصوروا مظاهرة سلمية تضم 30 أو 60 ألف فلسطيني تصل إلى حاجز عسكري قرب القدس وتحاول أن تخترقه بشكل سلمي. فهل نسمح بذلك؟ وكيف؟ هل نمنعهم؟ وكيف؟ هذه مغامرة خطيرة قد تؤدي إلى صدام دام رهيب وهم يعرفون ذلك». ولهذا، قال ليبرمان: «سوف أقترح على الحكومة في كل اجتماع مقبل، أن تقطع كل صلة مع السلطة الفلسطينية، ورئيسيها (يقصد الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض)، عقابا لها على مخططاتها الخبيثة».

وكانت مصادر سياسية في تل أبيب ادعت أن السلطة الفلسطينية بعثت بأكثر من تلميح إلى الحكومة إسرائيلية، تقول فيها إنها أمرت قوات الأمن الفلسطينية بمنع وصول المظاهرات الجماهيرية المتوقعة بعد سبتمبر إلى نقاط الاحتكاك مع إسرائيل، مثل حواجز الجيش الإسرائيلي والمستوطنات. ونقلت التعليمات لرؤساء الأجهزة في الأسابيع الأخيرة، في ضوء التخوف من مواجهات كهذه.

وقالت صحيفة «هآرتس»، التي نشرت هذا النبأ، أمس، إن رسائل مشابهة نقلتها السلطة إلى إسرائيل وقيادة جيشها، موضحة أن في نيتها منع مظاهرات عنيفة وواسعة تؤدي إلى تصعيد بين الطرفين وتحطيم التنسيق الأمني. وقالت الصحيفة نقلا عن محافل أمنية رفيعة المستوى، في إسرائيل وفي السلطة، إن هذه الرسائل باتت شبه اتفاقات بين الطرفين.

يذكر أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، دعا في نهاية الشهر الماضي الفلسطينيين للمشاركة في مسيرات غير عنيفة في إطار الأحداث التي تخطط لها السلطة في نهاية سبتمبر. وبعد بضعة أيام من ذلك، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، أن في نية المنظمة عقد مهرجانات تأييد ابتداء من 20 سبتمبر، عند بدء المداولات في الأمم المتحدة بنيويورك.

وذكرت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين في المخابرات الإسرائيلية، أنهم واثقون من أن قيادة السلطة تبادر إلى المظاهرات بنية السيطرة عليها ومنع إمكانية أن تتدهور إلى مواجهات عنيفة. ومن المقرر أن تعقد المظاهرات في قلب المدن الفلسطينية وليس في نقاط الاحتكاك، وستتم برعاية «م ت ف» وإشراف قوات الأمن الفلسطينية. ومسؤولو السلطة على وعي تام بأن سيطرتهم العملية على ما يجري في المظاهرات عندما تبدأ كفيلة بأن تجعلها محدودة. في الضفة أيضا، يعمل الآن جيل شاب يعتمد على الشبكات الاجتماعية في الإنترنت ويستمد الإلهام من الثورات في العالم العربي. الصدامات بين المشاركين في المسيرات في سبتمبر وقوات الجيش الإسرائيلي من شأنها أن تؤدي أيضا إلى سفك للدماء وفقدان للسيطرة.

وأضافت هذه المصادر أن الهدف من دعوة الرئيس الفلسطيني للجمهور هو إيقاظ الميدان الغافي بعض الشيء. فسكان الضفة الغربية يرون، حسب استطلاعات الرأي العام وحسب وسائل الإعلام، غير معنيين بانتفاضة ثالثة وبجولة قتال أخرى مع إسرائيل. معظمهم يفضلون التركيز على تحسين الاقتصاد الفلسطيني وبناء مؤسسات الدولة التي على الطريق، بصيغة خطة رئيس الوزراء سلام فياض. ومع أنهم في الضفة يؤيدون التوجه إلى الأمم المتحدة، إلا أن الكثيرين قلقون من الوضع الاقتصادي ويخشون من أن يكون على شفا التدهور. فالسلطة تستصعب دفع مرتبات للعاملين والموظفين، وهذا من شأنه أن يشعل الأرض من تحت أقدامها.

المعروف أن الجيش الإسرائيلي يستعد لإمكانية أن يكون مطالبا بمرابطة قوات كبيرة في الضفة، لا سيما من قواعد تدريباته. وقادته يطالبون بإجراء محاولات لتغيير الواقع السياسي وعدم السماح بالانتقال إلى صدام قبل استنفاد كل الإمكانات السياسية. وهم يتحدثون صراحة، عن ضرورة عرض حل سياسي شجاع يدفع الفلسطينيين إلى تأجيل الخطوة أحادية الجانب والعودة فورا إلى طاولة المفاوضات. ولا يستبعدون حلا أكثر شجاعة يتمثل في أن تفاجئ إسرائيل العالم وتصوت إلى جانب الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة. فهكذا تسحب البساط من تحت أقدام من يسعى لإحراج إسرائيل وتعيد الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات في المسائل الأساسية.