الحكومة الصومالية تعرض العفو عن مقاتلي الشباب المتبقين في العاصمة

سكان مقديشو يتخوفون من ظهور ميليشيات قبلية في المناطق التي أخلاها مقاتلو الحركة

اطفال من جنوب الصومال خارج مخيمات اقيمت للاجئين في مقديشو (أ.ب)
TT

بدأت قوات الاتحاد الأفريقي والقوات التابعة للحكومة الصومالية الانتشار في مناطق عدة أخلتها ميليشيات حركة الشباب المجاهدين المعارضة، أمس، بعد انسحابها المفاجئ من العاصمة مقديشو. وتواجه القوات الحكومية وقوات الاتحاد الأفريقي في بعض المناطق إطلاق نار من قبل مجموعات صغيرة مسلحة تبقت في بعض الجيوب بشمال شرقي مقديشو، رافضة دعوات الاستسلام التي وجهتها إليها الحكومة الصومالية.

وقال بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء الصومالي، عبد الولي محمد علي، إن الجيش الوطني بدعم من بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال، قد نجح في هزيمة المتطرفين المرتبطين بتنظيم القاعدة. وذكر بيان الحكومة أن المتطرفين أجبروا على التراجع والانسحاب من العاصمة، بسبب العمليات التي قام بها الجيش الوطني مدعوما بقوة الاتحاد الأفريقي، وذلك بهدف القضاء على التهديد الذي كان يمثله المتطرفون لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

وأضاف البيان: «هذا إنجاز كبير للشعب الصومالي وخطوة كبيرة نحو هزيمة المتطرفين، لقد كنا نحلم بهذا اليوم على مدى السنوات الثلاث الماضية، وهو أيضا خطوة مهمة إلى الأمام لاستقرار البلاد، ونحو الصومال الأكثر استقرارا». وذكر البيان أن الحكومة الانتقالية تتحرك لتأمين المناطق التي أخلاها المتطرفون، وتقييم احتياجات السكان هناك، وذلك بهدف توفير الإمدادات الإنسانية. وقال أيضا: «التمرد والعنف الذي يفرضه المتطرفون على الشعب الصومالي كانا السبب الأساسي للمجاعة التي نعاني منها، هناك الآن فرصة لإعطاء المجتمع الدولي الثقة اللازمة لضمان رفع مستوى تقديمها للمساعدات الإنسانية إلى مقديشو».

وفي تصريح آخر أعلن رئيس الوزراء الصومالي، عبد الولي محمد علي، عن إنشاء قوة خاصة لحماية سوق البكارو، أكبر سوق في العاصمة، التي كانت إحدى معاقل مقاتلي حركة الشباب، والتي كانت تشهد في الآونة الأخيرة حالة من القلق، خوفا من أن تتعرض السوق للنهب، بعدما دخلت القوات الحكومية فيه. وذكر رئيس الوزراء أن القوة الأمنية الخاصة التي تنوي الحكومة إنشاءها لحماية البكارو، سوف تتخذ مراكز لها في محيط السوق. وكانت سوق البكارو تمثل معقلا للمسلحين ومصدرا حيويا للدخل، بسبب الضرائب التي كانوا يفرضونها على التجار ورجال الأعمال والشركات التجارية الكبرى هناك. من جهته، قال محافظ العاصمة، محمود أحمد ترسن، إنه لا يمكن لأحد أن يقوم بإدخال أو سحب أي شيء من سوق البكارو خلال الأيام الثلاثة المقبلة، حتى تتمكن القوات الحكومية من تحقيق الأمن والتأكد من عدم حدوث أي أعمال نهب أو سرقة ضد ممتلكات التجار في سوق البكارو.

وفي تطور ذي صلة، دعا رئيس جهاز المخابرات الصومالية، أحمد معلم فقي، عناصر حركة الشباب الذين لا يزالون موجودين في أجزاء من العاصمة مقديشو، إلى الاستسلام للحكومة خلال مدة 24 ساعة. وذكر فقي أن قوات الحكومة الصومالية لا تزال تطارد فلول متمردي حركة الشباب، وأن الحكومة الانتقالية تمنح عفوا شاملا لجميع المقاتلين الذين يستسلمون للحكومة خلال تلك المدة التي حددتها الحكومة. ودعا رئيس جهاز المخابرات مقاتلي الشباب الذين لا يزالون يختبئون في المناطق التي أخلاها مقاتلو الشباب إلى اغتنام هذه الفرصة القائمة. وذكر فقي أن وكالته على علم بأن بعض مقاتلي الشباب لا يزالون باقين في بعض أجزاء العاصمة التي كانت الحركة تسيطر عليها، وخاصة في ناحية داينيلي بغرب مقديشو.

وعلى الرغم من أن هذه التطورات العسكرية المهمة في مقديشو وانسحاب مقاتلي حركة الشباب من العاصمة تجعل الحكومة تتنفس الصعداء، وتؤدي إلى إنهاء المعارك شبه اليومية بمقديشو، كما أنها توسع الرقعة التي تخضع لسيطرة الحكومة؛ فإنه من المستبعد أن تحقق الحكومة في الوقت القريب سيطرة فعلية على باقي أجزاء البلاد الخاضعة لحركة الشباب، وستكون أمام الحكومة معركة طويلة وقاسية للقضاء على حركة الشباب عسكريا، في مختلف مناطق البلاد. ويخشى سكان مقديشو أن لا تتمكن الحكومة من ملء الفراغ الأمني في المناطق التي أخلاها متمردو الشباب، مما يفسح المجال لميليشيات قبلية جديدة، وأن التحدي الآن هو التوسع في هذه المناطق وإقرار القانون والنظام فيها، وتقول الحكومة إن المتمردين انسحبوا لمسافة تصل إلى 100 كيلومتر من مقديشو باتجاه الأقاليم المتاخمة للعاصمة.

وعلى الصعيد الإنساني، فمن المقرر أن تعقد الجامعة العربية، يوم غد الثلاثاء، اجتماعا عاجلا لبحث سبل زيادة الدعم العربي لإغاثة الشعب الصومالي من المجاعة التي يعانيها بسبب موجة الجفاف الشديدة. ويأتي هذا الاجتماع بعد أن لبت الكثير من الدول العربية النداء الذي وجهه نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، لسرعة تقديم الدعم الإنساني والإغاثي للشعب الصومالي، ومن هذه الدول قطر والسعودية والكويت والإمارات والجزائر والمغرب ومصر.

وسيستعرض الاجتماع على مستوى المندوبين وبحضور الأمين العام للجامعة، نبيل العربي، الجهود العربية لتوفير المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الصومالي، واستعراض الوضع في الصومال بشكل عام، والتأكيد على أهمية تكثيف ومواصلة الدعم الإغاثي والإنساني إلى الشعب الصومالي الذي يعاني من مجاعة أحدثت ضررا بالغا في البلاد، وتأكيد التضامن العربي مع الصوماليين في مواجهة هذه الكارثة التي أثرت على حياتهم وزيادة هذا الدعم للمتضررين. وأكدت مصادر في الجامعة العربية أن الفترة المقبلة ستشهد دعما عربيا للعملية السياسية في الصومال، حيث تم الاتفاق مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للصومال، أوغستين ماهيغا، خلال زيارته لمقر الجامعة العربية، مؤخرا، على وضع خارطة طريق وخطة تحرك مشتركة بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لإعادة تفعيل العملية السياسية في الصومال.