الصومال: تحسن حالة رضيع عجز حتى عن البكاء.. والمجاعة لا تزال تحصد أرواح آخرين

بعد أن قرر الآباء ترك بعضا من أطفالهم حتى لا تفنى العائلة

TT

منذ عشرة أيام فقط، كان منهاج غيدي فرح على درجة من الضعف عجز معها حتى عن البكاء، وتجعد جلده تحت ضغط يدي أمه. الآن، يقول أطباء إن الرضيع البالغ 7 شهور، والذي عانى من سوء التغذية بدرجة بالغة نجا مؤخرا من خطر الانضمام إلى أكثر من 29.000 طفل لقوا حتفهم بالفعل جراء المجاعة.

ويمثل هذا الرضيع قصة نجاح نادرة في خضم شقاء والده الذي يستعصي على عقل بشري تخيله داخل أكبر معسكر لاجئين بالعالم، مكان اضطر والده لدفن اثنتين من بناته فيه ذات يوم، ثم ابنه في يوم لاحق.

لا يزال منهاج الذي يبلغ وزنه حاليا أكثر من 8 باوند (3.8 كيلوغرام) أقل كثيرا عن الوزن المفترض لمن هم في سنه. ومع ذلك، يشكل وزنه الحالي تحسنا كبيرا عن وزنه السابق البالغ 7 باوند (3.2 كيلوغرام) عندما وصل للمرة الأولى للمستشفى الميداني هنا.

وشرح دكتور جون كيوغورا، من «لجنة الإنقاذ الدولي» والذي تولى علاج الرضيع منذ وصوله في أواخر يوليو (تموز)، أن حالته مستقرة ويبلي بلاء حسنا.

وكان من شأن الصور المفزعة لمنهاج بيديه الشبيهتين بغصنين يابسين وخديه الغائرين جعل منهاج الوجه المنهك لأسوأ مجاعة تضرب العالم منذ 60 عاما. وقد دارت أعين الرضيع فيما حوله داخل المستشفى يوم السبت وتعلقت بمصور كان يلتقط صورا له.

وجاء تعافيه بمثابة معجزة لوالدته، وشهادة لحجم الجهود العظيمة التي بذلها الأطباء وموظفو الرعاية الصحية الآخرون في محاولة إنقاذ الأرواح مع توافد مزيد من الأطفال الذين يعانون سوء التغذية على المستشفى.

وقالت والدته آسيا داغان، التي ترتسم الآن على وجهها ابتسامة عريضة وتزرع باستمرار القبلات على خدي صغيرها: «لم تعد لديه مشكلات مقارنة بما كان عليه الحال خلال الأيام الماضية. الآن، بات ينام معظم الليل. وعندما يستيقظ يبدو عليه الجوع ويرغب في تناول الحليب».

إلا أن معظم الآباء والأمهات كانوا أقل حظا، حيث وصف الوافدون حديثا على فقدانهم الكثير من أطفالهم، بل وفقد بعضهم أربعة من أطفاله، جراء الجوع والأمراض على امتداد رحلة من الصومال سيرا على الأقدام. وقد اتخذ بعضهم قرارات لا يتخيلها أحد حيال أي من أطفالهم يصطحبونهم معهم، وأي منهم يتركونهم للموت بحيث لا تفنى العائلة بأسرها.

وفي الوقت الذي احتفلت والدة منهاج بتعافيه يوم السبت، اضطر محمد سورو لدفن ابنته، لين، البالغة عاما واحدا، التي ماتت بسبب سوء التغذية بعدما وصلت أسرتها إلى معسكر اللاجئين، لكن كان الأوان قد فات لإنقاذها.

جلس الأب (27 عاما)، على بعد قرابة 10 ياردات من قبر ابنته الصغيرة. وحضر الجنازة لعشرات من اللاجئين الموجودين على أطراف إيفو إكستنسيو، وهي جزء من معسكرات داداب. وقال سورو الذي نجا ابنه ألاسو (3 سنوات)، من الموت: «لم يخطر ببالي فقداني أحد أطفالي عندما قدمت لهذه البلاد، وإنما كنت أقول في نفسي إن كينيا دولة سلمية، لكن عندما قدمت لهنا فوجئت ببلاد سيئة تهب فيها الرياح طيلة الوقت. وهذا أثر على أطفالنا. والحزن الذي تراه نتيجة ذلك». أما حزن زوجته فاختلط بالأمل في المستقبل بعدما أنجبت طفلا ذكرا، حمدي، قبيل موت طفلتها بيومين فقط.