طهران تخاطر بمزيد من العزلة عن العالم العربي والإسلامي إذا استمر دعمها للأسد

وقفت إلى جانب الثورات العربية.. لكن أحداث سوريا شكلت معضلة في السياسة الخارجية لإيران

اطلاق نار من قبل الامن على المتظاهرين في ادلب
TT

كانت إيران تقف في صف المتظاهرين في العالم العربي دائما أثناء الثورات وأعمال الشغب، حيث رأى القادة الإيرانيون ضرورة سماع صوت الشعب «الذي يعكس الصحوة الإسلامية»، غير أن هذا التفهم للديمقراطية سرعان ما توقف في ما يتعلق بسوريا، لأن الأمر يتعلق بمصالح طهران، وهو ما دعا وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي يقول: «سوريا بلد ذو سيادة ونحن على يقين بأن الحكومة السورية ستسيطر على شؤونها الداخلية دون مساعدة أحد».

ودعا صالحي إلى «تحييد المؤامرة الصهيونية ضد دمشق»، وإلى تجنب أي نوع من التدخل الأجنبي في شؤون سوريا. ولكن هذا التدخل لم يعد يحدث الآن من جانب أميركا أو إسرائيل وحدهما، بل من قبل العالم الإسلامي أيضا، حيث تطالب السعودية وتركيا وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي الرئيس السوري بشار الأسد بالوقف الفوري للتعامل الوحشي مع معارضيه، وهو ما من شأنه أن يعرض طهران لخطر العزلة عن العالم العربي والإسلامي إذا استمرت في دعمها للأسد.

ورأى أحد أساتذة السياسة في طهران أن «إيران تواجه معضلة في السياسة الخارجية لأنها تضع قضية فلسطين والسياسة المعادية لإسرائيل على قمة أجندتها التي يصعب تحقيقها من الناحية الجيوسياسية من دون الأسد»، حسب ما أوردته وكالة «رويترز». كما أن طهران تحرص على دعم النظام السوري ضمن سياق الاصطفافات الطائفية في المنطقة.

ولم تعترف إيران بدولة إسرائيل منذ قيان الثورة الإسلامية عام 1979، بل وأصبحت تنتهج سياسة أكثر عدوانية تجاه إسرائيل منذ انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا لها عام 2005، الذي يؤيد نقل إسرائيل إلى مكان خارج الشرق الأوسط ويستفز إسرائيل والغرب بتصريحاته المستمرة التي ينكر فيها المحرقة اليهودية.

ورأى دبلوماسي عربي في طهران أن إيران تدعم الربيع العربي فقط لأنها تأمل بشكل رئيسي في انتهاج الدول العربية سياسة «أكثر نقدا» لإسرائيل وحليفها الرئيسي أميركا. وتدعم دمشق حتى الآن السياسة الإيرانية تجاه إسرائيل، وهي أيضا حليف وثيق لإيران في دعم ميلشيات حزب الله اللبناني المعادي لإسرائيل.

وأوضح دبلوماسي آخر في طهران أن «الأسوأ من الإطاحة بالأسد من السلطة هو نجاح إسرائيل، العدو اللدود لإيران، في مثل هذه الحالة». ويدرك أحمدي نجاد هذه الرؤية جيدا حيث قال مؤخرا: «على الجميع في المنطقة أن يعلموا أن هذه التطورات لا تخدم إنقاذ النظام الصهيوني». ولا يخفى أن أحمدي نجاد يتنبأ بالانهيار السريع لإسرائيل.

كما أن هذا التحذير موجه في الوقت ذاته إلى الحليف التركي، حيث نصحت أنقرة الشهر الماضي إيران بعدم الاستمرار في دعم سوريا، وهو ما رفضه أحمدي نجاد جملة وتفصيلا، بل وحث وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بعدم الانسياق وراء «المؤامرة» الأميركية.

وتفضل الدبلوماسية الإيرانية عدم إطلاق تصريحات يمكن أن تضلل دمشق أو حليفا مثل تركيا، وذلك بخلاف الحرس الجمهوري الإيراني، قوات النخبة، حيث جاء في أحد المقالات الافتتاحية لمجلته الأسبوعية «الصبح الصادق» في يوليو (تموز) الماضي: «إن المصالح الاستراتيجية الإيرانية تسير باتجاه سوريا أكثر من تركيا، إذا استلزم الأمر فستنحاز إيران إلى جانب دمشق».