العقيد أحمد باني لـ «الشرق الأوسط»: لا متطوعين أجانب في صفوف الثوار

الناطق العسكري باسم المجلس الانتقالي: العقيد قد يقدم على إحراق طرابلس لدى مهاجمتها.. ونتوقع مجزرة كبيرة

العقيد أحمد باني
TT

أكد العقيد أحمد باني، الناطق الرسمي باسم «جيش تحرير ليبيا الوطني»، أن معركة تحرير طرابلس، وإسقاط نظام العقيد معمر القذافي، بدأت بالفعل من سيطرة الثوار على مدينة «بئر الغنم» القريبة من طرابلس، بالتزامن مع إحكام الثوار سيطرتهم على عدة مناطق مختلفة، وتؤكد تقدمهم المستمر أمام قوات القذافي التي تتراجع ولا تتمكن من استعادة الأراضي التي فقدتها مجددا.

ونفى باني، الذي يعتبر أيضا المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري الممثل للثوار المناهضين لنظام العقيد معمر القذافي، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من مقره في مدينة بنغازي، أن يكون «جيش تحرير ليبيا» الذي قال إنه يتكون من مختلف الشرائح الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للشعب الليبي، يضم في صفوفه مقاتلين من دول عربية أو غربية.

وشدد على أن الثوار يرفضون السماح بأي وجود عسكري أجنبي على الأراضي الليبية، وأنهم يريدون أن لا تتحول ليبيا إلى ذاكرة حزينة لدى الآخرين.

وكشف باني النقاب عن أن دول مثل النيجر ومالي وموريتانيا والجزائر متورطة في تزويد نظام القذافي بالعتاد والسلاح، مؤكدا امتلاك الثوار الأدلة والمستندات التي تؤكد هذا التورط المشبوه. وفي ما يلي نص الحوار:

* هل لك أن تشرح لنا ببساطة الخريطة العسكرية الآن؟

- بالنسبة لجبهة البريقة في الجبهة الشرقية يجب أن يعلم العالم أن هناك ألغاما مبعثرة في كل تلك الصحراء البكر، وهذه الألغام زرعت أو بالأحرى بعثرت بهذه الطريقة حتى توقع أكبر عدد من الإصابات بين الجنود، خاصة أن جل هذه الألغام ألغام مضادة للأفراد، وهذا لا يعني أنه لا توجد هناك ألغام مضادة للدروع والدبابات، ولكن الأغلبية ألغام مضادة للأفراد، وهي ألغام حديثة وبلاستيكية حتى يصعب تمييزها أو استخدام الأجهزة البسيطة والبدائية الموجودة لدينا في الكشف عن هذه الألغام، وبالتالي بعثرة الألغام بهذه الطريقة أولا تؤكد أنه يعي جيدا أنه لن يعود ثانية لهذه المنطقة، وهذا يبين ما حالة الإحباط التي تمر بها كتائب الطاغية؛ هذا من جهة البريقة، ومن يدافع عن منطقة البريقة الآن يدافع عنها في حقل الألغام المبعثرة في تلك المنطقة، وحالما يتمكن ثوارنا من تنظيف أو إزالة هذه الألغام، سيكون الطريق مفتوحا إلى البريقة بالكامل، وبالتالي سيسقط النظام في تلك المدينة المهمة جدا من الناحية الاستراتيجية ومن الناحية الاقتصادية، وأعتقد أن مفتاح الشارة أو البوابة لمصراتة موجود في مدينة البريقة، وحال ما انفتح هذا البلد سنكون قد وصلنا إلى مدينة مصراتة بكل يسر وسهولة.

هذا من ناحية الموقف في المنطقة الشرقية، أضيف أيضا، اليوم (أمس) نظرا لحالة اليأس التي تمر بها كتائب الطاغية والحصار؛ طبعا محاصرة بالكامل مدينة البريقة، حاول أن يلتف من ناحية المحور الجنوبي على قوات الثوار، لكن الثوار بيقظتهم كانوا في التوقيت وفي الموعد، استبسلوا في الدفاع عن المحور الجنوبي وقاتلوا الكتائب بضراوة وكبدوهم خسائر فادحة، وبعد تقريبا أكثر من ساعتين تدخلت قوات الشرعية الدولية عندما رأت أن هناك دبابات دخلت إلى المعركة إضافة إلى الصواريخ والمدفعية، فتدخلت قوات الشرعية الدولية، وقامت بقصف هذه الآليات التي شكلت خطرا على ثوارنا، وطبعا بفتح المحور الجنوبي سيكون هناك طريق مفتوح لمدينة إجدابيا، وبالتالي، تدخلت قوات التحالف للتأكيد على أنها جاءت للدفاع أو لتنفيذ القرار 1953، الذي يقضي بحماية السكان المدنيين.

* لكن رئيس الحكومة الليبية تكلم أول من أمس عن استعادة بئر الغنم مرة ثانية؟

- ثوارنا وصلوا إلى مرحلة من النضج التكتيكي بما يمكنهم من الدخول والخروج إلى ومن أي نقطة يريدونها بكل يسر وسهولة، والدليل على ذلك هو دخولهم مدن الجبل الغربي بكل يسر وسهولة يلتقطون تلك المدن مدينة تلو أخرى بطريقة أسهل من التقاطك أنت شخصيا مفتاح سيارتك أو قلمك الموجود على المكتب، ودخولنا لبئر الغنم، وهى في يد ثوار «17 فبراير»، ولا نريد أن نتحدث عن بئر الغنم الآن لانتهاء موضوعها، وبعدها هناك الطريق الذي يصل إلى مدينة الزاوية، أو الطريق الساحلي بالأحرى، الذي يبعد نحو 60 كيلومترا عن طريق بئر الغنم، ونحن نقف على بعد 20 كيلومترا من الطريق الساحلي في نقطتين مهمتين جدا، أما بالنسبة لبئر الغنم، فانتهاء موضوعها بأنها حرة وفي يد ثوار «17 فبراير»، ومن يقول، أو بالأحرى طرابلس تقول، إنها استعادت بئر الغنم، فهذا غير ممكن لأن ثوارنا عندما يدخلون إلى مدينة من المستحيل الخروج منها لأنهم يدافعون عنها بضراوة واستبسال، ومن خلال كل الجولات منذ شهر فبراير (شباط) الماضي وحتى الآن، لم تستطع قوات الطاغية استعادة أي مدينة دخلها وسيطر عليها الثوار بكل ما في الكلمة من معان، وبالتالي، نقول إن ما تقوله حكومة القذافي هو محض افتراء، والدليل على ذلك أنه لا يسمح لأي وسيلة إعلام غير وسائله الخاصة بالدخول إلى هذه المدن.

* إذن، هل باتت معركة طرابلس وسرت وشيكة؟

- نعم، أستطيع القول إن سقوط بئر الغنم يعني بداية الطريق إلى مدينة طرابلس، لأنك تعرف أنك حين تصل إلى مدينة الزاوية التي تبعد 60 كيلومترا من بئر الغنم، معناه أنك وصلت إلى الساحل، ومن عند الزاوية تصل إلى طرابلس عبر 40 كيلومترا. ممكن في لغة العمليات العسكرية تنهيها بالقوة الموجودة عند الثوار أو قوة العزيمة بالأحرى، والاستبسال، والموضوع هذا ممكن لا يستغرق أكثر من نصف ساعة، رغم وجود القوة الكبيرة التي ستقابل قواتنا أو ثوارنا.. وبالتالي، نقول إن معركة سقوط، أو بالأحرى تحرير طرابلس، قد بدأت، لأن طرابلس ستبقى شامخة، ومن سيسقط هو الطاغية وأزلامه.

* هل نتكلم عن توقيت وشيك؟

- هذا موضوع يتعلق بالغيبيات التي يعلمها الله عز وجل، لكن من الناحية المنطقية الأمر يخضع لحسابات عسكرية.

* هذه الإجابة نفسها لقائدكم الراحل اللواء عبد الفتاح يونس؟

- طبعا، لن نفقد إيماننا بالله، لكن الحسابات العسكرية معقدة.. معركة تحرير طرابلس تبدأ من سقوط بئر الغنم، وبوصول ثوارنا إلى الطريق الساحلي والزاوية، يصبح متاحا لنا الزحف على طرابلس من ناحية الغرب والجنوب الغربي أيضا، وبالتالي، الثوار داخل المدينة والسكان ينتفضون ضد النظام.. أعتقد أن بعدها سيصبح للموضوع شكل آخر، لأنه حتى وجود ثوارنا على الطريق الساحلي يعنى إغلاق طريق الإمدادات المقبلة من تونس، وبالتالي يصعب الأمر على نظام الطاغية. وفى جهة الشرق موجودة قوات مصراتة وزليتن، وجهة الجنوب الشرقي الكل تحرك أيضا، وهكذا لا يبقى هناك أي ملاذ أو مهرب آخر لهذا النظام حتى يطبق عليه الثوار من كل مكان، وستتحرر طرابلس بهذه الطريقة. طبعا سيكون الوضع مأسويا بالنسبة للطاغية، وستقع مجزرة داخل طرابلس، لأن النظام فقد كل سبل وطرق النجاة.

* هل يمكن للقذافي أن يحرق طرابلس أو ينسفها بالصواريخ؟

- نعم، هو لا يملك هذه التكنولوجيا (الصواريخ) الآن مع وجود قوات التحالف الدولي التي تعمل على استهداف هذه الصواريخ ليل نهار، لكن سياسة الأرض المحروقة هذه أخلاقه، سيحاول بشتى الطرق والسبل حرق طرابلس، لأنه يعلم أن أهل طرابلس ليسوا معه، والمجموعات البسيطة التي معه لم يعد هناك ما يمكن أن يفعلوه سوى الموت.

* من أين يأتيكم السلاح؟

- نحن بعد انتفاضة بنغازي المجيدة والمنطقة الشرقية وسقوط الكتاب في المنطقة وانهيار النظام بالكامل، استولينا على الأسلحة التي تركها في المعسكرات وبها بدأنا في القتال، بمعنى أننا نقاتله بسلاحه الشخصي، بالإضافة إلى بعض الأسلحة التي قدمتها لنا فرنسا الصديقة الأولى للثورات، وهى أسلحة خفيفة.

* هل تأتيكم أسلحة من دول أخرى؟

- حقيقة، أصدقاؤنا في العالم الحر لم يقصروا ولم يبخلوا.

* لكن الناتو ضد تسليح الثوار؟

- حلف الناتو يطبق قرار مجلس الأمن رقم «1973» الذي لا ينص على تسليح الثوار؛ بل ينص على حماية المدنيين بكل الطرق المتاحة والممكنة، وبالتالي لا نص صريحا على تسليح الثوار، لكن كلمة حماية المدنيين مطاطية ويمكن استخدمها في هذا الإطار.

* مما يتكون جيش الثوار؟

- يتكون بطبيعة الحال من ضباط الجيش الشرفاء والأحرار الذين انشقوا عن نظام القذافي في البداية، وأيضا عناصر الأمن المركزي، وهناك أطباء وحاملو دكتوراه وماجستير وأعضاء نيابة ومحامون ومن العامة ومن لم يدخل مدرسة في حياته.. هذا خليط ونسيج عام وطني للشعب الليبي بكل أطيافه ومستوياته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

* هل ما زال القذافي يحتفظ بقواته العسكرية بعد كل ما حدث؟

- الطاغية يملك من النقود الكثير، وهو يستغل الجوع في أفريقيا ويستغل سذاجة هؤلاء وحاجتهم للمادة، وما زالت هناك بعض الحكومات العميلة والمعادية للحرية والديمقراطية، ونحن نعتبرهم أعداء للشعب الليبي، تزوده بالعتاد والرجال.

* هل يمكن أن تسمي لنا هذه الدول أو تلك الأنظمة؟

- نحن نقول، الرئيس التشادي متورط في القصة.. لدينا أسرى من الجيش ومن الحرس الجمهوري التشادي، وهناك أسرى أيضا من مالي وموريتانيا والنيجر وللأسف الجزائر، لا أحد يمكنه أن ينكر هذا. أنا شخصيا تحدثت إلى أحد الأسرى الجزائريين.. صحيح هو أنكر علاقته بالجيش الجزائري، لكنه دخل من الحدود الجزائرية، والكل يعلم أن الجزائر تفتح حدودها للمرتزقة، وكذلك تشاد والنيجر القصة نفسها. لا داعي لأن نضع رؤوسنا في الرمل. العالم كله يعرف من يدعم الطاغية، ونحن أيضا.

* هل لديكم مقاتلون عرب أو أجانب كمتطوعين في صفوف الثوار؟

- لو وضعنا هذا النقاش في الموضوع، لكنا وافقنا على إنزال قوات برية من حلف الناتو ولأنهينا الصراع في أقل من أسبوعين، لكننا رفضنا أي وجود لمقاتل أجنبي على أراضينا، لأنها حريتنا نحن، ونحن من يجب أن يدفع الثمن، لأننا نريد أن نستمتع بحريتنا. إذا لم ندفع ثمنها لن نستمتع بها، ولن نحافظ عليها، وبالتالي، نحن نرفض أي وجود أجنبي، من يرد أن يقاتل معنا، أو يساعدنا، فليعطنا السلاح وليجلس بعيدا مشكورا. ولا نريد أن تصبح ليبيا ذكرى أو قصة حزينة لدى الآخرين أو في ذاكرتهم، ونملك من الجرأة والشجاعة والبسالة ما يكفي لتحرير ليبيا.

* هل تجاوز جيش الثوار هزة اغتيال قائده الراحل عبد الفتاح يونس؟

- نعم، لأن الفريق الشهيد أعطانا درسا مفاده أن لا أحد فوق القانون، والدليل على ذلك، أنه هو امتثل للإجراءات القانونية دون نقاش ودون أن يقول أنا رئيس الأركان أو أنا فوق القانون. والوصية الثانية وإن لم تكن غير موجودة، هي لا فتنة في الجيش الليبي.. الكل يجب عليه التركيز على التخلص من هذا النظام، كل الليبيين استاءوا من الطريقة التي تم بها اغتيال يونس، لكن هذه هي الأقدار. (الرئيس الأميركي الأسبق) جون كنيدي قتل وسط حراسه، والرئيس المصري الراحل أنور السادات قتل يوم مجده. لكن مع ذلك تماسك الناس وسارت الأمور. نحن إذن وبعد استشهاد يونس، يحتم علينا الموقف التعاضد والترابط. الكل يقاتل بشراسة وضراوة، والدليل على ذلك ما حدث في زليتن والجبل الغربي، وكان رد قواتنا حاسما وحازما، وفى البريقة هناك تقدم ملحوظ على الأرض، دخلت قواتنا إلى هناك وخرجت لأنه لم يحن الوقت لكي تحتلها، ولهذا نقول إن وفاة يونس ودماءه كانت هي الوقود الذي زاد الثورة اشتعالا.

*ما رسالتك للعالم العربي والغربي؟

- نقول إننا نتمنى أن يسكن الجوع للحرية وللكرامة وللديمقراطية الذي يسكن نفوس الليبيين، نفوس العالم العربي والعالم بكامله.

* وماذا تقول لليبيين في العاصمة طرابلس؟

- أقول لأهلنا في طرابلس: عليكم به، فنحن لجأنا للحوار في مدينة بنغازي.. نريد أن يكون ختامها مسكا في طرابلس، لأنكم رجال تملكون الشجاعة والجرأة لأن تصبحوا على يوم أفضل.