بعد 23 عاما على نهايتها.. تداعيات الحرب العراقية ـ الإيرانية ما زالت قائمة

الباجه جي لـ «الشرق الأوسط»: طهران تتحمل مسؤولية إطالة أمد الحرب

TT

بلا ضجيج إعلامي رسمي عراقي، مرت أمس الذكرى الـ23 لنهاية الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988) تلك الحرب التي حملت أسماء شتى، إذ أطلق عليها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين اسم «القادسية الثانية» لتتحول فيما بعد إلى «قادسية صدام»، بينما سماها مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله الخميني «الدفاع المقدس» وسميت دوليا بـ«حرب الخليج الأولى».

وفي الثامن من أغسطس (آب) عام 1988 خرج ملايين العراقيين إلى الشوارع محتفلين بوقف حرب أحرقت الأخضر واليابس مثلما يقولون، راح ضحيتها وحسب البيانات الرسمية العراقية ما يقرب من 300 ألف شخص، وحسب البيانات الرسمية الإيرانية 330 ألفا، بينما تؤكد إحصائيات غير رسمية أن الخسائر في الأرواح بين الطرفين تزيد على المليون، ناهيك عن المئات من مليارات الدولارات التي ذهبت كخسائر مادية.

وإذا كان العراقيون قد خرجوا محتفلين عندما وضعت أطول حرب في العصر الحديث أوزارها، منتشين بفرحة النصر يغنون ويرقصون ويتراشقون المياه فيما بينهم بالشوارع، فإن الإيرانيين كانوا قد شعروا بخيبة الخسارة وقتذاك، إذ قال الخميني عندما وافق على وقف إطلاق النار «لقد تجرعت كأس السم».

لكن الدكتور عدنان الباجه جي وزير خارجية العراق الأسبق وكان ممثلا لبلده في الأمم المتحدة لسنوات طويلة، يعتبر أن «الإيرانيين هم الذين انتصروا فيما بعد حيث أبيدت القوة العسكرية العراقية بسبب مغامرة صدام حسين في غزوه للكويت، ومن ثم الاحتلال الأميركي عام 2003». ويحمل الباجه جي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس «الجانب الإيراني مسؤولية استمرار الحرب وإطالة أمدها كون العراق أعلن بعد عامين من بداية الحرب وقف إطلاق النار من جانب واحد ووافق على إنهاء الحرب لكن إيران رفضت وعليه فهي مسؤولة عن جميع الخسائر البشرية والمادية لإطالة عمر الحرب ست سنوات»، مشيرا إلى أن «العراق كان قد لقي دعما عربيا، خليجيا خاصة، ودوليا للصمود بهذه الحرب وأنا شخصيا كنت أتمنى أن ينتصر العراق كونه بلدي ولأنني قومي عربي».

وأشار الباجه جي إلى أن «العراق كان قد انتصر عسكريا وقتذاك، لكن في النتيجة تعتبر إيران اليوم هي المنتصرة إذ تدخلت بشكل كبير في الشأن العراقي وتعمل على أن يكون جنوب العراق تابعا لها للسيطرة على منابع البترول هناك، كما أن الحكومة العراقية الحالية مؤيدة لإيران»، وقال «إن المستفيد الأكبر من تدهور أوضاع الجيش العراقي والقضاء على القوة العسكرية العراقية هي إيران وإسرائيل، إذ ليس هناك من يقف بوجه النفوذ الإيراني ولا من رادع لسياسة إسرائيل في المنطقة».

من جهته، اعتبر الكاتب السياسي أمير الحلو أن «أبرز الملفات التي أشعلت فتيل الحرب العراقية - الإيرانية ما زالت قائمة وأبرزها مسألة ترسيم الحدود بين البلدين وعراقية شط العرب وملفات الأسرى والمفقودين والتعويضات». وقال الحلو لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس، إن «أبرز سبب حفز صدام حسين لدخول الحرب ضد إيران هو من أجل إلغاء اتفاقية الجزائر التي أبرمت بين شاه إيران وصدام حسين عام 1975 برعاية الرئيس الجزائري هواري بومدين والتي تنازل العراق بموجبها عن نصف حقه في شط العرب»، مشيرا إلى أن «صدام حسين اعتبر الاتفاقية ملغاة بعد دخول القوات العراقية إلى مدينة المحمرة وعودة شط العرب عراقيا، وحتى اليوم لم يتم حسم هذا الموضوع، بل إن إيران هي المستفيد الأكبر من هذا الوضع، ولا يزال ملف ترسيم الحدود البرية والمائية غير محسوم».

وأضاف الحلو، الذي كان ضابط احتياط مجندا في الجيش العراقي برتبة رائد خلال سنوات الحرب العراقية - الإيرانية وشغل رئاسة تحرير صحيفة القوات المسلحة «القادسية»، قائلا «من الملفات التي لم يتم غلقها منذ الحرب التي توقف إطلاق النار فيها منذ 23 سنة هي ملف الأسرى والمفقودين حيث لا تتوفر أية قوائم رسمية بأسمائهم، وبين فترة وأخرى يتم العثور على مقابر جماعية لضحايا من كلا الطرفين»، منبها إلى أن «من أهم الملفات العالقة وأكثرها تعقيدا هي قضية التعويضات ومن بدأ الحرب، ففي حين تتمسك إيران بقرار لمجلس الأمن يعتبر العراق هو من بدأ الحرب وتطالب بتعويضات تصل إلى 200 مليار دولار، فإن العراق يطالب بتعويضات عن طائراته المدنية والعسكرية التي أمنها العراق لدى طهران قبيل بدء حرب الخليج الثانية في 1991 لتحرير الكويت».

وأكد الحلو أن «واحدة من أبرز النقاط التي أثارها صدام حسين وقتذاك هي التدخل الإيراني في الشأن العراقي من خلال رجال الدين الشيعة، واليوم تتدخل إيران وبقوة في كل تفاصيل الشأن العراقي، بل وتشن حرب مياه قاسية ذلك بقطعها مجرى ثلاثة أنهر ومحاولة شل نهر شط العرب وجعل مياهه غير صالحة للشرب».