هبوط صعب لمروحية للناتو.. بعد تحطم «شينوك» ومقتل 22 من «وحدة بن لادن»

القوات الخاصة عنصر حاسم في استراتيجية الحرب الأميركية في أفغانستان

متظاهرون أفغان في ولاية غزني ضد القوات الأميركية احتجاجا على قتل مدنيين، أمس (أ.ب)
TT

أعلن الناتو أمس، أن مروحية عسكرية تابعة له قامت بعملية «هبوط صعب» جنوب شرقي أفغانستان، وذلك بعد يومين من سقوط 38 قتيلا بينهم 22 من وحدة القوات الخاصة «سيلز» التي قتلت أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» مايو (أيار) الماضي، بتحطم مروحية أخرى من طراز «شينوك»، وتبنت حركة طالبان إسقاطها.

وسارع الناتو للإشارة بأن موقع هبوط المروحية المخصصة للنقل، في إقليم «باكتيكا» «لم يشهد أنشطة للأعداء، وبحسب ما أشارت تقارير مبدئية»، كما «لم يسفر عن وقوع أي إصابات». وجاء الحادث بعد تحطم مروحية «شينوك» تابعة للناتو ومقتل 38 شخصا كانوا على متنها، من ضمنهم 31 جنديا أميركيا - 22 منهم من نخبة القوات الخاصة المسماة «سيلز»، السبت الماضي.

وقال الناطق باسم «الناتو» الجنرال كارستن جاكوبسن، إن موقع الحادث في إقليم «وارداك» تم تطويقه ريثما تتواصل جهود عمليات انتشال الحطام، فيما بدأ الحلف الأطلسي تحقيقا في الحادثة.

وصرح جاكوبسن لحشد من الصحافيين في العاصمة الأفغانية، كابل: «المتمردون أبعد ما يكونون عن الانتصار»، نافيا أنباء رائجة باحتمال اقتناء طالبان لأسلحة حديثة ساعدت في إسقاط الطائرة.

وفي هذا الإطار، تعهدت الولايات المتحدة «بمواصلة المهمة» في أفغانستان رغم العملية. وقال وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، في بيان له، إن «شجاعتهم (الجنود) كانت مضرب المثل، وكذلك تصميمهم على جعل العالم مكانا أكثر أمانا لبلادهم ولمواطنيهم». وأضاف: «سنكمل المشوار لننهي هذه المهمة التي بذل من أجلها هؤلاء وجميع من خدموا وفقدوا حياتهم في أفغانستان أغلى التضحيات».

إلى ذلك قالت مصادر في البنتاغون إن العملية العسكرية ضد طالبان التي أدت إلى إسقاط طائرة هليكوبتر «شينوك» يوم السبت، ما هي إلا واحدة من عمليات عسكرية أسبوعية ضد طالبان. وإن البنتاغون يتعمد عدم إعلان هذه العمليات الأسبوعية، أو تفاصيلها، خاصة عندما تشترك فيها القوات الخاصة المعروفة باسم «سيلز».

وكان سقوط «شينوك» يوم السبت أدى إلى قتل 30 عسكريا أميركيا، منهم 22 من فرقة «سيلز» الخاصة. وهذه هي الفرقة التي كانت، قبل ثلاثة شهور، دخلت باكستان، وقتلت أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة.

وقالت مصادر البنتاغون إن عمليات القوات الخاصة في أفغانستان تستهدف الذين يشنون هجمات على قوافل الإغاثة الأجنبية على طول طريق سريع يربط كابل مع باكستان.

وقال مراقبون في واشنطن إن القوات الخاصة ظلت عنصرا حاسما في استراتيجية الحرب الأميركية في أفغانستان. وخاصة في تنفيذ عمليات المواقع النائية التي غالبا ما تكون صعبة بالنسبة للقوات البرية. وأن وادي تانجي (في مقاطعة ورداك)، حيث وقع الحادث يوم السبت، من هذه المناطق النائية، والتي كانت انسحبت القوات الأميركية منها مؤخرا.

وقال المراقبون إن مثل هذه العلميات الخاصة لا شك سوف تصبح أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة عندما تبدأ سحب قواتها في الشهور القادمة. وإنها تعتبر حاسمة ليس فقط من جانب الأميركيين وبقية الوحدات الأجنبية هناك، ولكن، أيضا، بالنسبة للعسكريين الأفغان الذين يفتقرون إلى قوات جوية خاصة بهم. ولهذا، غالبا ما يجدون أنفسهم يعتمدون على الدعم الجوي للولايات المتحدة، ولقوات منظمة حلف شمال الأطلسي.

وقالت مجلة «نيويوركر» الأميركية الأسبوعية، على لسان مسؤول عسكري أميركي، إنه من غير المحتمل أن تحطم طائرة «شينوك» يوم السبت سوف يهدد الثقة الأميركية أو الأفغانية في التفوق الجوي الغربي بالنسبة لمقاتلي طالبان. وإنه، خلال السنوات القليلة الماضية، قامت قوات «العمليات الخاصة» بأكثر من 2000 غارة، وإن الغالبية العظمى منها لم تسفر عن إصابات في صفوف القوات الأميركية أو الأفغانية.

وقال مراقبون في واشنطن إن مسؤولين في البنتاغون كانوا أعلنوا تفاصيل عملية يوم السبت، وقالوا إن الطائرة «كانت تشترك في مهمة ليلية لقتل أو اعتقال متمردين اثنين رفيعي المستوى» في طالبان. وإنهما كانا يقودان عمليات وضع متفجرات على جانب الطريق لنسف القوافل الأميركية. وحدث الهجوم على الطائرة قرب الحدود الأفغانية مع باكستان. وكانت القوات المشتركة في العملية وصلت إلى وادي تانغي (في منطقة نائية من مقاطعة وارداك) في نحو الساعة الثانية صباح يوم السبت. وسبقتها، كما قال مسؤول أميركي «جهود جمع معلومات استخبارية منذ شهور».

وقال المسؤول إن الطائرة كانت قرب الموقع المستهدف عندما أطلق مسلحون «قنبلة صاروخية» عليها. وبينما كانت حركة طالبان أعلنت أنها تتحمل المسؤولية عن الهجوم، اكتفى المسؤول الأميركي بالقول إن «العدو كانت له نشاطات في المنطقة». وأضاف أنه يمكن أن تمر أسابيع قبل أن يقدر المحققون على حسم أسباب سقوط الطائرة.

وقال المسؤول إنه بعد وقت قصير من الحادث، تمكن جنود من طائرة هليكوبتر ثانية من النزول على الأرض بأمان. ثم اشتركوا مع المتمردين في تبادل إطلاق النار. وإن القوات الأميركية استطاعت قتل ثمانية منهم. ثم حاولت استرداد جثث الأميركيين والأفغان، وبقايا طائرة «شينوك». وإنهم، بعد عدة ساعات، غادروا المكان دون أن يلحق بهم أذى. ويبدو من هذه التصريحات أن القتلى والجرحى نقلوا، وأيضا الأجزاء الحساسة في الطائرة، وتركت بقية الطائرة على الأرض. وأضاف المسؤول أن الجنود يتبعون الفرقة السادسة من قوات «سيلز». وفيها نحو ثلاثمائة عسكري. وقال: «فقدان هذا العدد لن يكون له أثر كبير على قدرة الجيش الأميركي على تسديد ضربات قاتلة على مسؤولي طالبان». وأضاف أن هذه الضربات تكثفت خلال السنة الأخيرة.

وقال أحد المسؤولين السابقين الذين عملوا مع قوات العمليات الخاصة، وتحدث شريطة عدم ذكر اسمه أو وظيفته: «هذا سوف يضر من الناحية العاطفية أكثر من الناحية العملية». وأضاف: «لكن، قدرة هؤلاء الناس هائلة، ووحداتهم قوية». وأضاف أن الأثر المحتمل الأكبر للهجوم سيكون على الرأي العام الأميركي، والذي ازداد قلقه مؤخرا بسبب تكاليف الحرب الكبيرة في وقت ارتفاع الدين الحكومي، وفي وقت استمرار العجز في الميزانية السنوية التي تعلنها وزارة الخزانة.