اندلاع مزيد من أعمال العنف والشغب في لندن.. والشرطة تعتقل أكثر من 200

وزيرة الداخلية البريطانية تقطع إجازتها وتعود إلى لندن > سياسيون: مجرمون وبلطجية وليس أناس ذوو مطالب حقيقية استغلوا الموقف

بقايا حافلة من طابقين احترقت في أحد شوارع توتنهام (شمال لندن)، بعد أحداث الشغب. (أ.ف.ب)
TT

بدأت شرطة لندن «تحقيقا واسعا» في أسوأ أعمال شغب تشهدها المدينة منذ سنوات، بعد مقتل أحد السكان في إطلاق الشرطة للنار، مما أدى إلى أعمال عنف استمرت حتى الساعات الأولى من صباح الاثنين.

وقد قطعت تيريزا مي، وزيرة الداخلية البريطانية، إجازتها وعادت إلى لندن، إثر تجدد أعمال العنف. ومن المتوقع أن تجتمع السيدة مي بكبار رجال الشرطة. وتقول مي إنها كانت على اتصال منتظم مع قوى الأمن في العاصمة لمتابعة تطورات الموقف من سويسرا حيث كانت تقضي إجازتها السنوية.

كما أظهرت لقطات تلفزيونية حية محتجين يلقون صناديق القمامة وعربات التسوق الصغيرة على أفراد الشرطة. وتصدت لهم قوات الشرطة المزودة بالدروع لدى محاولتهم إغلاق منطقة حول محطة هاكني سنترال.

فقد قال مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية إن الآلاف نهبوا متجرا ضخما للأجهزة الكهربائية بمنطقة بريكستون في الساعات الأولى من الاثنين، بينما رشقت مجموعات من الشباب الشرطة بمقذوفات عديدة.

وقالت الشرطة البريطانية (أسكوتلنديارد) إن عمليات نهب سجلت في عدد من المناطق في شمال العاصمة وشرقها وجنوبها، بينما ألحقت عصابة من 50 شابا أضرارا بمحال تجارية في منطقة أوكسفورد سيركس السياحية المهمة وسط العاصمة.

وأوقفت الشرطة عددا من الشبان بعدما ألحقوا أضرارا بسيارة للشرطة وحطموا نوافذ في منطقة أنفيلد شمال لندن على بعد ثلاثة أميال من توتنهام، التي شهدت انطلاق أعمال الشغب الليلة الماضية. ونشرت قوات إضافية للشرطة في الأحياء التي يمكن أن تشهد اضطرابات، بينما نقل ثلاثة شرطيين إلى المستشفى لتلقي العلاج بعد أن حاول سائق دهسهم بسيارته.

وقالت الشرطية كريستين جونز إن «هذا الوضع يشكل تحديا مع وجود جيوب صغيرة لمثيري العنف الذين يقومون بأعمال نهب ويسببون فوضى في عدد من القطاعات بالعاصمة».

وكانت الليلة الأولى لأعمال العنف شهدت إضرام النار في منازل وسيارتين للشرطة وحافلة بطابقين فضلا عن نهب محال حتى وقت متأخر ليل السبت/الأحد في توتنهام، مما أعاد إلى الأذهان صور أعمال شغب شهدتها نفس المنطقة عام 1985 وأثار المخاوف في مدينة تتأهب لاستضافة الأولمبياد العام المقبل.

وقالت الشرطة إن 26 شرطيا أصيبوا، بينما تلقى ثلاثة من الجمهور العلاج في أعقاب العنف الذي اندلع فجأة. وبحلول الأحد، غادر المصابون من الشرطة المستشفيات. وقد جرى اعتقال أكثر من 200 الليلة الماضية في لندن، وأعلنت شرطة العاصمة فتح تحقيق يشمل الاستماع إلى إفادات شهود ومراجعة ساعات من صور الكاميرات التلفزيونية التي تنتشر عادة في كافة شوارع بريطانيا، لتحديد هوية مثيري الشغب في توتنهام.

وجاء العنف بعد احتجاج على وفاة شاب في التاسعة والعشرين الخميس الماضي خلال ما يعتقد أنه كان تبادلا للرصاص مع الشرطة.

وأعرب قائد الشرطة أدريان هانستوك في بيان له عن أسفه الشديد لمقتل مارك دوغان وهو أب لأربعة أبناء، مضيفا أن تحقيقا يجري في ملابسات إطلاق النار.

وتقول صحيفة الـ«غارديان» إن اختبار الرصاص الذي أطلق خلال الحادث وفحص رصاصة استقرت في جهاز لاسلكي خاص بأحد رجال الشرطة أثناء مقتل دوغان - أظهر أن الرصاصة جاءت من الشرطة، مما يثير شكوك حول الرواية الأولى للأحداث. من جانبه، دعا شون دوغان شقيق مارك دوغان إلى التزام الهدوء.

ونقلت قناة «سكاي» التلفزيونية الإخبارية عنه القول «أعرف أن الناس تشعر بالإحباط والغضب، لكنني أناشدهم ضبط النفس. لا تحملوا أخي مسؤولية ما يجري الآن، لقد كان رجلا صالحا».

وقال العاملون بأحد متاجر سلسلة كاريز للأجهزة الكهربائية والإلكترونية في توتنهام لـ«فرانس برس» إن لصوصا توجهوا فورا إلى الغرف الأمنية وأوقفوا الكاميرات، مما يشير إلى انخراط عصابات محترفة في أعمال النهب في المنطقة.

ووصف ستيوارت رادوز، أحد سكان الحي، ما جرى لقناة «سكاي» قائلا «مني الكثيرون بخسائر أتت على ما كانوا يملكون. إنه جنون. المشهد كما لو كان يعود للحرب العالمية الثانية، كآثار قصف الطيران النازي للندن آنذاك، هكذا المشهد في المنطقة التي نعيش فيها».

وكان دوغان قد قتل حينما أوقف ضباط من وحدة خاصة لمكافحة انتشار السلاح سيارة أجرة كانت تنقله للقيام بعملية اعتقال سبق التخطيط لها.

وقالت اللجنة المستقلة لتلقي شكاوى الشرطة، التي تحقق في كافة حوادث إطلاق النار التي تتورط فيها الشرطة، إن ضباطا من وحدة ترايدنت التي تعنى بمكافحة جرائم السلاح بين السكان السود شاركت في العملية.

وقد خرجت مسيرة احتجاجا على مقتل دوغان انطلاقا من محيط برودووتر فارم حيث مجمع بنايات سكنية شعبية يعود إلى الستينات في توتنهام يسكنها الفقراء والكثير منهم من السود، وشهدت نشاطات إجرامية.

وكان الشرطي كيث بليكلوك أوسع ضربا بالعصي وطعنا بالسكاكين والنصال الطويلة حتى الموت في المبنى في 1985 في أعمال شغب كانت من الأسوأ التي تشهدها بريطانيا خلال العقود الثلاثة الماضية.

وألقى كيت مالتهاوس، نائب رئيس بلدية لندن، باللوم في العنف على عدد صغير نسبيا من المجرمين الذين يدفعهم الطمع وليس مخاوف بشأن سلوك الشرطة أو المشكلات الاجتماعية الأوسع نطاقا التي تسبب فيها تباطؤ تعافي الاقتصاد البريطاني. وقال لـ«سكاي نيوز» «هذه مجموعة صغيرة من الناس داخل مجتمعنا في لندن... يبحثون فعلا عن أشياء لسرقتها. إنهم يختارون متاجر بعينها».

وقالت كريستين جونز، وهي ضابطة في الشرطة، لـ«رويترز» إنه كانت هناك «اضطرابات متقطعة» في عدة مناطق حتى الليل، مع احتجاز أكثر من مائة شخص إلى جانب 61 اعتقلوا ليل السبت وصباح الأحد.