أعمال شغب تحيل حيا في شمال لندن إلى ساحة معركة من الحرب العالمية الثانية

سكان المنطقة: خفض الإنفاق وممارسات الشرطة وراء الأحداث

TT

مركز شرطة مدمر وحافلة من طابقين أضرمت فيها النيران ومحال منهوبة وأبنية أتت عليها ألسنة اللهب، هكذا صار المشهد في منطقة توتنهام بشمال لندن أشبه بساحة معركة في أعقاب أعمال شغب شهدتها المنطقة.

يقول ستيوارت رادوز، أحد سكان الحي «مني الكثيرون بخسارة أتت على ما كانوا يملكون. إنه جنون، فالمشهد كما لو كان يعود للحرب العالمية الثانية، كآثار قصف الطيران النازي للندن آنذاك، هكذا المشهد في المنطقة التي نعيش فيها».

وقد أتت النيران على العديد من المحال والمنازل في الشارع الرئيسي بالمنطقة المتعددة الخلفيات والأعراق، حتى لم يبق سوى الجدران بالطوب الأحمر.

وواصل رجال الإطفاء، متسلحين بخراطيم المياه، إخماد ما تبقى من النيران بعد ظهر الأحد بعد ساعات على استعادة الهدوء.

وفي الشوارع القريبة التي غطتها قطع الحجارة فضلا عن تناثر شظايا الزجاج، احتشدت أعداد ضخمة من رجال الشرطة في مشهد مناقض للفوضى التي سادت خلال الليل والتي كانت بين الأسوأ التي تعيشها لندن منذ سنوات.

وتشهد السيارات المحروقة وحاويات القمامة المقلوبة على ما دار خلال أعمال الشغب ليلا. وتقول نادين نايت، 24 عاما «أشعر بالغضب لما حدث، إذ لا أعرف من فعل هذا، لا أعرف إن كان الفاعلون من أهالي المنطقة أم أتوا من خارجها».

ويضيف كريستيان ماكاني البالغ الثانية والعشرين من عمره «ما السبب في هذا؟ إنهم لا يفكرون، فما حدث لن يحقق شيئا».

غير أن بعض السكان كانوا أكثر تعاطفا مع مثيري الشغب الذين ثار غضبهم بعد مقتل رجل من المنطقة برصاص الشرطة الخميس.

يقول نورمان ماكينزي حارس الأمن البالغ السابعة والثلاثين لوكالة الصحافة الفرنسية «أتفهم غضبهم، ناهيك عن البطالة وخفض الإعانات الاجتماعية. لقد فاض الكيل».

وتعقب امرأة شابة من المنطقة «الناس مستاؤون ويشعرون بالسخط. أعتقد أن النظام في تداع وقد بدأنا نشهد ذلك. آن الأوان ليفيق الناس ويفعلوا شيئا».

وقد تجمع بعض المارة ممن استبد بهم الفضول خلف خطوط الشرطة لتصوير ما خلفته أعمال النهب. وعلى أرضية أحد الشوارع تجد تماثيل عرض الملابس، بينما تحطمت نوافذ العرض وانقلبت مجرات الشراء.

وفي تلك الأثناء وقفت شرطية تحرس مصرفا تمكن مثيرو الشغب من إصابة زجاجه المقوى بينما تناثرت في المكان قطع أثاث من مركز للشرطة تم إحراقه. وما زالت أصوات أجهزة الإنذار تدوي في المنطقة غير أن ضجيج مروحيات الشرطة والإعلام في أجواء المنطقة قد طغت على ضوضاء الشارع أسفلها.

وقال سكان إن الغضب إزاء زيادة معدلات البطالة وخفض الإنفاق العام تضافر مع الاستياء من الشرطة لتفجير موجة من الغضب وأعمال النهب في حي فقير بلندن.

وقال كثيرون إن مشاعر الإحباط تزايدت إزاء الوضع الاقتصادي المتردي الذي دفع الحكومة إلى خفض الإنفاق العام لكبح عجز الموازنة كما خرج الغضب عن السيطرة إزاء ما يتصوره البعض معاملة ظالمة من قبل الشرطة للأقليات العرقية.

وقال ساكن محلي عاطل يدعى سكوت ألين إنه يخشى من تفجر أعمال عنف مماثلة في مناطق أخرى من لندن. وأضاف ألين البالغ من العمر 40 عاما لـ«رويترز» «يتزايد التوتر بسبب إجراءات خفض النفقات من جانب الحكومة الائتلافية. يشعر الناس في المناطق الأكثر فقرا من لندن وفي أنحاء البلاد بأنهم سيكونون ضحايا».

وقال ألين إن المناطق الفقيرة مثل توتنهام لا ترى فوائد لها من وراء مليارات الجنيهات التي تنفق على دورة الألعاب الأولمبية. ومضى قائلا وهو يشير إلى الأضرار التي تسببت فيها أعمال الشغب «الأسابيع القلائل الأخيرة كانت كلها تنصب على دورة الألعاب الأولمبية وكيف ستغير لندن وتعطينا إرثا ضخما. حسنا هذا هو الإرث. الإرث هنا بالفعل».

وأوضح أن توتنهام تأثرت بشدة بالخفض الكبير في الإنفاق الذي أمرت بإجرائه الحكومة الائتلافية التي تشكلت قبل 15 شهرا في محاولة لموازنة أمورها. وقلصت خدمات الشباب وارتفع معدل البطالة بعد تسريح عمال القطاع العام.

وتأتي أعمال الشغب بعد تفجر أعمال العنف عدة مرات في لندن في العام المنصرم خلال مظاهرات احتجاج ضد سياسات التقشف الحكومية. وقال جاسون، وهو رجل أسود يبلغ من العمر 26 عاما ذكر اسمه الأول فقط، إن أعمال الشغب هي «صرخة استغاثة».

وأضاف «لا عمل لي ولا أمل ولا أي شيء. ثم يتساءلون لماذا تقع الجريمة»، موضحا أنه لا يعمل منذ أن انتهى من الدراسة.

وأوضح «هذا هو الجيتو.. هذه هي الأحياء المعدمة.. إنهم لا يهتمون بأمرنا. لقد أوقفتني الشرطة خارج منزلي بلا سبب.. لا توجد وظائف... إلا أنهم مع ذلك يريدون خفض الفوائد. لا سبيل أمامنا للنجاة وهم يتصرفون كأنه لا أحد منهم يهتم بنا.. هذا ظلم وقد ظلمنا كثيرا».

وقالت امرأة تدعى ديانا 28 عاما، وهي أم لطفلين من منطقة إنفيلد القريبة، إن الغضب يتزايد بين الأقليات العرقية منذ زمن طويل لأن الكثيرين يشعرون بأن الشرطة لا تتعامل معهم بطريقة عادلة.

وأضافت «بالتالي تستلب الكثير من الفرص من هؤلاء وهم من الطبقة العاملة وهذا من شأنه أن يؤثر على الأقليات العرقية».

ومضت قائلة إن أعمال النهب لا مبرر لها لكن الناس يشعرون بالاستياء ورأوا في أعمال النهب وسيلة للتنفيس عن شعورهم بالإحباط وصب جام غضبهم على منظمات كبيرة.

وفي منطقة توتنهام هيل التجارية للبيع بالتجزئة وصل أصحاب المتاجر الذين روعوا عندما شاهدوا متاجرهم التي تعرضت للتحطيم والنهب.

وتحطمت واجهات وأبواب متاجر «بي.سي وورلد آند كاريز» لبيع السلع الإلكترونية ومتاجر «أوه 2» لبيع الهواتف الجوالة ومتاجر «أرجوس وجيه دي» للملابس الرياضية.