الثوار الليبيون يضعون خطة لمرحلة ما بعد القذافي لتفادي الفوضى

أعلنوا سيطرتهم على بلدة بئر الغنم.. وزحفهم صوب طرابلس

TT

ذكرت صحيفة «تايمز» البريطانية أمس أن الثوار الليبيين وضعوا بمساعدة قوى غربية خطة لمرحلة ما بعد القذافي توصي بالإبقاء على معظم البنى التحتية القائمة لتفادي فوضى مماثلة للفوضى التي عمت العراق بعد سقوط صدام حسين.

وتقر الخطة، التي وضعها المجلس الانتقالي وحصلت عليها الصحيفة البريطانية، بأن الاحتمالات ضئيلة في الإطاحة بالقذافي، غير أنها تعول على الانقسامات الداخلية لإرغامه على التنحي.

ويعتزم الثوار الليبيون في حال إطاحة القذافي تشكيل «قوة خاصة بطرابلس» قوامها 10 إلى 15 ألف عنصر لضمان أمن العاصمة، واعتقال كبار أنصار الزعيم الليبي. كما يعتزمون، بحسب الخطة الواقعة في 70 صفحة، تشكيل قوة أمنية للحكومة الانتقالية تضم نحو خمسة آلاف شرطي. ويؤكد الثوار أنهم حصلوا حتى الآن على تأييد 800 مسؤول في الحكومة الحالية يمكن أن يشكلوا النواة لإدارة جديدة في المستقبل، بحسب الصحيفة. وتؤكد الوثيقة أنه سيتم تفعيل الاتصالات ووسائل النقل وقطاع الطاقة في غضون ساعات من انهيار النظام.

ويكشف التقرير أن المجلس الوطني الانتقالي يعول كثيرا على الانشقاقات في صفوف النظام، مما يهدد بإثارة خلافات مع الثوار الذين يطالبون بتطهير كامل للإدارة الحالية. ويتوقع الثوار انضمام نحو 70 في المائة من كبار المسؤولين في النظام الحالي إلى النظام الجديد. وأكد المجلس الوطني الانتقالي صحة التقرير، لكنه طلب من الصحيفة عدم نقل بعض النقاط الحساسة فيه التي يمكن أن تضر بالعملية الجارية.

وقال عارف علي نايد، المسؤول عن خلية التخطيط للقوة الخاصة، إنه من المهم للرأي العام أن «يعرف أن هناك مشروعا». وقال لصحيفة «تايمز» «ما حصلتم عليه نسخة أولية. نعمل الآن على تصور أشمل».

إلى ذلك، قال مراسل لـ«رويترز» داخل بلدة بئر الغنم أمس إن المعارضة الليبية سيطرت على البلدة الواقعة على بعد نحو 80 كيلومترا إلى الجنوب من العاصمة طرابلس.

وهذه البلدة الصغيرة الواقعة في الصحراء هي أقرب موقع تسيطر عليه المعارضة من طرابلس، ومن المرجح أن تعطي السيطرة عليها في مطلع الأسبوع أملا جديدا لحملة مستمرة منذ ستة أشهر للإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي.

ويتمركز مقاتلو المعارضة منذ أواخر يونيو (حزيران) الماضي على مشارف بئر الغنم غير قادرين على التقدم. وقال المقاتلون في البلدة أمس إنهم تحركوا إليها يوم السبت تحت غطاء من الطائرات الحربية التابعة لحلف شمال الأطلسي، وقالوا إن هدفهم التالي هو بلدة الزاوية المطلة على البحر المتوسط على بعد 50 كيلومترا إلى الغرب من طرابلس.

وشهدت الزاوية انتفاضتين فاشلتين على حكم القذافي منذ فبراير (شباط) الماضي، والكثير من المقاتلين في بئر الغنم من هناك، لكن عددا ممن شارك في الانتفاضتين إما أنهم قتلوا وإما سجنوا.

وقال المقاتل مراد بدة، الذي كان يجلس تحت ظلال شجرة ويدندن بأغنية عن الزاوية «هدفنا السيطرة على الزاوية. بمجرد أن نفعل ذلك يكون أمر القذافي انتهى».

والسيطرة على بئر الغنم هي أكبر انفراجة تحققها المعارضة منذ أسابيع في هذا القتال الرتيب بصورة كبيرة على ثلاث جبهات في أنحاء ليبيا، لكن ذلك وحده ليس كافيا لتقويض قبضة القذافي على السلطة. ومن الممكن أن تواجه القوة الصغيرة من مقاتلي المعارضة المقبلة من الجنوب مقاومة أعنف كثيرا بينما تقترب من العاصمة، حيث من المرجح أن تخوض القوات الحكومية معركة أكثر شراسة، ويمكن أن يعتمد القذافي على درجة ما من المساندة الشعبية.

وتسبب اقتتال وانقسامات في إعاقة تقدم القوات في مناطق أخرى، وكذلك نقص الخبرة في الحرب. وقال البغدادي علي المحمودي، رئيس الوزراء الليبي، للصحافيين في طرابلس أول من أمس إن القوات الحكومية تسيطر على بئر الغنم بعد طرد قوات المعارضة.

وقال مراسل لـ«رويترز» في وسط البلدة إنه في وقت مبكر أمس كان المؤشر الوحيد لوجود القوات الحكومية هو أسلحة تركتها القوات لدى فرارها. وكانت هناك قطعة مدفعية واحدة وثلاث دبابات محترقة من مخلفات القوات الحكومية، وإلى جانب إحدى الدبابات كانت هناك فجوة عميقة سببتها ضربة جوية فيما يبدو من حلف شمال الأطلسي.

ويأخذ مقاتلو المعارضة قسطا من الراحة في حرارة الصيف. وكان أحدهم يضمد جرحا أصيب به في ذراعه، قائلا إن شظية صاروخية هي السبب فيه. وقال مقاتل آخر يدعى سليم الشاوش، وعمره 32 عاما، إنه في المعركة التي استمرت خمس ساعات يوم السبت للسيطرة على بئر الغنم، هاجم مقاتلو المعارضة المنطقة وهم مترجلون من وراء التلال على مشارف البلدة بدعم من القصف الجوي لحلف شمال الأطلسي.

وأضاف أن خمسة من مقاتلي المعارضة قتلوا، بينهم رجل أميركي من أصل ليبي وابنه، وكانا ضمن وحدة كبيرة من الأجانب من ذوي الجذور الليبية الذين عادوا لمحاربة قوات القذافي. وقال الشاوش إن الاثنين قتلا بعد أن ضربهما صاروخ وقتلا بينما كان الأب يتشبث بابنه.

وتأمل المعارضة وحلف شمال الأطلسي أن يضطر القذافي في نهاية الأمر إلى التخلي عن السلطة إذا أبقيا الضغط عليه من خلال حرمانه من الأسلحة والوقود والأموال ومهاجمة قواته. لكن في حالة تذبذب التزام الحلف تجاه الحملة فإن ذلك ربما يتيح للقذافي الفرصة للتمسك بالسلطة.

ويشعر بعض أعضاء الحلف بالتوتر من طول فترة الحملة الليبية والتكلفة، خصوصا في وقت ظهرت فيه متاعب اقتصادية. كما أن هناك شكوكا في بعض العواصم الأوروبية بشأن ما إذا كانت قيادة المعارضة قادرة على الحفاظ على تماسك البلاد في حالة خروج القذافي من السلطة. وبرزت تلك المخاوف الشهر الماضي بعد اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس، قائد قوات المعارضة، على أيدي أفراد من قواته.

وبالنسبة للوقت الراهن على الأقل فليس هناك مؤشر على أي توقف في حملة القصف التي يشنها حلف الأطلسي. ويقول الحلف إن الهدف من الضربات الجوية هو حماية المدنيين من قوات القذافي، لكن هناك أدلة على أن الحلف ينسق هجماته مع هجمات المتمردين.

وقال المتحدث الميجور جنرال نيك بوب إن طائرات أباتشي بريطانية أقلعت أول من أمس الأحد من سفينة حربية في البحر المتوسط وأطلقت صواريخ هلفاير على عربات عسكرية في الوطية التي تضم قاعدة جوية حكومية إلى الجنوب الغربي من طرابلس.

ومما قد يزيد من الضغوط على القذافي حقيقة معاناة طرابلس من نقص الكهرباء في الأيام القليلة الماضية، والأوضاع تزداد سوءا. وناشد التلفزيون الليبي السكان أمس ترشيد الكهرباء من خلال إغلاق أجهزة مكيفات الهواء في المساجد والمكاتب عندما لا تكون مستخدمة. وبسبب انقطاع الكهرباء لا يوجد لدى الكثير من السكان مكيفات هواء خلال أوج الصيف أو مبردات بينما يستعدون للإفطار في رمضان.