باريس ترفض التعليق على إقالة المكتب التنفيذي وتعتبره شأنا «سياديا»

المجلس الانتقالي يطالب ألمانيا بالإفراج عن طائرات وودائع

TT

التزمت باريس، رسميا، الصمت إزاء الخضات التي تعتمل المجلس الوطني الليبي المؤقت، الأمر الذي تمثل بقرار المجلس المفاجئ إقالة المكتب التنفيذي الذي يلعب دور الحكومة.

وعلى الرغم من السؤال الموجه إليها، فقد امتنعت الخارجية الفرنسية عن التعليق، مكتفية بالقول إن قرار المجلس «سيادي»، مما يعني امتناعها عن التدخل في شؤونه الداخلية. وتمنت الناطقة باسم الخارجية، كريستين فاج، أن يتم «سريعا»، تعيين مكتب جديد، على أن يعمل على تنفيذ «خريطة الطريق» السياسية التي قدمها المجلس السابق إلى مجموعة الاتصال في اجتماعها الأخير.

وحرصت باريس على التعبير عن «ثقتها» بالمجلس المؤقت، الذي كانت أول من اعترف به سلطة شرعية تمثل ليبيا. وإلى جانب الدعم السياسي والعسكري الذي توفره له، فقد قررت باريس، مؤخرا، منحه مبلغ 259 مليون دولار، مأخوذة من الودائع الليبية المجمدة في فرنسا، عملا بالقرارات الدولية، وذلك من أجل تمكين المجلس من مواجهة استحقاقاته المادية ودفع رواتب العسكريين والمدنيين ودعم حركة الانتفاضة على نظام العقيد القذافي.

بموازاة ذلك، كشفت باريس عن أن الاتحاد الأوروبي أقر سلة عقوبات جديدة (خامسة) بحق مسؤولين وشركات على اتصال بنظام القذافي. وتتناول العقوبات الجديدة، التي تظهر «عزم الأسرة الدولية على عزل النظام (الليبي) وتجفيف موارده المالية»، شركتين إضافيتين، هما: شركة «الصحارى النفطية» و«هيئة تطوير المراكز الإدارية الليبية». وبذلك تكون العقوبات الأوروبية تطال 42 شخصا و49 شركة وهيئة ليبية. ويكمل التدبير الجديد العقوبات التي اتخذت تباعا بحق القذافي والمقربين منه ومسؤولين كبارا في الدولة الليبية، منذ ما قبل بداية العمليات العسكرية الدولية ضد ليبيا في 19 مارس (آذار) الماضي.

ومن الناحية العملية، سيتعين على الدول الأوروبية تجميد ودائع الشركتين في المصارف والمؤسسات المالية الأوروبية وفي فروعها، ومنع التعاملات معها، خصوصا دفع الفواتير المستحقة لها، الأمر الذي يحرم النظام الليبي، آليا، من العائدات النفطية المرتبطة بشركة «الصحارى». ومع التدبير الجديد، يكون كامل القطاع النفطي الليبي قد أغلق بوجه النظام، بعدما فُرضت قيود على شركة النفط الليبية وعلى المرافق والمرافئ وشركة النقل الجوي وخلافه.

تأتي هذه التدابير في وقت تراجعت فيه الآمال التي كانت معقودة على التخلص سريعا من العقيد القذافي. وجاء اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس، الذي ما زال غامضا، والتخبط الذي يضرب المجلس المؤقت، وغياب أي تقدم ميداني حاسم، بعد 5 أشهر من عمليات الأطلسي فوق ليبيا، لتطرح أسئلة أساسية حول مصير الحرب وكيفية الانتهاء منها. وسبق لرئيس أركان القوات الأميركية، الأميرال مايكل مولن، أن أربك الغربيين والليبيين على السواء، بقوله إن الخيار العسكري في ليبيا في «طريق مسدود»، الأمر الذي دفع وزير الخارجية، ألان جوبيه، إلى نفي أن تكون القوات الأطلسية والحليفة لها «تراوح» مكانها. وجاءت إقالة المكتب التنفيذي لتنم، وفق مراقبين فرنسيين، عن وجود «أزمة» داخل المجلس الانتقالي حول كيفية متابعة الثورة ودفعها إلى الأمام.

بموازاة ذلك، طالب المجلس الانتقالي الليبي ألمانيا بتسليمه طائرات مصادرة للقذافي، بهدف استخدامها في أغراض إنسانية، كما طالبها بالإفراج عن أرصدة القذافي لصالح الثوار الليبيين.

جاء ذلك في مقابلة صحافية أجرتها وكالة الأنباء الألمانية مع «سفير» المجلس في العاصمة الفرنسية، منصور سيف النصر، الذي تسلم مهامه في باريس منذ نحو 15 يوما.

وذكر سيف النصر أن المجلس الانتقالي الليبي راضٍ «الآن» عن موقف ألمانيا إزاء النزاع الليبي، وذلك بعد الاستياء الذي أثاره امتناع ألمانيا عن التصويت في مجلس الأمن على قرار فرض حظر جوي على ليبيا. ورفضت برلين المشاركة في العمليات العسكرية في ليبيا، على الرغم من كونها عضوا في الحلف الأطلسي.

وقال سيف النصر: «بإمكان ألمانيا الإفراج عن أرصدة القذافي المصادرة، ولدينا أيضا طائرات في ألمانيا تخص الشعب الليبي، وننتظر أن تفرج عنها ألمانيا (لاستخدامها) للمساعدة الإنسانية».

ووفقا لبيانات الخارجية الألمانية، توجد حاليا 3 طائرات تابعة لشركة الطيران الليبية الرسمية في ألمانيا تحت الصيانة. وتتعامل ألمانيا مع الطائرات مثلما تعاملت مع أرصدة القذافي التي تم تجميدها في الحسابات الألمانية. ووفقا للبيانات الألمانية، تقدر أرصدة القذافي في ألمانيا بأكثر من 7 مليارات يورو. وكشف سيف النصر عن تعيين ممثل دبلوماسي للمجلس في برلين سيتسلم مهامه الرسمية خلال أيام قليلة.

تجدر الإشارة إلى أن سيف النصر هو أول مبعوث خارجي للمجلس الانتقالي الليبي.

من ناحية أخرى، أعرب سيف النصر عن تفاؤله إزاء طرد القذافي قريبا من العاصمة طرابلس. ووفقا لتقديراته، فإن القذافي لن يصمد طويلا على الرغم من استعانته بالمرتزقة وترسانات الأسلحة. وقال: «اليوم نقف على بعد نحو 60 إلى 80 كيلومترا من طرابلس؛ فالجبهة تتقدم، ولن يستغرق الأمر طويلا حتى يسقط القذافي، فلم يعد لديه سند».

وأشار السفير الليبي إلى عمليات تخريب في طرابلس موجهة ضد مركبات وشخصيات بارزة من محيط القذافي. ورفض سيف النصر أي حل سلمي لليبيا مع القذافي بقوله: «على القذافي وأبنائه أن يرحلوا، لم يعد هناك مكان للقذافي»، مضيفا أنه «بمجرد أن نحصل على طرابلس، سيكون هناك مجلس تشريعي وانتخابات، وسأعود إلى موطني الذي غادرته قبل نحو 40 عاما».