كاميرون يعد باستعادة الشوارع من الغوغاء.. ويأمر بنشر 16 ألف شرطي

سقوط أول قتيل.. وأكثر من 650 معتقلا.. والشرطة تبحث استخدام الرصاص البلاستيكي لأول مرة

TT

استدعى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون البرلمان من عطلته الصيفية أمس وأمر بنشر الآلاف من قوات الشرطة في شوارع بريطانيا التي تشهد أسوأ موجة من أعمال الشغب منذ عقود أدت إلى اشتعال النيران في أنحاء من لندن وغيرها من المدن البريطانية.

وحصدت الفوضى أول ضحية لها، إذ قتل رجل بالرصاص خلال عمليات النهب التي شهدتها مناطق في جنوب لندن، وتعهد كاميرون بفعل «ما يلزم لاستعادة النظام في الشوارع» بعد ثلاث ليال من أعمال العنف. وقطع رئيس الوزراء عطلته التي كان يمضيها في إيطاليا عائدا إلى بريطانيا ليعقد اجتماعا طارئا يتناول أعمال الشغب التي شجبها، واصفا إياها «بالمشاهد التي تدعو إلى الاشمئزاز».

وبدأت الشرطة بث صور التقطت عبر الكاميرات التلفزيونية التي تنتشر في كافة شوارع البلاد ومدنها، أظهرت لصوصا يعمدون إلى السلب، الكثيرون منهم دون العشرين من أعمارهم، في الوقت الذي اعتقلت فيه الشرطة المئات في لندن خلال الأيام الثلاثة الماضية، حسبما صرحت اسكوتلنديارد.

وحذر كاميرون مثيري الشغب بقوله «سنواجهكم بكل قوة القانون. وإذا كنتم راشدين لدرجة تمكنكم من ارتكاب هذه الجرائم، فأنتم راشدون لدرجة تجعلكم تواجهون العقاب». وقال إنه تم إلغاء كافة إجازات الشرطة ووعد بنشر 16 ألف شرطي وشرطية في شوارع العاصمة بدءا من الليلة الماضية، مقارنة بستة آلاف تم نشرهم بدءا من مساء الاثنين.

وقد اجتاحت أعمال شغب مناطق مختلفة من لندن وغيرها من المدن الإنجليزية شملت برمنغهام وليفربول الاثنين، في الليلة الثالثة تباعا لأعمال العنف التي بدأت في منطقة توتنهام بشمال لندن السبت بعد إطلاق الشرطة النار على أحد سكان المنطقة مما أدى لوفاته.

وأدانت أسرة القتيل مارك دوغان أعمال العنف أمس، وأعربت عن «الانزعاج الشديد» من أعمال العنف التي قالوا إنها «لا علاقة لها بمعرفة ما حدث لمارك».

ومن جانبه قال نائب رئيس الشرطة البريطانية (اسكوتلنديارد) ستيفن كافانا، إن أعمال الفوضى التي نفذها مئات الشباب الذين أخفوا وجوههم من الكاميرات، «غير مسبوقة» وقال إن الشرطة تتعرض لضغوط «لم أشهدها من قبل». وقال إنه يجري دراسة استخدام الرصاص البلاستيكي، الذي استخدم خلال العنف الطائفي في آيرلندا الشمالية ولم يسبق استخدامه في بريطانيا من قبل، «كأحد الأساليب التي يمكن اللجوء إليها» لوقف العنف. وبدوره، نفى تيم جودوين، القائم بأعمال قائد الشرطة في لندن، في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وجود نية للاستعانة بالجيش لاحتواء أعمال الشغب الحالية.

وتعهد مسؤولون بريطانيون بمراجعة الترتيبات الأمنية للأولمبياد المقرر أن تستضيفها لندن العام المقبل بعد اتخاذ رابطة كرة القدم الإنجليزية قرار إلغاء المباراة الدولية بين إنجلترا وهولندا في استاد ويمبلي بلندن اليوم الأربعاء في خطوة غير مسبوقة.

وأعلنت الشرطة اعتقال أكثر من 650 شخصا في لندن وبرمنغهام بوسط إنجلترا بعد أعمال الشغب العنيفة التي جرت الأيام الثلاثة الماضية. وأوقفت الشرطة 525 شخصا في العاصمة، بينما أوقف 138 شخصا في برمنغهام. وقالت الشرطة إن بين الموقوفين «شبابا حديثي السن بشكل يثير الدهشة»، طالبة من أسرهم حضهم على عدم الخروج إلى الشوارع والمشاركة في أعمال الشغب.

وخلال الليلة قبل الماضية، أصيب 44 شرطيا على الأقل فضلا عن ما لا يقل عن 35 أصيبوا خلال الليلتين الماضيتين، بحسب الشرطة. ورغم مشاهد الدمار التي خلفتها ليلة من أعمال الشغب، قال المكلف بمهام رئيس الشرطة تيم غودوين إنه «لا يجري التخطيط لنشر الجيش» للتعامل مع الموقف.

وأعلنت الشرطة أمس عن سقوط أول قتيل منذ بدء أعمال العنف. ويتعلق الأمر برجل يبلغ من العمر 26 عاما، توفي في لندن أمس متأثرا بجروحه بعدما كان أصيب بالرصاص في سيارة مساء أول من أمس. وقالت الشرطة في بيان إنه عثر على القتيل الذي لم تكشف هويته الاثنين في سيارة عند قرابة الساعة التاسعة و15 مساء في حي كرويدون (جنوب). وكان الرجل «نقل إلى المستشفى في حالة حرجة». وأضاف البيان أن شابين كانا في المكان وبحوزتهما أغراض مسروقة اعتقلا.

وكانت أعمال العنف قد اندلعت السبت في منطقة توتنهام المختلطة عرقيا في شمال لندن في أعقاب احتجاج على مقتل دوغان قبل يومين. وبدأ تحقيق في ملابسات وفاة الشاب البالغ من العمر 29 عاما أمس، واستمع التحقيق إلى أنه توفي من جراء «رصاصة واحدة» أصابته في صدره بعد أن أوقفت وحدة خاصة بمكافحة جرائم السلاح لدى السود سيارة الأجرة التي كانت تنقله. وأشارت تقارير إعلام بريطانية إلى أن الشرطة ربما لم تكن عرضة لهجوم حينما فتحت النار على دوغان، الأب لأربعة أطفال.

واندلعت بعد ذلك أعمال شغب في مناطق أخرى الأحد، وانتشرت ليل الاثنين في أنحاء متفرقة من العاصمة من منطقة نوتينغهيل وكلابهام الأكثر ثراء إلى مناطق بيكام وهاكني الفقيرة وحتى مناطق باتجاه الأطراف في كرويدون وايلينغ.

وتفقد كاميرون بعض آثار الدمار في كرويدون بجنوب لندن، حيث تم إضرام النار في أبنية بأكملها بينها محال تجارية للأثاث تملكها إحدى الأسر منذ مائة عام، وأتت النار على الأبنية بعد أن خمدت ألسنة اللهب.

وكانت هاكني، وهي منطقة مختلطة عرقيا في شرق لندن، واحدة من المناطق الأكثر تضررا بالشغب الليلة قبل الماضية. فقد أضرم شبان ملثمون، في هذه المنطقة القريبة من مقر الألعاب الأولمبية التي تقام العام المقبل، النار في صناديق القمامة ودفعوها في اتجاه الشرطة وألقوا عليهم الزجاجات والحجارة. وجرى كثيرون أمام الشرطة وهم يضحكون فيما اتصل آخرون عبر هواتفهم الجوالة بالأصدقاء لدعوتهم للانضمام لهم. وامتلأت شوارع هاكني بالدخان الكثيف، فيما تعرضت المتاجر إلى الكثير من عمليات النهب. وقال أحد السكان المحليين رفض نشر اسمه: «الشبان ليس لديهم أي احترام للشرطة أو للممتلكات. إنه أمر محزن للناس الذين يعيشون هنا». وقالت امرأة في الحي «أنا لا أعرف لماذا يفعلون ذلك. هذا لا معنى له». وبدورها، قالت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن الاشتباكات في هاكني اندلعت بعد أن أوقفت الشرطة رجلا وقامت بتفتيشه. وبدا أن الشباب يستخدمون خدمة الرسائل المجانية على الهواتف الجوالة «بلاك بيري» لتنسيق الهجمات على المتاجر ورجال الشرطة. ووصف البعض الاضطرابات بأنها صرخة استغاثة من المناطق الفقيرة التي تعاني من التقشف الحكومي القاسي لمعالجة العجز الكبير في الميزانية مع تخفيض خدمات الشباب وغيرها من المرافق بشكل حاد. وقال اوزودينما ويجوي، 49 عاما، الذي تم تسريحه من وظيفته كعامل نظافة في الآونة الأخيرة «توتنهام منطقة محرومة. البطالة مرتفعة للغاية... إنهم يشعرون بخيبة أمل». وقال مسؤولون إنه لا يوجد مبرر.