الصحافة البريطانية: انتقادات للشرطة بسبب تأخرها.. ودعوات لاستخدام مدافع الماء

«لوموند» الفرنسية: ما يحدث في بريطانيا حرب أهلية يقودها «الهوليغانز» والأحياء المهاجمة تشبه «ساحات الحروب»

رجال إطفاء يعملون في منطقة سكنية أضرمت فيها النيران قرب حي كلابهام جانكشن جنوبي لندن أمس (أ.ب)
TT

وضع أداء الشرطة على المحك في أحداث الشغب التي تشهدها لندن منذ السبت الماضي، وإلى جانب السخط الشعبي تجاه عجز الشرطة عن توفير الحماية والأمن، تناولت الصحافة هذه المسألة بشكل موسع، وأثيرت مسائل أخرى ذات صلة مثل أحداث الشغب التي شهدتها منطقة بريكستون في بداية الثمانينات وقدرة الشرطة على حفظ النظام في الألعاب الأولمبية المقبلة.

افتتحت صحيفة «الديلي تلغراف» مقالها الذي جاء في صفحتها الأولى بأنه «يبدو أن الشرطة خسرت معركتها في استعادة السيطرة على شوارع لندن». وتحدثت الصحيفة عن رشق الشرطة بالألعاب النارية وقنابل الغاز وتهشيم سيارات شرطة وإشعال النار في سيارات أخرى.

كما قال المقال إن شرطة ويست ميدلاند أعلنت عن نزول قوات إضافية إلى الشوارع بعد أن عرفت من مواقع التواصل الاجتماعي أن أعمال الشغب تستهدف قلب برمنغهام. ولكن الصحيفة قالت إن هذه الاستراتيجية لم تنجح. ورغم إضافة أعداد جديدة لم يمكن هذا من السيطرة على الأوضاع. واشتكى سكان توتنهام لنيك كليغ نائب رئيس الوزراء البريطاني عند زيارته للمنطقة أنهم أحسوا بأن الشرطة قد هجرت منطقتهم قائلين «لم يكن هناك أحد لحمايتنا».

وحسب الصحيفة، فإن الشرطة قد أعلنت أنها تعاني خاصة من تعدد الحوادث التي يتم التنسيق لها باستعمال المواقع الاجتماعية مثل «تويتر» و«فيس بوك». وفي نفس السياق أعلن صناع بلاكبيري عن استعدادهم للتعاون مع المحققين.

كما عرضت الصحيفة تصريح لواء سابق بأن «شرطة لندن قد تفقد السيطرة على شوارع لندن». وقال إنه باستعمال الهواتف الجوالة ومواقع التواصل الاجتماعي يمكن لهؤلاء تغيير تجمعاتهم ووجهاتهم بسرعة فائقة. كما ذكرت الصحيفة أن الشرطة اعترفت بأنها سمحت للمشاغبين بسرقة المحلات التجارية مساء السبت لأنها كانت تحاول التركيز على عشرات المباني المشتعلة في منطقة توتنهام.

وبين أحد المسؤولين الذين شاركوا في مواجهة أعمال الشغب التي اندلعت في بريكستون سنة 1980 أنه لم يواجه مثل هذه الأحداث من قبل.

وفي «الديلي تلغراف» أيضا نشر مقال تحت عنوان «أرسلي مدافع الماء لإخلاء الشوارع» وهو نداء وجه لوزيرة الداخلية البريطانية تريزا ماي لدعوتها لتوجيه مدافع الماء للمرة الأولى في شوارع بريطانيا. خاصة مع فقدان سيطرة الشرطة على شوارع لندن. وقد طالب الكثير من البريطانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي الشرطة باستعمال الأسلحة في مواجهة أعمال الشغب. ومن أول المؤيدين لاستعمال مدافع الماء كان عمدة لندن السابق كن ليفينغستون الذي أكد أنه يوافق على السماح للشرطة باستعمال مدافع الماء، وقد استعملت من قبل في آيرلندا الشمالية لكن لم تستعمل من قبل في التراب البريطاني. ولكن وحتى وإن سمح باستعمالها فإنه وحسب متحدث من اسكوتلنديارد فإن الشرطة لا تمتلك مدافع الماء وعليها جلبها من آيرلندا الشمالية، حسب الصحيفة.

صحيفة «الإندبندنت» ركزت في عدد من مقالاتها التي نشرت حول أحداث لندن على المقارنة بينها وبين أحداث بريكستون سنة 1981 وجاءت هذه المقالات بأشكال إخبارية وتحليلية والتي عرضت الصحيفة من خلالها أن الأوضاع تغيرت منذ ذلك الوقت إلى الآن وبين بول فاليلي أنه رغم التشابه الكبير بين أعمال الشغب التي تحدث الآن والتي حدثت في 1981 من طرف الشرطة ضد مواطن أسود، كذلك سنة 1985 وعندما تسببت الشرطة في شلل لامرأة عند قيامهم بإيقاف ابنها، كل هذا وحسب الكاتب دفع الشرطة إلى اتباع خطط مدروسة بديلا عن العنف الذي تسبب لهم في المضي في جدل كبير وإحراج. كما تحدثت الصحيفة وفي مقال آخر عن أنه وفي أعقاب أحداث الشغب سيجري التفكير في الدروس التي يمكن أن تستفاد من أعمال العنف والسرقات، وقد انتقلت الأضواء إلى الشرطة. وتضيف الصحيفة في افتتاحيتها أن هناك أزمة ثقة مع الشرطة تعود إلى مقتل البرازيلي جان شارلز دي مينيزس، حين أصدرت الشرطة تقارير غير موثوقة عن أن دي مينيزس كان يرتدي معطفا فضفاضا (بما يسمح بالشك في أنه أخفى تحته متفجرات) وأنه حاول الفرار من الشرطة. وحين قتل بائع الصحف توملينسون عام 2009 أنكرت الشرطة أن ضابطا قد دفعه مما أدى إلى سقوطه.

وتعرضت الشرطة لانتقادات بسبب طريقة تعاملها مع أحداث الشغب، كما تقول الافتتاحية، فهناك من يتهمها بالتأخر في اتخاذ خطوات لمواجهتها، وهناك من يتهمها بالتقصير في حماية المتاجر التي تعرضت للنهب، ولم تقنع تعهدات الشرطة بملاحقة الذين نهبوا المحلات من خلال استخدام الصور التي التقطتها كاميرات الفيديو لهم، أحدا.

كما ترى أن الشرطة ليست في وضع سهل، فمن جهة إذا واجهوا الشغب بحزم سوف يتهمون بالاستخدام المفرط للقوة، أما إذا تعاملوا بشيء من التحفظ مع الوضع، كما فعلوا في البداية، فسوف يتهمون بالتفريط.

«الغارديان» أيضا تحدثت عن أزمة حادة تواجهها الشرطة في مواجهة الأزمة واعتبرت الصحيفة أن الشرطة فشلت في استعادة سيطرتها على الشوارع وأنها وللمرة الأولى تستعمل السيارات المصفحة في محاولة لإعادة الأمن وتوقعت الصحيفة أن استعمال السيارات المصفحة قد يتواصل في الأيام القادمة إذا ما تواصل الشغب.

«التايمز» وفي مقالها الافتتاحي تحدثت عن أنه و«رغم تحريك الآلاف من عناصر الشرطة، فإنه يبدو أن شرطة لندن عاجزة عن إيقاف عمليات السطو والنهب، وإضرام النيران في السيارات والحافلات». كما تحدثت الصحيفة عن نداء شرطة لندن بإخلاء الشوارع لتتمكن من مواجهة المعتدين، وعن أدائها الضعيف الذي اضطر وزيرة الداخلية ورئيس بلدية لندن لقطع عطلتيهما. كما تعرضت الصحيفة لمسألة الألعاب الأولمبية القادمة وحفظ الأمن خلالها.

«لوموند» الفرنسية تساءلت «كيف يمكن إيقاف أعمال العنف، التي تمكنت خلال ثلاثة أيام من اجتياح لندن ثم برمنغهام وبريستول وليفربول؟». واعتبرتها حربا أهلية يقودها الهوليغانز التي أبدت الشرطة إزاءها عجزا عن المواجهة.

وتحدثت «لوموند» عن عنوان «الغارديان»: «معركة لندن» والتي لخصت خطورة الأحداث التي انفجرت مساء الاثنين - على امتداد لندن. وتحدثت عن الأحياء التي تمت مهاجمتها والتي تشبه إلى حد كبير وحسب «لوموند»، «ساحات حروب». وتحدثت الصحيفة عن أن 10 في المائة فقط من مجمل 30 ألف شرطي كلفت بحفظ النظام، واستغربت الصحيفة من أن بريطانيا العظمى لا تمتلك مدفع مياه واحدا واستعماله محدود في آيرلندا الشمالية كما أشارت الصحيفة إلى احتمال اللجوء إلى الجيش.

كما أشارت الصحيفة إلى الدور السلبي لغياب المسؤولين الذين كانوا في إجازات مثل رئيس الوزراء ووزيرة الداخلية ووزير المالية وغيرهم.