مهاجر ألباني يشكو «تخلي» الحكومة الأميركية عنه

شهد ضد مجرم مقابل الإقامة ويخشى الآن الانتقام من عائلته

ديميراج مع زوجته وأبنائهما في منزله بتكساكس (نيويورك تايمز)
TT

منذ نحو عقد، طلب مدع عام فيدرالي في تكساس من إدموند ديميراج أن يشهد ضد ألباني عضو في عصابة إجرامية متهم بالاتجار في البشر. وقد طلب منه ذلك، لأنه كان يحوز معلومات عن القضية؛ إذ كان عمل مع عضو العصابة الإجرامية بيل بيديني، في شركة بناء وأرسل أموالا للخارج لحسابه. وكانت لدى المدعي العام وسيلة ضغط قوية على ديميراج؛ فقد كان هذا الأخير، وهو أيضا ألباني، يقيم في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني. وقال ديميراج إنهما كطرفين عقدا اتفاقا، فقد وعده المدعي العام بأنه إذا شهد في القضية، سيعيش هو وأسرته في أمان ولن يتعرض لهم أحد بأذى. غير أنه أفرج عن بيديني بكفالة وسرعان ما فر إلى ألبانيا. وبعدما لم يعد ديميراج شاهدا مهما بالنسبة لها، قامت السلطات الفيدرالية بترحيله أيضا إلى ألبانيا. كان بيديني في انتظار قدوم ديميراج. وقام باختطافه وضربه وإطلاق الرصاص عليه. ولاحق بيديني أيضا أفراد أسرة ديميراج، حيث قام باختطاف ابنتي أخيه وأجبرهما على ممارسة البغاء في إيطاليا. وقال وهو يضرب الفتاتين اللتين كانتا تبلغان من العمر 19 و21 عاما: «هذا انتقام من عمكما إدموند عما حدث لي في الولايات المتحدة».

وتم التطرق للرواية المروعة في قرار صدر مؤخرا عن محكمة الاستئناف الفيدرالية ووثائق مرتبطة بالقضية خاصة بالمحكمة. واشتمل الحكم، الصادر في يناير (كانون الثاني) الماضي على أخبار جيدة، فقد نجا ديميراج من الطلق الناري، وهربت ابنتا أخيه بفضل «الصدفة البحتة وسائق سيارة أجرة طيب القلب»، مثلما أشار قاض. ويقيم ديميراج وابنتا أخيه الآن بشكل قانوني في الولايات المتحدة. ويملك شركة طلاء بالقرب من هيوستن تكساس. لكن القرار الصادر في يناير (كانون الثاني) حمل أيضا أخبارا سيئة بالنسبة لديميراج. فقد قضى بترحيل زوجته رودينا وابنه المراهق رديول، اللذين عاشا في الولايات المتحدة منذ أن دخلاها بشكل غير قانوني في عام 2000. (الولدان الصغيران لديميراج ولدا في الولايات المتحدة).

وأرقت ديميراج فكرة أنه سيتم إجبار أفراد أسرته على العودة إلى ألبانيا. وقال ديميراج في مكالمة هاتفية منذ بضعة أيام بلغة إنجليزية متلعثمة: «بيل بيديني شخص خطير». وأضاف: «بالتأكيد سيقتل ابني. وربما يقتل زوجتي وربما يجبرها على العمل بالبغاء». ولم تشكك الحكومة الأميركية في حقيقة أي من هذه الاحتمالات. وقالت جينيفر خوري، وهي محامية بوزارة العدل في مرافعة محكمة الاستئناف في ديسمبر (كانون الأول) «هناك احتمال أن تتعرض زوجة ديميراج لمشكلات». وأضافت «لا أقول إنها لن تتعرض لأي أذى في ألبانيا. ما أقوله هو أنها لم تواجه بعد العبء القانوني الثقيل الخاص بالحصول على حق اللجوء السياسي».

وفي قرار منفصل، وافقت لجنة مكونة من ثلاثة قضاة تابعة لمحكمة الاستئناف الفيدرالية في نيو أورليانز على هذا الرأي. وقالوا إن القانون الفيدرالي ينص بالفعل على أنه ربما يمنح حق اللجوء السياسي، حينما يخشى شخص أجنبي من تعرض أفراد أسرته لمضايقات بسببه. غير أن أغلبية القضاة أضافوا أن زوجة ديميراج وابنه المراهق لم يتأهلا للحصول على حق اللجوء السياسي. لكن حجتهم احتاجت دقيقة لاستيعابها.

وكتبت القاضية كاثرينا هاينز «زوجة ديميراج معرضة لخطر لأن بيديني يسعى لإيذاء ديميراج عن طريق إلحاق الأذى بها، وليس لأن لديه رغبة بشكل عام في إيذاء أسرة ديميراج». وأضافت: «لن تحظى زوجة ديميراج بقدر أكبر من الأمان في ألبانيا إذا ما طلقت من ديميراج ولم تعد من أفراد أسرته، كما أنها لم تكن لتحظى بالأمان لو كانت عشيقة ديميراج لسنوات عديدة وليست زوجته».

تبدو حجة منطقية. لكن ليس تشويها للغة الإنجليزية بالمثل أن نقول إن بيديني يرغب في إيذاء ديميراج وابنه «بسبب» علاقتهما الأسرية بإدموند ديميراج. تلك هي الصورة التي فسرت بها محاكم الاستئناف الفيدرالية الأخرى قانون اللجوء السياسي. ومن المرجح أن تقرر المحكمة العليا ما إذا كانت ستستمع إلى الطعن المقدم على قرار محكمة الاستئناف هذا الخريف أم لا. ويقول محامو الأسرة إن لديهم ما هو أكثر من القانون في صفهم. «بدلا من مكافأة ديميراج على مخاطرته بحياته من أجل حمايتنا من عضو عصابة لا يعرف الرحمة، ألقت الحكومة بأسرته في براثن العصابة»، هذا ما قاله إي جوشوا روسينكرانز، وهو محام لدى شركة «أوريك هيرينغتنون وسوتكليف»، التي تمثل الأسرة. وأضاف «إنه أسلوب غير أخلاقي وغير قانوني وطائش أيضا أن نتعامل مع أصدقائنا بهذه الصورة، وسرعان ما لن يتبقى لنا أي أصدقاء يمكنهم حمايتنا».

وقد تلقى القضاة مجموعة مذكرات قانونية مدعمة من جماعات حقوقية وأساتذة قانون، تحث المحكمة على سماع الدعوى. غير أن أكثر المذكرات القانونية غرابة كانت تلك التي أرسلها 40 مسؤولا سابقا عن تنفيذ القوانين الفيدرالية، بينهم ديك ثورنبرغ، الذي عمل نائبا عاما في عهد الرئيسين رونالد ريغان وجورج بوش الأب، وويليامز سيشنز، الذي عمل مديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي في ظل ثلاث إدارات أميركية.

وقالوا إن قرار محكمة الاستئناف «يقلل من احتمال تعاون المطلعين على بواطن الأمور الذين يلعبون دورا حاسما في الحرب ضد الجريمة الدولية المنظمة مع مسؤولي تنفيذ القوانين». وقال ديميراج إن مارينا جارسيا مارموليجو، مساعدة المدعي العام في الولايات المتحدة، كانت قد وعدته بإبقائه في أمان هو وأسرته. وقال «هذه السيدة تأتيني في أحلامي دوما لأنها عرضت حياتي للخطر». وأضاف بانفعال شديد «لقد دمرت حياتي تماما».

ولا يتوقع أن تعلق مارموليجو، المرشحة حاليا لتولي منصب قاض فيدرالي، على هذا الحديث وقامت بإحالة كاتب المقال إلى مكتب مدعي عام الولايات المتحدة. وهناك، رفضت متحدثة باسمه التعليق على الأمر. ويلخص ديميراج الموقف في الجملة التالية: «يمكنهم سحقك والتعامل معك كحثالة».

* خدمة «نيويورك تايمز»