الرئاسة اليمنية: صالح سيعود إلى البلاد بعد فترة النقاهة

قيادي في الحزب الحاكم لـ «الشرق الأوسط» : عودة الرئيس هي جزء من الحل وليست جزءا من المشكلة

صورة لمحتجين يمنيين مطالبين برحيل نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في صنعاء، أمس (إ.ب.أ)
TT

قال مصدر في رئاسة الجمهورية اليمنية إن الرئيس، علي عبد الله صالح، «سيعود إلى البلاد بعد فترة نقاهته المحددة من قبل الأطباء».

وفي هذا السياق قال عبد الحفيظ النهاري، رئيس الدائرة الإعلامية في المؤتمر الشعبي العام (الحاكم)، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن: «إن الشعب اليمني ينتظر عودة الأخ الرئيس لممارسة مسؤولياته الدستورية، وعودته ليست محل نقاش، بل إن المؤتمر الشعبي العام والشعب اليمني ينتظران عودة الأخ الرئيس، لأن عودته ضرورية لإدارة الأزمة، لأنه صمام أمان ومحل اطمئنان لكل الفرقاء»، وأضاف النهاري: «إن ما تناولته بعض وسائل الإعلام من شائعات ليست إلا فقاعات لا سند لها»، وفي ما يخص الموقف الأميركي من عودة الرئيس قال النهاري: «الموقف الأميركي الآن أكثر تفهما من أي وقت مضى لحقيقة الوضع في اليمن، وهم يدركون أن عودة الرئيس هي جزء من الحل وليست جزءا من المشكلة، كما أن الأميركيين يتفهمون ضرورة أن يتم التغيير على أساس المرجعيات الدستورية والشعبية»، ونفى النهاري علمه بوجود مفاوضات غير معلن عنها تجري في الرياض بين السلطة والمعارضة، وقال النهاري: «إننا في اليمن نشكر الأشقاء والأصدقاء على جهودهم المبذولة للحفاظ على وحدة وأمن واستقرار اليمن، غير أنه لا علم لنا بمفاوضات غير معلنة، وإن وجدت فنحن لا نتوجس ولا نقلق منها لأن التفاوض والحوار هما السبيل الوحيد لإحداث التغيير».

وذكرت مصادر دبلوماسية، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة حثت الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على عدم العودة إلى اليمن والبقاء في السعودية حيث يتماثل للشفاء من جراح أصيب بها في محاولة لاغتياله أثناء انتفاضة شعبية ضد حكمه. وأضافت المصادر في تصريح نقلته وكالة أنباء «رويترز» أن الرسالة نقلت مباشرة إلى صالح الذي غادر يوم الأحد المستشفى في الرياض حيث كان يتلقى العلاج بعد هجوم بقنبلة في قصره في صنعاء في الثالث من يونيو (حزيران) أصابه بحروق خطيرة وبجروح أخرى. ولم تبين المصادر ما إذا كان صالح قبل الطلب الأميركي أم لا.

وكان مسؤولون يمنيون قد أكدوا أن الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية ضغطتا على الرئيس صالح للبقاء في السعودية بعد مغادرته المستشفى العسكري في الرياض حيث ظل يتلقى فيه العلاج من جروح أصيب بها في محاولة اغتيال له وقعت مطلع يونيو (حزيران) الماضي. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية على لسان مسؤولين يمنيين، تحدثوا شريطة عدم ذكر أسمائهم، قولهم: «إن الولايات المتحدة والسعودية حذرتا صالح من أن عودته إلى اليمن من المحتمل أن تشعل حربا أهلية». وقال أحد المسؤولين المقربين من صالح للوكالة ذاتها: «إن الرئيس رضخ على مضض للضغط الأميركي السعودي للبقاء في الرياض»، وأضاف: «سيواصل (صالح) الإصغاء إليهم إلى أن يتحسن بشكل كامل من جروحه ثم بعد ذلك سيقرر ما سيقوم به». لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، قال: «إن ذلك يعود لصالح لتقرير ما إذا كان سيبقى في المملكة العربية السعودية أو العودة إلى وطنه»، مضيفا: «الأمر المهم هو أن يتم نقل السلطة بشكل فوري بغض النظر عما سيقرره صالح».

وفي السياق ذاته قال السفير الأميركي لدى اليمن، جيرالد فايرستاين، إن ما يهم واشنطن هو أن ينقل الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، سلطاته لنائبه، عبد ربه منصور هادي، وأن يطبق المبادرة الخليجية ويتخلى عن منصبه. وشدد على أن القرار بشأن مكان إقامة صالح متروك له وللشعب اليمني. وقال فايرستاين إن واشنطن تثق بنائب الرئيس. وأضاف: «منذ الثالث من يونيو الماضي التقيت هادي 12 أو 13 مرة، ونحن نثق به، وقد التقى عددا من المسؤولين الأميركيين، وأعتقد أنه يحظى بالثقة الكاملة من واشنطن ليس فقط لإنجاز انتقال السلطة بل لقيادة اليمن أيضا خلال المرحلة الانتقالية». وأضاف فايرستاين: «على الرئيس اليمني إنهاء الانتقال السلمي للسلطة فورا سواء كان في اليمن أو خارج اليمن المهم أن يبدأ بإجراءات نقل السلطة فورا. لا نعتقد أنه بالإمكان الانتظار، وثقتنا كاملة بهادي لإتمام الانتقال، وكل ما ننتظره هو أن يوقع الرئيس صالح على المبادرة الخليجية أو أن يبدأ نقل السلطات الآن». وأضاف في حديث لـ«راديو سوا»: «نحن نعتقد أن مفتاح معالجة المشكلات السياسية والاقتصادية والأمنية في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال حل مسألة انتقال السلطة في البلاد، ووصول قيادة جديدة تدير هذه الدولة. ونعتقد أننا لو تمكنا من تحقيق ذلك فإن الشعب اليمني والمجتمع الدولي سيكونان قادرين على معالجة بقية الصعوبات التي تواجه اليمنيين».

وعلى صعيد الإعداد للمرحلة الانتقالية، حددت أحزاب اللقاء المشترك يوم السابع عشر من شهر رمضان الحالي موعدا لانعقاد الاجتماع التأسيسي للجمعة الوطنية لقوى الثورة الشعبية السلمية التي وصفت بأنها «ستشكل الحاضن الوطني للثورة الشعبية»، وقال بلاغ صحافي صادر عن تكتل المعارضة إن الجمعية الوطنية «ستختار من بينها مجلسا وطنيا يتولى قيادة قوى الثورة واستكمال عملية التغيير الثوري والسياسي وتلبية تطلعات اليمنيين، وفي مقدمتها شباب وشابات الثورة نحو الدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية، لتفتح أمام اليمنيين أفق إعادة صياغة مستقبلهم المأمون وبما يمكنهم من اللحاق بركب العصر بإذن الله».

وعلى الصعيد الأمني، قتل جندي وجرح آخرون في هجوم نفذه مسلحون مجهولون على دورية أمنية في مدينة عدن، فجر أمس، وحسب شهود عيان فإن الهجوم وقع في حي خور مكسر الراقي بعدن. وتعيش عدن، التي تعد العاصمة الاقتصادية لليمن، أوضاعا أمنية صعبة كما هو الحال مع باقي المحافظات اليمنية، غير أن الوضع في عدن أكثر توترا بسبب قربها من محافظة أبين التي تشهد مواجهات مسلحة مع عناصر تنظيم القاعدة.

وفي الوقت الذي تتواصل المواجهات في محافظة أبين بين قوات الجيش في اللواء العسكري «25 ميكا» الذي يسانده مسلحون قبليون، ومسلحين تقول السلطات إنهم ينتمون لتنظيم القاعدة، فإن أعداد النازحين جراء هذه المواجهات التي تدور في محافظة أبين، في تزايد مستمر، حيث كشفت مصادر حكومية يمنية أن عدد النازحين جراء القتال في أبين بلغ أكثر من 100 ألف نازح ونازحة. وقالت المصادر، عقب مباحثات حكومية مع المنظمات العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية باليمن، إن 75 ألف نازح من أبين يوجدون في محافظتي عدن ولحج المجاورتين، في حين ينتشر 25 ألف نازح ونازحة في مناطق متفرقة من المحافظة. وكشف تقرير لوزارة الصحة اليمنية عن جهود تبذل بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية و«اليونيسيف» ومنظمة «أطباء بلا حدود»، من أجل «احتواء الوضع الوبائي للإسهال، ورفع مستوى الوقاية الصحية للنازحين تجنبا لحدوث أي أمراض وبائية من خلال كلورة مياه الشرب وتنفيذ حملات تحصين وإجراء مسوحات حشرية لنواقل الأمراض لمراقبة ورصد الأمراض المنقولة بالبعوض».