نيجيرفان بارزاني: ليست هناك دعوة أحادية لبقاء القوات الأميركية في العراق

أكد لـ «الشرق الأوسط» أن مشاورات بارزاني تجري في إطار موقف الكتل السياسية العراقية

TT

أكد الرجل الثاني في قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني نيجيرفان بارزاني أن «قيادة إقليم كردستان سبق أن أبدت موقفا واضحا من مسألة بقاء القوات الأميركية في العراق، وأكدت صراحة أن العراق بحاجة ملحة لمساعدة أميركية لتعزيز وضعه الأمني، وبالتالي فإن هناك حاجة لبقاء جزء من تلك القوات لحين تحقيق جاهزية كاملة للقوات الأمنية العراقية لكي تتحمل مسؤولياتها في حماية العملية الديمقراطية التي ضحى العراقيون من أجلها لسنين طويلة».

وقال بارزاني، في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط»: «إن قيادة إقليم كردستان تتعامل مع هذه القضية باعتبار أن الإقليم جزء من العراق الاتحادي، ولقد عبرنا بشكل واضح عن موقفنا هذا ولم نخفِه عن أحد، وقلنا بصراحة تامة إن العراق ما زال بحاجة ملحة إلى بقاء تلك القوات، لكن الحديث الذي يدور حول دعوة السيد رئيس الإقليم بتثبيت جزء من القوات الأميركية في كردستان هو حديث غير صحيح على الإطلاق، فخطوات رئيس الإقليم والمهام التي يعمل عليها تندرج في إطار المشاورات الجارية على مختلف الصعد السياسية بين الكتل والقوى العراقية فيما يتعلق بهذه المسألة، وإن السيد رئيس الإقليم لن يكون له موقف أحادي بهذا الجانب، بل إن الأمر سيُحسم وفقا لمشاورات جميع المكونات السياسية العراقية، ولن تحيد قيادة الإقليم عن توافق تلك القوى في التعامل مع المسألة».

وحول إبداء القوات الأميركية استعدادها لنشر قواتها على الجانب الحدودي لإقليم كردستان ردا على التهديدات الإيرانية المتواصلة للإقليم، قال بارزاني: «القصف الإيراني بات يؤثر بشكل كبير على حياة السكان هناك، قبل سنتين كان الوجود الأميركي في العراق فاعلا، وكانت القوات الأميركية تتحمل مسؤولية أخلاقية وسياسية وعسكرية في بلدنا، في تلك الأثناء عندما كانت إيران تقصف كان هدفها هو جس نبض الأميركيين ومعرفة رد فعلهم، لكن الأميركيين لم يبدوا أي رد فعل تجاه ذلك القصف، وشجع هذا الموقف إيران لتتجرأ بشكل أكبر في تهديد أمن كردستان، ولنكن واقعيين، فإقليم كردستان، كمبدأ ثابت، يلتزم بمبدأ عدم استخدام أراضيه تحت أي ظرف كان لتهديد دول الجوار، سواء أكانت إيران أم تركيا، وهذا مبدأ لن نحيد عنه، وقد أثبتنا خلال الفترة الماضية أننا عامل استقرار وليس فوضى في المنطقة، والقصف الإيراني يأتي بحجة وجود نشاطات عسكرية لحزب بيجاك، وهي نشاطات لا تقتصر فقط على مناطق الحدود المشتركة، بل تجري معظمها داخل العمق الإيراني، وأقول بصراحة: إن إقليم كردستان يرفض بالمطلق تلك العمليات داخل إيران، فنحن نعتقد أن مثل هذه العمليات العسكرية لبيجاك لا تخدم القضية الكردية في إيران، بل إن الضغط سيزداد على الشعب الكردي، وعليه أعتقد أن على هذا الحزب أن يتفهم خطورة هذه الأعمال وأن يبادر بوقف نضاله المسلح ضد إيران وأن يتجه نحو النضال السياسي السلمي».

ولم يخفِ بارزاني مخاوف القيادة الكردية من تطورات الوضع الأمني في المناطق المتنازع عليها، خصوصا التهديدات المتواصلة للسكان الأكراد في منطقتي السعدية وجلولاء وقال: «أنا أعتقد أن مشكلة المناطق المتنازع عليها وعدم حلها وفقا للنصوص والمبادئ الدستورية لا تتحملها الحكومة العراقية فحسب، بل إن جزءا كبيرا من تلك المشكلة يتحملها الجانب الأميركي أيضا، فالأميركيون كانوا مقصرين في تحمل المسؤولية، ولم نلمس من الجانب الأميركي أي خطوات جدية لمساعدة العراقيين لتجاوز هذه المشاكل وحلها، سواء ما يتعلق بالنزاعات حول كركوك أو المناطق الأخرى، كان يفترض بالقيادة العراقية، وكذلك بالجانب الأميركي، أن يضعا هذه المسألة وكيفية حلها في سلم أولوياتهما، والمشكلة الأساسية هي أننا لا نجد إرادة حقيقية وفعلية من الجانب العراقي لحل المشاكل العالقة بين الإقليم وبغداد، ونعتقد أنه من دون وجود تلك الإرادة للحل فإن بقاء أو رحيل القوات لأميركية من العراق لن يغير شيئا، فلا بد أن يأتي يوم ترحل فيه تلك القوات، المهم أن تكون هناك إرادة حقيقية لدى القيادة العراقية لحل المشاكل العالقة، لكي نتمكن من إعطاء نموذج حي للتعايش السلمي والأخوي بين المكونات العراقية من الكرد والعرب والتركمان وغيرهم، ودعني أصارحكم بالقول إننا، للأسف، لا نجد مثل هذه الإرادة لدى القيادة العراقية حتى الآن، بل على العكس نجد تزايد التهديدات على المكون الكردي في منطقتي جلولاء والسعدية تحديدا، وهذا يدل، بشكل قاطع، على عدم وجود تلك الإرادة، فما يجري هناك عملية متكاملة ومنظمة لإفراغ المنطقة من المكون الكردي عبر الترهيب والترغيب وارتكاب جرائم القتل والتشريد، المدعوم من قبل الجيش العراقي الذي كنا ننتظر أن يتحول هذا الجيش بعد سقوط النظام الديكتاتوري إلى جيش وطني يمثل العراقيين كلهم، وليس أن يكون جزءا من عملية ترويع السكان الآمنين».

وبسؤاله عن الدعوات المتكررة من قبل سكان تلك المناطق لإرسال قوات البيشمركة لحمايتهم، قال بارزاني: «نحن الآن في طور الدعوة لحل مشكل تلك المنطقة عبر الحوار الوطني؛ فهناك رسالة موجهة من وزيري الداخلية والبيشمركة بحكومة كردستان لعقد اجتماع عاجل للجنة الوزارية الأمنية العليا التي تضم وزيري الدفاع والداخلية العراقيين، وأن يخصص ذلك الاجتماع حصرا لموضوع التهديدات الإرهابية في منطقتي جلولاء والسعدية، ونحن ننتظر نتائج ذلك الاجتماع المرتقب، وفي حال استمر الحال على ما هو عليه حاليا، فإن قيادة إقليم كردستان ستتخذ كل خطوة لازمة لحماية أبنائنا من سكان كردستان في تلك المناطق».