الوضع السوري كاد يفجر جلسة البرلمان اللبناني.. وحزب الله يتهم المعارضة بـ«اللعب بالنار»

نواب من الموالاة والمعارضة تقاذفوا «الشتائم» واقتربوا من العراك

سوريون يسعفون أحد المتظاهرين في سقبا بريف دمشق بعد اصابته برصاصة
TT

كاد الوضع المتفجر في سوريا أن يفجر أمس جلسة مجلس النواب اللبناني التي تحولت من جلسة تشريعية لسن القوانين، إلى منازلة سياسية قاسية اقتربت من العراك بالأيدي، وهي بدأت مع مهاجمة بعض نواب المعارضة للحكومة على خلفية موقف لبنان في مجلس الأمن حيال ما يجري في سوريا وعدم إبداء الحكومة أي تعاطف مع ما يتعرض له الشعب السوري، والرد القاسي لعضو كتلة حزب الله علي فياض الذي رأى أن «المعارضة فقدت رشدها وتمارس سياسة طائشة، وهي تلعب بالنار وتدفع بلبنان نحو الخراب». وقد طبعت النقاشات في القضايا الخلافية بالشتائم والألفاظ النابية التي تقاذفها نواب الموالاة والمعارضة، والتي كادت تصل إلى حد التشابك بالأيدي والعراك لولا تدخل بعض النواب للفصل بين زملائهم، وحسم رئيس المجلس النيابي نبيه بري هذا الخلاف على طريقته المعهودة.

فقد شكلت مداخلة عضو كتلة حزب الله النائب علي فياض المادة التي أشعلت النقاش السياسي في الجلسة، عندما قال: «إن الوضع في البلد لا يزال يكرر نفسه، وأحب أن أؤكد على أهمية الاستقرار في هذه المرحلة لنساعد على إطلاق عجلة الدولة ومواجهة التحديات والمخاطر ونحن أحوج في هذه الظروف إلى أن نحمي البلد». وإذ أكد أن «أداء الحكومة واعد ويدرك المخاطر»، أشار إلى أن «أداء المعارضة يسير في الاتجاه المعاكس، ويبدو أن المعارضة فقدت رشدها وتمارس سياسة طائشة، أقول بموقع الحرص والوطنية التي تدعو لإدراك المخاطر في هذه المرحلة، الجموح في استهداف الأكثرية يؤدي إلى إضعاف الموقف الوطني العام». وأضاف: «أحد الزملاء لمح إلى أنه سيرسل رسالة إلى المجتمع الدولي لمقاطعة الحكومة، وهذا أمر غير دستوري وسمعنا كلاما عن إمداد الثورة السورية بمقومات الصمود، وهذا أمر لا يصدق». وأضاف: «هذا الكلام يحفز مهربي السلاح الذين قبضت عليهم الأجهزة اللبنانية. ما يجري الآن هو اللعب بالنار. أتهم المعارضة بأنها تدفع البلاد إلى الخراب فيما لو أمعنت بهذه السياسة، وأدعو الحكومة إلى التنبه إلى موضوع مهربي السلاح وإلى متابعة جدية لموضوع تهريب السلاح».

وهنا رد عضو كتلة القوات اللبنانية النائب فريد حبيب، قال: «هذا الكلام الذي وجهه الزميل فياض غير مقبول، نحن نريد أن تقبض الدولة على مهربي السلاح، وتكشف هوياتهم».

أما الرد الأعنف على كلام فياض، فجاء من عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت، الذي قال: «لا نستطيع أن نتكلم بالاستقرار مع تنزيل القمصان السود، ولا نتكلم بالاستقرار عندما ينزل السلاح كل فترة في بيروت، وعندما لا نسمح للحكومة أن تعبر عن سياستها لدرجة نتساءل هل الانقلاب الذي حصل في يناير (كانون الثاني) هو للاستيلاء على النفط». فرد بري «هذا ليس انقلابا، هذه عملية ديمقراطية، لأول مرة في التاريخ تحصل»، فعقب فتفت «نحن دعاة الاستقرار، وضد استعمال السلاح والمقاومة الحقيقية هي ما يقوم به الجيش اللبناني، هكذا يكون لدينا مقاومة لا أحد يزايد علينا بالاستقرار، وتمنى أن يرد علينا رئيس الحكومة بقصة لاسا (النزاع على ملكية أراض بين الموارنة والشيعة في منطقة جبيل)، وانفجار الرويس (في ضاحية بيروت الجنوبية) وضرب المتظاهرين أمام السفارة السورية».

ولم يمر نواب حزب الله على كلام فتفت من دون رد، فسأل النائب حسن فضل الله «أين أصبح التحقيق من حفلة الشاي» (في إشارة إلى تقديم عناصر من قوى الأمن الداخلي الشاي لجنود إسرائيليين عند احتلالهم ثكنة مرجعيون خلال حرب يوليو/تموز 2006 وحينها كان فتفت وزيرا للداخلية)، فخاطب فتفت رئيس المجلس النيابي «لقد فتح تحقيق بما حصل ووضع تقرير مفصل فيه، وهذا التقرير موجود عندك يا دولة الرئيس».

ولم تنته الأمور عند هذا الحد، إذ أنه وخلال إدلاء عضو كتلة المستقبل النائب هادي حبيش بمداخلته، تطرق إلى ما حصل بعد جلسة محاكمة القيادي في التيار الوطني الحر في 28 الشهر الماضي، فاستغرابه إعلان النائب (العوني) نبيل نقولا سقوط القضاء والقانون والدولة. فسأل بري النائب حبيش «لماذا تقرأ مداخلتك من الورقة؟»، فأجاب نقولا «لأنهم كتبوها له». فانتفض حبيش قائلا لنقولا «واحد متلك بيكتبولوا الكلمات». وهنا ساد هرج ومرج داخل القاعة، وتبادل نواب من الطرفين العبارات النابية التي وصلت حد الشتائم، واندفعوا باتجاه بعضهم البعض، لكن زملاء فصلوا بين المتخاصمين وحالوا دون وصولهم إلى بعضهم ومنعوا وقوع تشابك وعراك كان محتوما، كما تدخل الرئيس بري بمطرقته وصارخا بالنواب داعيا إياهم إلى العودة إلى مقاعدهم، وأمر بشطب كل العبارات النابية من محضر الجلسة.

وكان بري افتتح الجلسة عند العاشرة من قبل ظهر أمس، وأعطى الكلام بداية لوزير الداخلية مروان شربل الذي تحدث عن «مشكلة السجون التي هي من أكبر المشكلات الموجودة، والتي تبدأ بالاكتظاظ وغياب المراقبة القضائية على تنفيذ الأحكام»، لافتا إلى «أهمية موضوع العفو الذي هو أقل أمر يعطى للسجين»، وقال: «السجين كإنسان لا يعامل بالشكل اللائق والحق على قانون العقوبات، هناك حل إما أن نعدل قانون العقوبات أو نستحدث سجونا جديدة». وتمنى «حل هذه القضية قبل أن تصبح كرة نار تلقى في وجه المجلس النيابي». فاحتج عدد من النواب على كلام وزير الداخلية، فرد عليه عضو كتلة المستقبل النائب محمد قباني فقال: «عيب هذا الكلام، أنت لست ضابطا هنا»، وتدخل بري فأكد أن «العبارة الأخيرة تشطب من المحضر»، معتبرا كلام الوزير بأنه «صرخة ولا نقف عند كلمة». أما وزير الداخلية فقال: «أعتذر عن ذلك».

أما على صعيد التشريع فقد أقر مجلس النواب عددا من مشاريع القوانين، لكنه لم يقر اقتراح القانون المقدم من رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون القاضي باقتطاع مليار ومائتي مليون دولار لوزير الطاقة والمياه جبران باسيل لإنتاج 700 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، بعدما لاقى الاقتراح اعتراضا من معظم النواب بمن فيهم نواب جبهة النضال الوطني، إذ اعتبروا أن هذا الاقتراح جاء بصيغة مختصرة وطلبوا من الحكومة أن تعمد إلى تقديم شرح مفصل حول الخطة وعرضها على الهيئة العامة للمجلس بعد أسبوعين.